استمرت الصراعات على جزيرة بين الدول الأوروبية، وذلك بسبب الغنى الكبير الذي كانت تتميز فيه المنطقة من وجود المعادن النادرة، بالإضافة إلى وجود العديد من التوابل المتنوعة، كما تتميز بالموقع التجاري الاستراتيجي والذي كان يربط التجارة بين عدد من الدول ومنها الصين والهند، ولعل ذلك السبب هو الذي جعلها مكاناً للصراعات.
تاريخ بورنيو الحديث
في عام 1888 ميلادي اتبعت هولندا الخطى البريطانية في عملية زيادة منتوجها الاقتصادي، ففي عام 1888 ميلادي كانت أراضي بروناي وساراواك وشمال بورنيو عبارة عن محمية بريطانية، أما جنوب اراضي بورنيو فقد كانت مستعمرة هولندية، قامت بريطانيا بالطالب من هولندا بوضع حدود فيما بينهم حتى يتم إيقاف النزاعات والحروب على الأراضي، وفي عام 184 ميلادي تم توقيع معاهدة بين بريطانيا وهولندا ونصت تلك المعاهدة على تبادل الموانئ التجارية في أراضي سومطرة وشبه جزيرة ملايو.
أدت معاهدة الأنجلو الهولندية إلى تأسيس طرق تسيطر عليها بريطانيا وهولندا وقد شملت تلك الأراضي كلاً من الأراضي الجنوبية والتي كانت تضم جُزر رياو وسومطرة والمناطق الشمالية التي كانت تضم شبه جزيرة الملايو، في عام 1895 ميلادي تم العثور على حقول النفط وقد أدى ذلك إلى زيادة الصراعات بين الدول التي تقوم ببناء المستعمرات في جزيرة بورنيو وتم في عام 1909 ميلادي تأسيس مصفاة للبترول.
في عام 1845 ميلادي حصل اجتماع في طوكيو وتم فيه دراسة وضع الأراضي الشمالية من بورنيو وتم الاتفاق على دمجها مع أراضي إندونيسيا وذلك حسب رغبة السكان وتم الاتفاق على اعتبارها ولاية واتباع ذلك النظام والاستمرار في الحكم مع إندونيسيا ومع اقتراب نهاية الحرب قررت اليابان منح جزيرة بورنيو الاستقلال لصالح إندونيسيا، ومن ثم أعلنت اليابان استسلامها أمام دول الحلفاء، الأم الذي أجل عملية الاستقلال لجزيرة بورنيو والذي كانت مصره عليه اليابان.
على الرغم من ذلك إلا أنّ هولندا كانت مصره على على استعادة مستعمراتها في جزيرة بورنيو، في شهر آب من عام 1945 ميلادي تم الإعلان عن استقلال إندونيسيا ليتم بذلك منح الأراضي الجنوبية من جزيرة بورنيو الاستقلال وتعرضت الأراضي الجنوبية بعد ذلك إلى حرب العصابات ومن ثم قامت هولندا بعملية الحصار على تلك الأراضي، كما كان هناك ثوار قوميون يطالبون بضم الأراضي الجنوبية من جزيرة بورنيو إلى إندونيسيا.
اعتقد السكان الصينيين المقيمين في جنوب جزيرة بورنيو بأنّه سوف يتم تحريرهم من قِبل القوات القومية الصينية، إلا أنّ ذلك الأمر لم يتم، ليتم في عام 1946 ميلادي ضم شمال بورنيو ومقاطعة ساراواك إلى الحكم البريطاني، في عام 1961 ميلادي اقترح الرئيس الماليزي “تونكو عبدالرحمن” عملية توحيد المستعمرات البريطانية ومالايا في سنغافورة وساراواك وشمال بورنيو وضمها ضمن الاتحاد الماليزي، إلا أنّ الفلبين وإندونيسيا والقوميوميون والشيوعيين في بورنيو تلك الفكرة.
حاولت بريطانيا الحفاظ على موقعها في المنطقة، الأمر الذي دفع الرئيس الجديد للجزيرة رفض الوجود البريطاني وقيادة مجموعة من التمردات ضد الحكم البريطاني، إلا أنّ بريطانيا قامت بنشر قواتها العسكرية وقامت نيوزيلندا وأستراليا بمساعدتها في قمع تلك التمردات، رفضت الفلبين فكرة الاتحاد المقترحة وقالت بأنّ الأراضي الشمالية من جزيرة بورنيو هو جزء من أراضيها والتي كانت في السابق جزء من سلطنة سولو الفلبينية.
