الزراعة في فلسطين:
تُقدر المساحة الكلية لفلسطين بحوالي سبعة وعشرون ألف كم، وتصل المساحة المشغولة بالأراضي حوالي ستة وعشرون مليون دونم، ينقسم منها حوالي سبعة مليون دنم مخصص للزراعة، وفي عام 1944 ميلاي قام اليهود بامتلاك حوالي 20% من الإجمالي الكلي للأراضي الزراعية.
إنّ الأراضي الزراعية في فلسطين تغطى القسم الأكبر في الارتفاعات الجبيلة والمناطق التي تقع في الجهة الشمالية من منطقة النقب، أما باقي المناطق السهلة والساحلية في الإطار الداخلي تُقدر مساحتها بحوالي 3 ملايين دونم، وعلى الرغم من أنّ الأراضي الزراعية تشكل نسبة قليلة في السهول الساحلية، ولكنها تعتبر أبرز أراضي فلسطين من حيث خصوبة تربتها ومناسبتها لعملية الزراعة، فإنّ التربة الخصبة ووفرة المياه في تلك المناطق جعلتها من أكثر المناطق في فلسطين تزاحماً.
وفي عام 1948 ميلادي اشتغل ثلثي الشعب الفلسطيني في القطاع الزراعي، إنّ فلسطين بلد زراعي على المستوى الأول، فكان من أبرز المحاصيل الزراعية في فلسطين هي الحمضيات والحبوب والزيتون والعنب والخضار والتبغ، بحيث تعد الحمضيات المحصول الأساسي المخصص لعملية التصدير، فقد غطت نسبة 80% من المجموع الكلي للصادرات.
لقد كانت الحبوب مثل القمح والشعير والعدس والفول والحمص وغيرها من أبرز المحاصيل الأساسية التي يتم زراعتها في المنطقة، كما انتشرت زراعة الخضروات والأشجار المثمرة وبالأخص الزيتون الذي انتشرت زراعته بشكل ملحوظ، والفواكه بالأخص الحمضيات والكروم والخروب واللوز والتين والخوخ والاجاص والتوت والدراق والصبر، وفي تلك الفترة انتشرت زراعة الفواكه في الكروم والبساتين في معظم القرى والمدن وما يجاورها.
إنّ زراعة الزيتون في فلسطين تتميز بأنّ شجرة الزيتون الواحدة قد تكون موزعة بين عدد من الملاك كما أن أشجار الزيتون قد تكون ملكاً لشخص والأرض التي عليها لشخصن آخر، بحيث لم تكن الزراعة في المنطقة محصورة بإطار زراعة محصول معين إلا إنّ الفلاحون قاموا بزراعة محاصيل متنوعة في آن واحد، كما تميزت الزراعة بالقدرة على التكيف مع الظروف المستجدة وظروف الأسواق الخارجية والمحلية.
إنّ انخفاض الطلب على محصول معين يدفع المزارعين إلى التوجه نحو زراعة محصول زراعي آخر، فعندما قل نسبة الطلب الأوروبي على القطن توجه السكان إلى زراعة السمسم الذي تم زيادة الطلب عليه، كما دمج المزارعون بين العمل بالزراعة وتربية الحيوانات للاستفادة بقدر الإمكان من المنتجات الزراعية ولاستعمالها في الزراعة والنقل.
لقد قامت الدولة في عملية اتباع سياسة محدودة، انحصرت في اجبار الفلاحين على زراعة الأراضي الميرية بالحبوب وبالأخص في وقت ما قبل التنظيمات، ولم تقم الدولة ببذل أي جهود لتحسين وتطوير عملية الزراعة وزيادة الإنتاج، سواء من خلال استصلاح الأراضي وزيادة مناسبتها للزراعة بحفر القنوات وإقامة شبكات الري، بحيث تركت تلك الأدوار للفلاحين.
وفي تلك الفترة قل اهتمام الفلاحين في عملية استصلاح الأراضي الزراعية؛ لأن نظام الأراضي الزراعية قلل من اهتمامهم بالعناية بالأرض، بحيث اقتصر العمل بالزراعة حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر على المزارعين من سكان القرى والمدن، ولكن صدور قانون تمليك الأراضي الميري أدى إلى ظهور مجموعة من الملاك الذين اتجهوا إلى امتلاك الأراضي والاستثمار في الزراعة، ولكن الملاك الجدد لم يمارسوا الزراعة بأنفسهم بل تركوا للفلاحين زراعتها مقابل جزء معين من الحصص.
لقد قام الأغنياء المتواجدون في المدن الفلسطينية بالتشجيع على امتلاك الأراضي والاستثمار في الزراعة، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأراضي وزيادة الجدوى الاقتصادية من الاستثمار بالزراعة فأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية وزيادة الطلب من الدول الخارجية عليها وبالأخص من الدول الأوروبية، إلا أنّ هؤلاء الأثرياء كانوا يريدون عملية اصلاح الأراضي الجديدة.
ما هي العوامل التي أثرت على الزراعة في فلسطين؟
إنّ الزراعة في الدولة الفلسطينية تأثرت بمجموعة من الظروف والعوامل، كان من أبرزها:
- الظروف المناخية وبالأخص سقوط الأمطار واختلافها من سنة إلى أخرى ومن بداية الموسم إلى نهايته وارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها.
- ارتفاع الأسعار وانخفاضها.
- ارتفاع الضرائب على الزراعة وأبرزها ضريبة العشر، بحيث كانت تزيد عن الضريبة المقررة بناءً على التقديرات، بالإضافة إلى الزيادة التي كان يفرضها الملتزمون عند جمعهم العشر، مما أدى إلى تردي أوضاع المزارعين ودفعهم للاستدانة وبيع أراضيهم لكبار الأثرياء لسداد تلك الديون.
- وفي تلك الفترة انتشرت الصناعة في كل من منطقتين نابلس وعكا، فقد كانت في معظمها معتمدة على الإنتاج الزراعي وأهمها معاصر الزيتون التي انتشرت في معظم القرى والمدن ومطاحن الحبوب، بالإضافة إلى صناعة المنسوجات والحصر والسلال ومواد البناء و الفخار والمواد النحاسية والصابون التي اشتهرت بها مدينة نابلس، وكذلك الصناعات اليدوية مثل الحدادة والصياغة والخياطة والدباغة.