العصور الوسطى في أوروبا
يطلق المؤرخون العصور الوسطى على الحقبة التاريخية الواقعة بين القرن الرابع ميلادي والقرن السادس ميلادي، وقد حاول المؤرخون تحديد بداية العصور الوسطى ونهايتها، فبعض المؤرخين قال أن بدايتها كانت عند سقوط الإمبراطورية الرومانية، بأيدي البرابرة الجرمانين في عام 476 ميلادي، وبعض المؤرخين قال أن بداية العصور الوسطى، عندما تم بناء مدينة القسطنطينية في عام 330 ميلادي، وقد أصبحت تلك المدينة عاصمة الإمبراطورية الرومانية بدلاً من روما.
كما يرى بعض المؤرخين أن بداية القرون الوسطى، عندما تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى إمبراطوريتين، القسم الشرقي وعاصمتها القسطنطينية والقسم الغربي عاصمتها روما، وكما يرى بعض المؤرخين أن بداية الديانة المسيحية في القرن الرابع ميلادي، كانت فترة بداية القرون الوسطى، وهناك من يعدّ فترة الغارات البربرية، في القرن الخامس ميلادي، وتشّكل الممالك الجرمانية هي فترة بداية العصور الوسطى.
نهاية العصور الوسطى
اختلفت أيضاً أراء المؤرخين في تاريخ نهاية العصور الوسطى، فبعضهم يرى أن نهايتها كانت عند سقوط الإمبراطورية البيزنطية والقسطنطينية، بأيدي الأتراك العثمانيين في عام 1453، والبعض يرى أنه تم نهايتها عندما تم اكتشاف أمريكا في عام 1492، وبعضهم يرى أن نهاية القرن الوسطى، كان في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس عشر ميلادي، عندما تم اكتشاف الطباعة في عصر الثقافة.
كما أن تحديد فترة بداية ونهاية القرون الوسطى بوقت معين، أمر فيه مبالغة بشكل كبير، حيث أنه من الصعب تحديد بشكل دقيق، بداية ونهاية القرون الوسطى، وذلك لكثرة الأحداث التاريخية فيها، حيث أن التاريخ وحدة حية، لا يمكننا تقسيمه إلى أقسام؛ وذلك لأن العصور التاريخية متداخلة في بعضها البعض، حيث من الصعب تحديد عصر معين بتاريخ محدد؛ وذلك بسبب التغيرات الكثيرة التي تحدث في تلك الفترات، حيث أنها تحتاج إلى فترة زمنية طويلة، وبل وتحتاج إلى قرون، حيث أن بعض معالم العصر السابق تبقى سائدة في العصر اللاحق حتى نهايته.
وبهذا يعتبر التاريخ يعتبر وحدة متكاملة، ويتميز التطور التاريخي بالاستمرار، وهو سلسلة متصلة الحلقات، تتداخل أحادثها في بعضها البعض، ويتم تقسيم التاريخ بسنوات معينة، كوضع راسيات على الطريق الطويلة لتحديد المسافات، حيث أنه من الصعب تاريخ معين لبداية ونهاية تاريخ معين، إلا أنه من الأرجح تحديد فترة القرن والرابع والخامس ميلادي، فترة محددة للقرون الوسطى، حيث حدثت تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية.
فأصبحت تلك المظاهر تختلف كل الاختلاف عمّا كانت عنه في العصور القديمة، والطباعة والنهضة والثقافة في أوروبا، منذ نهاية العصور الوسطى، حتى بداية العصور الحديثة، حيث نلاحظ في العصور القديمة تعتبر المسيطرة العالمية بين الأمم وتشكّل الإمبراطوريات، الإمبراطورية المصرية والفارسية والآشورية والرومانية والمقدونية، إلا أن الإمبراطورية الرومانية ضربت الرقم القياسي، وأصبحت الإمبراطورية الرومانية دستور البشرية.
وفي القرن الخامس ميلادي، سقطت الإمبراطورية الرومانية بأيدي البرابرة الجرامانين وسقطت روما، حيث تم تشكيل في تلك الإمبراطورية ممالك بربرية جديدة، كمملكة الفرنجة في فرنسا، ومملكة القوط الغربيين في إسبانيا، مملكة القوط الشرقيين في إيطاليا، مملكة الوندال في شمال أفريقيا، وبذلك حلَّت المدن الكثيرة مكان الوحدة، حيث قامت عدة دول مكان الإمبراطورية، حيث نلاحظ في أوروبا في العصور الوسطى، لم تقم هناك أية إمبراطوريات كبرى، حيث تم إقامة إمبراطورية “شارلمان الكارولنجية”، والتي كانت ذات سياسة عظيمة، إلا أنها سرعان ما تفتت تلك الإمبراطورية إلى ممالك صغيرة.
وقد كانت تلك الممالك تتناحر وتتصارع فيما بينها، وهكذا قد أصبح العالم الأوروبي مقسماً في العصور الوسطى، إلا أنه بقي يسعى في تحقيق الوحدة، والعودة في إقامة إمبراطورية، والمحاولة في محاولة إيجاد كنيسة أوروبية موحدة، إلا أن القوات الدينية والمدنية في أوروبا، بقيتا تتصارعان طوال فترة العصور الوسطى، دون الوصول إلى نصر، وبذلك بقيت الدول الأوربية مقسمة.
وقد كانت الإمبراطورية الرومانية في العصور الوسطى، بتطبيق نظام العبودية في الإنتاج، ويعني ذلك أن العبيد كانوا يشكلون الطبقة الأساسية المنتجة في المجتمع الروماني القديم، وقد تناقص عدد العبيد في أوروبا في القرنين الرابع والخامس ميلادي.
وأصبحت طبقة الفلاحون الذين كانوا مرتبطين في الأرض، والذين كانوا يعملون فيها مقابل الحصول على حصة من الإنتاج، هي الطبقة الرئيسة المنتجة، وقد كان يطلق عليهم اسم “الكولون”، وبذلك رسخت أسس النظام الإقطاعي، وأصبحت بعد ذلك طبقة أقنان الأرض، والذين كانوا يعملون في الملاك الإقطاعيين، هي الطبقة الرئيسة المنتجة في أوروبا في العصور الوسطى، وذلك بعد أن كانت العبودية هي الطبقة السائدة في العصور القديمة.