حسب الرأي الفلبيني فأنّ شمال بورنيو كان في السابق تابع لأحد مملكاتها القديمة وتمت عملية التنازل عنها لصالح شركة شمال بورنيو البريطانية، وأنّه يجب على بريطانيا إرجاعها لها وذلك بعد قيام جميع ورثة سلطنة سولو بالتنازل عن أراضيهم لصالح الحكومة الفلبينية، في البداية كانت سلطنة بروناي فرحة لفكرة تأسيس اتحاد كبير يضم كلاً من شمال بورنيو وبروناي وساراواك تحت حكم واحد ويطلق عليه اسم اتحاد بورنيو الشمالي وأنّ يكون سلطان بروناي هو رئيس الاتحاد.
ساعدت تلك الأمور على جعل بروناي تعيش في حالة من الديمقراطية والحرية بشكل أكبر وتم الاتفاق على ضم المستعمرات البريطانية وجميع الأقاليم في جزيرة بورنيو تحت حكم الحكومة الإندونيسية، وقد أدى ذلك إلى قيام ثورة بروناي، الأمر الذي دفع الرئيس أزهري الهروب إلى إندونيسيا وقامت سلطنة بروناي بعد ذلك بالانسحاب من الاتحاد الماليزي؛ وذلك بعد استمرار الصراعات السياسية، إلا أنّ شمال بورنيو وساراواك استمرت في فكرة الانضمام إلى الاتحاد الماليزي.
استمرت المعارضة في إندونيسيا والفلبين ضد فكرة الاتحاد، ليتم تأسيس لجنة لمعرفة رأي سكان شمال بورنيو حول عملية الاتحاد، وقد كان السكان فرحين لفكرة الاتحاد، وفي شهر أيلول من عام 1963 ميلادي تمت عملية الاتحاد بشكل ناجح وذلك بعد عقد اتفاقية ماليزيا، وعلى الرغم من ذلك ما زالت شمال بورنيو تتعرض للعديد من الهجمات من قِبل القراصنة وتؤدي تلك الهجمات إلى حدوث المذابح البشرية.
بورنيو في الحرب العالمية الثانية
في عام 1941 ميلادي قام القوات العسكرية اليابانية بالسيطرة على جميع أراضي بورنيو واستمرت السيطرة اليابانية حتى عام 1945 ميلادي وخلال تلك الفترة قامت الحرب العالمية الثانية، وفي البدايات الأولى للحرب رأت بريطانيا بأنّ التقدم والسيطرة اليابانية في جزيرة بورنيو يؤثر على سيطرتها في المنطقة وأنّ ذلك سوف يؤثر على السيطرة الوضع الاقتصادي البريطاني في المنطقة، وقد أدى الاحتلال الياباني في الجزيرة إلى دفع سكانها الذين يقيمون على السواحل الهجرة إلى المدن الداخلية وذلك بحثاً عن الأمان والطعام.
بدأت بعد ذلك الحرب الصينية اليابانية وتمت عملية مقاومة الاحتلال الياباني من قِبل القوات الصينية، وقامت اليابان بإعدام أعداد كبيرة من الصينيين خلال الحرب، كما قامت اليابان بإعدام أعداد كبيرة من الحكام والمثقفين في ملايو، الأمر الذي دفع سكان المنطقة التحالف مع الصين ضد اليابان وقاموا بأعمال الشغب، وقامت اليابان بإعدام السلطان ووضعت الحكومة اليابانية لتحكم المنطقة؛ ممّا أدى إلى ازدياد أعمال الشغب بشكل كبير، إلا انّ الحكومة اليابانية قمعت تلك التمردات.
قام بعض القوميين الإندونيسيون بتشكيل تحالف مع اليابان؛ وذلك من أجل أنّ يحصلوا على مناصب بالدولة، تعرضت سنغافورة بعد ذلك على يد اليابان، فقامت اليابان بإرسال الأسرى البريطانيين و الأستراليون إلى معسكرات جزيرة بورنيو، قام مجموعة من الأسرى بالهروب عبر البحر وغرق عدد منهم وبينما مات معظمهم بسبب الجوع والأمراض والتعذيب الذي كانت تمارسه اليابان ضدهم في السجون.
عاشت بورينو في حرب عصابات وكانت تسعى في الحصول على الاستقلال وعند اشتداد الصراعات قامت أستراليا بالمشاركة بالحرب إلى جانب دول الحلفاء ضد اليابان وتمكنت دول الحلفاء من هزيمة اليابان والإعلان عن استقلال جزيرة بورنيو في عام 1945 ميلادي.