طريق الحرير: هي مجموعة من الطرق المترابطة ببعضها البعض وكانت تمر من تلك الطرق مجموعة من السفن والقوافل التي كانت تمر عبر جنوب آسيا وكانت القوافل التركية تمر من خلالها وكان لطريق الحرير تأثير كبير على كوريا واليابان وفي القرن التاسع عشر ميلادي قام أحد علماء الجغرافيا بتسميته باسم طريق الحرير.
تاريخ طريق الحرير
يعد طريق الحرير من الطرق التي كان لها تأثير كبير على الحضارات القديمة مثل الحضارة الرومانية والصينية والهندية والمصرية وساعدت في ازدهارها وساعدت في بناء العصر الحديث في تلك المناطق وامتد طريق الحرير من شمال الصين وكما يشمل الأراضي الشمالية والجنوبية من الصين وكان يشمل منطقة بلغار ويمر عبر شبه جزيرة القرم وشرق أوروبا والبلقان وإلى البندقية ومن ثم وصلت إلى شمال أفريقيا ومصر وبلاد الشام.
في عام ثلاثة آلاف قبل الميلاد تمكن العلماء الصينيون من اكتشاف الحرير وكانوا يتمتعون بفنون عديدة في صناعة الحرير، وقد كانوا قديماً يملكون ميزات مختلفة في صناعته والاستفادة منه وفي القديم كان يتم استبدال الحرير بالأحجار الكريمة، بدأت بعد ذلك عملية تصدير الحرير إلى كافة دول العالم وكان هناك طريق محدد يتم من خلاله نقل الحرير ليطلق عليه بعد ذلك اسم طريق الحرير، وكان ذلك الطريق عبارة عن عدد من الطريق الفرعية والتي كان منها يتم استخدامه في الصين وبعضها الآخر يتم استخدامه في فصل الشتاء.
كانت القوافل تسير من الشرق والغرب ومرت عبر عدد من الدول التي لم تكن موجودة ودول فقيرة وقد ساعد طريق الحرير على جعلها دول مزدهرة، وكانت القوافل تسير بشكل منظم في تلك الطرق منذ القرن الخامس قبل الميلاد، لم يكن طريق الحرير عبارة عن طريق تجاري فقط، بل كان أيضاً عبارة عن طريق يحمل معه الكثير من الثقافات والحضارات والأديان، فيتم من خلاله نقل الديانة الإسلامية والبوذية، بالإضافة إلى مساعدته في نقل الأنظمة الاجتماعية بين الدول والتي لم يكن لها وجود في بعض المناطق.
على الرغم من ذلك بقي النشاط الاقتصادي أهم ما يمز طريق الحرير، كان لطريق الحرير دور كبير في جعل الصين تمتلك أكبر مخزون للذهب وكانت تمتلك ذهب أكثر من دول أوروبا، ومع تمكن التجار من اكتشاف الطرق التجارية انتقل الاقتصاد التجاري نقله كبيره وأخذ التجار ينقلون أعمالهم من البحار إلى الطرق البرية؛ وذلك لأنّها أكثر أماناً، وكانت تلك الفترة هي فترة انتشار الحروب المغولية الإسلامية التي كانت في وسط آسيا.
مع مرور الزمن دفنت معالم طريق الحرير وأصبحت طريق لنقل البهارات وخلال تلك الفترة انتشرت تجارة إسبانيا والبرتغال وتمكنت الدولة العثمانية من تحقيق تقدمها وازدهارها. في عام 1877 ميلادي قام العالم الألماني الجغرافي “فرديناند فون” بتسمية الطريق بين الصين التي كانت حينها خاضعة لحكم سلالة هان وبين غرب وجنوب آسيا الوسطى والهند باسم طريق الحرير وكان يتم من خلال ذلك الطريق تبادل الثقافات السياسية والاقتصادية.
في عهد أسرة تانغ انتشرت صناعة الحرير والتي أخذت بالانتشار في كافة دول العالم وخلال عهد سلالة تانغ كان يتم التفنن بالحرير، الأمر الذي أدى إلى إعجاب الغربيين فيه وكانوا يتهافتون عليه، وساعد ذلك الأمر على تبادل التجارة والثقافة بين دول آسيا ودول أوروبا، وحسب دراسات القديمة فأنّ الظهور الأول لطريق الحرير كان في عهد سلالة هان في القرن الأول قبل الميلاد، ومن ثم أخذ بالتوجه إلى الطريق الجنوبي من أفغانستان وإيران وباكستان.
