يرى علماء الاجتماع أن الظواهر الاجتماعية يتم تصنبفها لظواهر اجتماعية إيجابية وظواهر اجتماعية سلبية، كما أنهم يقومون بتحليل تلك الظواهر بستخدام العديد من المناهج الاجتماعية، وفي هذا المقال سيتم التطرق إلى تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية باستخدام المنهج التاريخي والمنهج الثقافي والنفسي.
تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية
يتم تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية بواسطة بعض المناهج المستخدمة في العلوم الاجتماعية، ويختلف تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية من حيث الأسلوب التاريخي في المعنى باختلاف مشاكل العلوم المختلفة، ومعنى واحد له حيوية كبيرة حيث تكمن المشكلة في التمييز والتأكد من العوامل الثقافية والنفسية الموجودة في جميع الظواهر الاجتماعية الإيجابية، والخطوة الأولى هي تحديد العامل الثقافي الذي يتم بالطريقة الإيجابية فقط، وبعد العامل الثقافي المعروف هل يمكن فهم العامل النفسي؟
وللأجوبة عن هذا السؤال يمكن القول أن العرض غير الكافي للعامل الثقافي هو الضعف الكبير في التطور الاجتماعي لعلم الاجتماع البيولوجي والتفسيرات المناخية والنفسية، فالعلاقة بين الثقافة وعلم النفس معقدة للغاية، وعلى الرغم من أن تحديد العامل النفسي هو الخطوة الأخيرة وليس الخطوة الأولى إلا أن معرفة علم النفس لها أهمية كبيرة وقد تساعد بالفعل في تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية وفي حل المشكلات الاجتماعية الحديثة، التي لا تقل أهمية عن عملية التحليل، على الرغم من أنها تميل إلى أن تصبح إحصائية وتحليلية بدرجة عالية.
وهناك بالطبع العديد من الأساليب المختلفة المستخدمة في علم الاجتماع لتحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية، كما هي مبينة في المصطلحات الاستنتاجية والاستقرائية والموضوعية والتصنيفية والوصفية والتاريخية والتجريبية والتحليلية والإحصائية، وما إلى ذلك، وبالطبع متداخلة إلى حد ما ومترابطة إلى حد ما، والغرض من كل واحدة من هذه الأساليب هو تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية.
وعند مراجعة هذه الأساليب يقوم علماء الاجتماع بتقديم العلاقات الشكلية لكل منهما مع الأنواع المختلفة من المشكلات الاجتماعية ومع الأساليب العلمية المختلفة الأخرى، لكن سيتم الاهتمام بمناقشة الطريق التي تكون شاملة على الأقل في تلك العلاقات التي تتمتع فيها بأكبر قدر من الحيوية.
المنهج التاريخي لتحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية
هناك عدة معانٍ مختلفة لكلمة تاريخي، ففي فرع الدراسة المعروف باسم التاريخ يتم التفكير في المناهج التاريخية على أنها وصف للأحداث من خلال استخدام الوثائق والسجلات والسلطات، وفي الأنثروبولوجيا تعني المناهج التاريخية جمع واستخدام الحقائق الثقافية لشرح الظواهر الإثنولوجية، وتتناقض هذه المعاني مع المناهج التاريخية التي تسعى إلى تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية مع الأساليب من جهة ومع التفسيرات النفسية أو العنصرية للظواهر الاجتماعية من جهة أخرى.
ففي علم الاجتماع تكون المناهج التاريخية وصفية إلى حد كبير وتتناقض مع الطريقة التحليلية، وبالتالي تهتم المدرسة التاريخية بوصف التطور التاريخي للظواهر الاجتماعية الإيجابية بينما تهتم المناهج الكلاسيكية في المقام الأول بتحليل الحياة الاجتماعية والاقتصادية وفي العوامل الثقافية المختلفة وتفاعلاتها المختلفة.
كما تستخدم لوصف إجراءات علماء الاجتماع ولا سيما الطريقة التي يستخدمونه في دراسة تاريخ المجتمع وتطور الثقافة وتطور المؤسسات الاجتماعية، إذن في كل هذه المجالات يشترك المنهج التاريخي في عنصر واحد ألا وهو جمع الحقائق الثقافية المؤدية إلى الظواهر الاجتماعية الإيجابية، وفي بعض الحالات يعني الحصول على الحقائق الوصول إلى المستندات المكتوبة، وفي حالات أخرى تكون الطريقة وصفية ببساطة، وفي حالات أخرى يتم إجراء تحليل كبير يؤدي إلى الاستفسار عن الأسباب وجود مثل هذه الظواهر الاجتماعية الإيجابية.
