اقرأ في هذا المقال
تخصص الأنثروبولوجيا مجال واسع:
في منتصف القرن العشرين، تحدى عالم الأنثروبولوجيا النرويجي فريدريك بارث عام 2016 عمل المدرسة البريطانية في إفريقيا وموقفها من أن الأنظمة الاجتماعية تجاوزت الفاعلين الفرديين، وعلى على العكس من ذلك جادل فريدريك بارث بأن الأنظمة السياسية تم إنشاؤها من قبل جهات فاعلة فردية تسعى إلى تعظيم مواقفها، ففي كتابه الإثنوغرافي عن سوات باثانز في شمال باكستان، كان فريدريك بارث عام 1959 يبتعد عن تحليل التوازن الوظيفي نحو فحص عمليات التغيير، وحذا آخرون حذوه في حججهم.
فوفقًا لعالم الأنثروبولوجيا طلال أسد فإن الفكرة القائلة بأن الأفراد يخططون لتعظيم القوة هو تشويه للتاريخ، ففي دراسة الأنثروبولوجيا والمواجهة الاستعمارية عام 1973، يلاحظ طلال أسد أن استنتاجات فريدريك بارث قد تسارعت بسبب الممارسات الاستعمارية البريطانية في الهند وحدود الشمال، ولقد أوضح نقد طلال أسد نقطة حاسمة إذ يجب أن يُنظر إلى النظام السياسي على إنه جزء من نظام أوسع يعتمد على منظور تاريخي يشمل أيضًا الطبقة كمتغير مهم ولكنه لا يلغي الاختيارات الفردية والسيطرة السياسية والاقتصادية.
والمحادثات حول فريدريك بارث كان من المقرر أن تستمر بالعمل لاحقًا في عمل عالم الأنثروبولوجيا الباكستاني أكبر أحمد، إذ يمكن للأنثروبولوجيا أن يقال عنها الآن أنها حوار عالمي، فمع ازدياد عدد علماء الأنثروبولوجيا زاد عدد التخصصات خاصةً بشكل كبير في الأقسام العلمية، وفي الواقع من المرجح أن تقوم الأقسام الصغيرة بتدريس الأنثروبولوجيا من اختصاصي وجهة نظر، فبينما كانت القرابة والدين من التخصصات الرئيسية منذ أكثر من نصف قرن، هناك الآن أساتذة متخصصين في مجالات مثل السياحة والاقتصاد السياسي والقانون والجنس والفلكلور.
وأيضًا كمناطق مثل الشرق الأوسط على سبيل المثال أو جنوب إفريقيا أو المكسيك، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى ذلك هناك أنواع كثيرة من الأنثروبولوجيا مثل الأنثروبولوجيا التطبيقية والأنثروبولوجيا الممارسة، وتم العثور على هذه التخصصات في المجلات المتخصصة للأنثروبولوجيا المعرفية والقانون والسياسة وعلم الموسيقى بينما يمكن العثور على التقارير العامة في المجلة البريطانية (Anthropology Today) أو في (Anthropology News) في الولايات المتحدة، وفي المجلات مثل (American Anthropology أو JRAI)، ومجلة المعهد الملكي للأنثروبولوجيا.
أنثروبولوجيا الاقتصاد السياسي:
يضع نهج أنثروبولوجيا الاقتصاد السياسي العالم في سياقه كنظام مفتوح وكعملية وليست ركودًا، ويتطلب فهم كيفية عمل القوة في العالم اليوم بالمقارنة، مع الانتباه إلى تقاطع السلطة والثقافة، وتم العثور على أحد الأمثلة على هذا النهج في عمل عالم الأنثروبولوجيا أشرف غني، الذي ركز البحث على تاريخ السلطة، لا سيما في أفغانستان والذي أصبح فيما بعد رئيسًا، ولفهم كيفية عمل القوة يتطلب الانتباه إلى التفكك وكذلك التكامل، على المستويين المحلي والعالمي، والتي يتم مقارنتها فيما بعد من حيث العملية وليست جوهرية المجتمعات.
كما أحدث العمل في هذا المجال تغييرات جذرية في الإثنوغرافيا التقليدية للنظام الاقتصادي مثل رأسمالية الشركات والتي تعامل كنوع من الاقتصاد الذي قد يتغير في سياق معين، مثل الصين المعاصرة، وفي تناقض مباشر مع منظري النظام العالمي الذين يتتبعون توزيع نظام في جميع أنحاء العالم هناك أنواع عديدة من الرأسمالية كرأسمالية الصغيرة والرأسمالية الإقليمية ورأسمالية الشركات.