في القرن الثاني قبل الميلاد أخذ الطريق يتسع حتى شمل روما وآسيا الوسطى، وفي القرن السابع ميلادي ازدهر طريق الحرير وساعد الصين في التطور وجلب إليها الطيور والحيوانات والعملات الذهبية والتوابل والتي تم إحضارها من أوروبا وفي نهاية عصر أسرة هان الغربية دخلت الديانة البوذية إلى الصين والهند، وفي القرن التاسع ميلادي تم تغيير الخارطة الاقتصادية والسياسية في آسيا وأوروبا وذلك بعد التطور التكنولوجي للملاحة وعمليات النقل وأصبح بذلك طريق الحرير طريق قديم وتقليدي.
منذ العصور القديمة قبل الميلاد كان الصينيون يتنقلون عبر بحار المحيط الهندي وكانت سفنهم تبحر لفترة طويلة في موانئ الهند الغربية والصينية وتتنقل عبر موانئ الخليج واليمن وكانوا يجلبون من تلك المناطق العطور والبخور والفضة والنحاس، ويسيرون في قوافلهم إلى بلاد فارس ومصر والشام وبلاد ما بين النهرين وقد أدى ذلك إلى جلب الثراء إلى العرب، ومع زيادة ثراء العرب بدأت بعض دول العالم تحاول السيطرة على تجارة مناطق الشرق.
مع نهاية القرن الثالث قبل الميلاد حاول الآشوريين السيطرة على مناطق الشرق، إلا انّهم لم يتمكنوا من السيطرة عليها، ومن ثم حاول اليونانيون السيطرة عليها والسيطرة على التجارة في البحر الأحمر، قام الفُرس بعد ذلك بالسيطرة على تجارة الهند والصين التي تمر بالخليج العربي، وعلى الرغم من ذلك إلا أنّهم لم يتمكنوا من السيطرة بشكل كامل، حيث كان العرب مسيطرين على التجارة بشكل أكبر؛ وذلك بسبب معرفتهم بالطرق البحرية ومعرفتهم بالموانئ وتمكنهم من بناء السفن والسيطرة على الملاحة بشكل كبير، استمرت الصراعات بين العرب والفُرس للسيطرة على التجارة.
في بداية القرن الثالث ميلادي انهارت دولة الفُرس وانتشر الفرثيين الذين أخذوا بالسيطرة على التجارة، الأمر الذي أدى إلى ضعف التجارة بين الخليج العربي والهند والصين وكانت عملية نقل البضاعة بعد ذلك تتم عن طريق أسواق السيلان والهند، كان لطريق الحرير طريق اخر غير الطريق البري وهو الطريق البحري، فقد كان البحر الأحمر طريق يتم الوصول من خلاله إلى حوض البحر الأبيض ومصر.
ظهرت في ذلك التاريخ الممالك الغربية والتي تم تأسيسها في الجزيرة العربية وتمكنت الممالك من السيطرة على التجارة، وفي القرن الأول قبل الميلاد ازدهرت التجارة في اليمن وعُمان، وجرت صراعات بين البيزنطيين والروماني من أجل السيطرة على التجارة البحرية.
خلال فترة حكم الإمبراطور الروماني “أغسطس” في الإمبراطورية الرومانية حاول السيطرة على جزيرة العرب وعلى البحار المجاورة لها، لكنه لم يتمكن من ذلك، فقد كان يسمع عن مدى الثراء التي يتمتع بها العرب وعن ما يملكونه من ذهب وفضة وأراد السيطرة على أموالهم، فقام بعد ذلك بتشجيع التجار الرومان على الإبحار عبر الموانئ العربية والاتجاه إلى الهند والصين، وقد أدى ذلك إلى ربط الإمبراطورية الرومانية بطريق الحرير.
خلال العهد البيزنطي زادت الصراعات من أجل السيطرة على طريق الحرير، ولعل أهمية طريق الحرير تكمن في موقعها الاستراتيجي والتي تربط بين دول آسيا ودول الشرق الأوسط وقارة أوروبا.