في المناقشات المعتادة للتاريخ وعلم الاجتماع، يكون الموضوع الرئيسي هو مزايا وإمكانيات الوصف من ناحية والقانون والسبب من ناحية أخرى، وكثيرًا ما يُنظر إلى التاريخ على إنه دراسة وصفية بحتة بينما يُقال إن مهمة علم الاجتماع هي صياغة العمليات والأسباب والقوانين، تم التعامل مع هذا الجدل باقتدار من قبل العديد من الكتاب ولا يُقترح مناقشة هذه المرحلة المهمة من العلاقات هنا، لأن العلماء هنا مهتمون في المقام الأول بالمنهج التاريخي من حيث صلته بالتفسيرات التنافسية للظواهر الاجتماعية الإيجابية.
المنهج الثقافي والنفسي لتحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية
في تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية عن طريق المنهج الثقافي والنفسي يُعتبر العاملين الثقافي والنفسي الموجودين في جميع الظواهر الاجتماعية ذات أهمية في عملية التحليل، وتكون الخطوة الأولى هي تحديد العامل الثقافي والذي يتم عادة بالطريقة التاريخية ولا يمكن رؤية العامل النفسي بوضوح إلا بعد معرفة العامل الثقافي وفهم البيئة التاريخية، وإذا تم إجراء محاولة لتحديد العامل النفسي قبل معرفة العامل الثقافي فإن احتمال الخطأ يكون بشكل عام كبيرًا بحيث يجعل عملية التحليل غير جديرة بالثقة.
ويعد المنهج الثقافي والنفسي اختبارًا شديدًا للغاية إذ يرى علماء الاجتماع إنه يحتاج إلى بعض الفحص لأنه للوهلة الأولى يبدو أن العامل النفسي لا يمكن أن يساعد في تفسير وتحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية إلا في عدد قليل نسبيًا من الحالات، واختباره هو إنه ما لم تكن الظاهرة الاجتماعية الإيجابية موجودة في جميع الثقافات فلا يمكن تحديدها نفسياً لأنه بصرف النظر عن الاختلافات العرقية لا يمكن افتراض أن الشعوب ذات الثقافة الواحدة تمتلك مجموعة واحدة من العوامل النفسية وأن الشعوب ذات الثقافة الأخرى تمتلك مجموعة مختلفة.
ويوجد عدد قليل فقط من هذه الظواهر الاجتماعية الإيجابية العالمية في جميع الثقافات، مثل ظاهرة الزواج والأسرة والقيادة والتعاون، وهذه الظواهر هي بالتأكيد نفسية منطقية ذلك لأن الناس لا يستطيعون العيش بدونها في أي ثقافة، ولكن نظرًا لأن ما تقدم صحيحًا فإن علماء الاجتماع ليسوا مبررين للقول إنه في ظواهر اجتماعية أخرى تكون أقل شمولية، فإن التأثيرات النفسية ليست عوامل مسببة، وفي الواقع العاملان الثقافي والنفسي موجودان في جميع الظواهر الاجتماعية سواء الإيجابية والسلبية، لأنه بغض النظر عن كيفية الاختلافات الثقافية سيتم الحصول دائمًا على هذه الظواهر الاجتماعية.
لذلك يجب أن يتم استنتاج أن كلاً من العامل الثقافي والعامل النفسي مهمان، فقد يكمن الاهتمام في وقت ما أكثر في التأكد من العامل الثقافي وفي وقت آخر أكثر في التحقق من العامل النفسي، ومع ذلك فإن دراسة علماء الاجتماع في تحليل الظواهر الاجتماعية الإيجابية قائمة على أن الطريقة التاريخية تساعد على التأكد من كلا العاملين، ونادرًا ما يمكن أن يكون العلماء متأكدين من العامل النفسي حتى يعرفوا الظروف الثقافية والتاريخية، وفي الواقع ما لم يتم معرفتها فمن المحتمل جدًا أن يخطئوا في عملية التحليل.
وهكذا يتضح أن الطريقة التاريخية ليست فقط هي الإجراء الصحيح لتحديد العامل الثقافي ولكن أيضًا للتحقق من سيكولوجية الظاهرة الاجتماعية الإيجابية.