على سبيل المثال غطى عمل عالم الأنثروبولوجيا ديميترا دوكاس عام 2003 التخريب المؤسسي للمجتمع الأمريكي التغييرات الجذرية في بلدات مطاحن شمال نيويورك في الموهوك مع الانتقال من الرأسمالية الإقليمية إلى الرأسمالية العالمية، وقام بتوثيق التأثير رأسمالية الشركات الكارثية على العمال الأمريكيين الذين كانت الصناعة الأمريكية على مبنية على ظهورهم، وعلى مدى 100 عام، أصبحت هذه المراكز الصناعية النابضة بالحياة مجتمعات فقيرة غير صناعية.
وفي وقت سابق كتب عالم الأنثروبولوجيا أنتوني إف سي والاس سرد لمجيء الآلات وصنع طريقة جديدة للحياة في قرى الطاحونة، وانتصار الرأسماليين على الاشتراكيين، والتحول من العمال إلى الجنود في منطقة تصنيع القطن في ولاية بنسلفانيا في سنوات قبل وأثناء الحرب الأهلية.
أنثروبولوجيا السلطة والسياسة:
الفحص المستمر للقوة يتمحور حول أنثروبولوجيا السلطة والسياسة والتحكم باعتباره ديناميكية القوة، ففي وقت مبكر دراسة عالمة الأنثروبولوجيا لورا نادر لعمليات التحكم عام 1997، ركزت على وسائل ممارسة القوة المحفزة للتحليل ودور الإرادة الحرة في علاقات القوة في المجتمع، وتم أخذ أمثلة من حركة حل النزاعات البديلة في قانون بعض المجتمعات، مما قلل من نظام العدالة المدنية ثم اتجهت الدول إلى العالمية، وتوحيد تعريفات الجمال التي انتشرت عالمياً، أو محتوى معروضات المتاحف أو دراسة كيفية تأثير شركات التسويق على تصورات المراهقين عن السلطة الابوية.
ومكنت دراسة عمليات التحكم القراء من فهم السيطرة على أنها غير مباشرة وتعني السلطة والاعتراف بهشاشة كل من الثقافة وحاملاتها البشرية، وفي دراسة من الأسفل إلى الأعلى حول تأثير المؤسسات الطبية والاجتماعية والقضائية والدينية والاقتصادية التي يصنعها المواطنون هذه الأنثروبولوجيا تدور حول السكان الأصليين وحول أنواع الضوابط التي تعمل عبر المؤسسات التي تسعى إلى تشكيل نوع معين من المواطنين، لذلك أنثروبولوجيا السلطة والسياسة هي فحص شامل للقوة لإعادة تشكيل المواطنة في عالم الحروب والحركات.
وتعتبر الأحداث العالمية حاسمة بالنسبة للمساعي الأكاديمية إذ حققت الأنثروبولوجيا نجاحات في الحرب العالمية الثانية بسبب الأعمال الأنثروبولوجية السابقة في المناطق التي أصبحت مناطق حرب، كالحرب الباردة، كما أحدثت الحرب العالمية الثانية تغييرات حاسمة مما زاد عدد علماء الأنثروبولوجيا وكذلك التمويل، وقد أحدث الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية ثورة في منهجياتها في جميع المجالات على الرغم من اختلافها، فبالنسبة لعلماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية أثارت الحرب الباردة قضايا العرق والحرب والإبادة الجماعية ومكافحة التمرد، والموارد الطبيعية.
ولقد تم أدراك أن الأنثروبولوجيا لم تكن مسعى مستقلًا بدلاً من ذلك كانت كل الأكاديمية جزءًا لا يتجزأ من السياسة، فعلماء الأنثروبولوجيا مثل هيو جوسترسون عام 1996 وجوزيف ماسكو عام 2006 بدأوا في الكتابة عن ثقافات المختبرات النووية، فخلال عقد لعبت فيه أنظمة الطاقة النووية والبديلة أدوارًا حاسمة في أحداث العالم، كانت الأنثروبولوجيا واسعة الزاوية مطلبًا، فلقد دمجت الأنثروبولوجيا الشمولية وتقدير التاريخ وعمق الوقت والعواقب الناشئة عن كيفية تأطير اللغة للفكر.
وخطاب متخصصي الطاقة على سبيل المثال كان متجذرًا في نماذج النمو التي افترضت إمدادات غير محدودة من الموارد الطبيعية والنظم البيئية مقومة بأقل من قيمتها، وفكرة أن خبراء الطاقة قد يكونوا جزءًا من المشكلة كان جديدًا، كما كانت فكرة أن مشاكل الطاقة لها أبعاد بشرية موضوع تم استكشافها في أعمال مثل قارئ الطاقة وثقافات الطاقة والقوة والممارسات والتقنيات وسياسات الطاقة وأنثروبولوجيا الطاقة.
ولقد تأثر الجميع بصراعات الحرم الجامعي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حول النزعة العسكرية والرأسمالية متعددة الجنسيات والعنصرية العلمية وسياسة النوع الاجتماعي، لكن يبقى السؤال الأكبر: ماذا يجعل الناس بشر؟