اختلافات نوعية بين المؤسسات الاجتماعية
هناك اختلافات نوعية بين المؤسَّسات الاجتماعية، وإنَّ لهذه الاختلافات انعكاسات هامّة على إدارة المؤسَّسة ولذلك يمكن أن نضيف تصنيفاً لإدارة المؤسَّسات الاجتماعية يُوَضح هذه الاختلافات وإن كان من المتوَقَّع حدوث تداخل بين وحدات التصنيف، وإنّ من أهم تصنيفات المؤسَّسات الاجتماعية تصنيفها بحسب تبعيتها إلى مؤسَّسات حكومية رسمية ومؤسَّسات تطوّعية أهلية.
أهم التصنيفات للمؤسسة الاجتماعية حسب التبعية
1- التصنيف بحسب التبعية إلى مؤسَّسات حكومية : وهو أكثر التصنيفات وضوحاً ويدور حول تبعيَّة المؤسَّسة إدارياً، وهنا نجد أنَّ المؤسَّسات الاجتماعية إمَّا أن تكون مؤسَّسات حكومية عامَّة أو أن تكون تطوُّعيَّة أهلية، والمؤسَّسة الاجتماعية الحكومية كتنظيمٍ رسميٍّ تعمل في ظلّ لوائح ونُظم وقوانين حكومية، وتتحدَّد وظيفتها في تحقيق أهداف وأنشطة وخدمات للمجتمع ينصّ عليها قانون ما، ويتمّ تمويلها وإدارتها من ميزانية الدولة، وتكون في معظم الأحوال بمثابة وحدات تنفيذية لبرامج وأنشطة يتم تحديدها وِفق خُطة حكومية، ومن أمثلتها وحدات الشؤون الاجتماعية، وأجهزة الضمان الاجتماعي، والتأمينات الاجتماعية، والمدارس الحكوميَّة وغيرها.
ونلاحظ أنَّ مثل هذه المؤسَّسات الحكومية ليس لها الحرية في وضع سياسات أو خُطط مُستقلَّة بها، فالسياسات التي تسير عليها تنبع من خارجها أيّ من مؤسَّسات خارجية تعلوها في التَّدرّج الهرمي، وتكون في معظم الأحوال في قمَّة الهرم التنظيمي، وبالتالي فإنَّ قاعدة هذا الهرم هي الوحدات التنفيذية التي نشير إليها هنا، وغالباً ما تتركَّز إدارة مثل هذه المؤسَّسات في قيادة فردية لمدير أو رئيس يتولَّى الإشراف على كافَّة أنشطة الإدارة التنفيذية في المؤسسة، حيث يعلوه دائماً سُلطَة الرقابة والتفتيش من أجهزة الرقابة والمتابعة الحكومية الأعلى إلى أن تصل إلى أجهزة الوزارة في المستوى القومي.
أمَّا من ناحية التمويل والموارد الأخرى التي تعتمد عليها المؤسَّسة الحكومية في تقديم الخدمات فهي مُقيَّدة من خلال الميزانية التي توفّرها الحكومة أو الميزانية العامَّة للدولة، ويتم التَّصرف في هذه الموارد وِفق القواعد التنظيمية الحكومية، وكذلك فيما يتعلَّق بأجور الموظفين والعاملين في هذه المؤسَّسة.
2- التصنيف بحسب التبعية إلى مؤسَّسات تطوعية وأهلية: أمَّا بالنسبة للمؤسَّسة التطوعية الأهلية فإنَّهُ كما يبدو من اسمها لا تخرج عن كونها تنظيماً يُنشأ ويُدار عن طريق أعضائها الذين يقيّموها وِفقاً لأهداف يقرِّرونها بمفردهم، ودون تدخّل أجهزة أخرى، وبالتالي فإنَّ أي رقابة أو ضبط خارجي إنما يعني التقليل من فاعلية النشاط التلقائي التطوعي الذي تتميَّز به مثل تلك المؤسَّسات، وهي أجهزة تطوّعية من حيث تلقائية إنشائها والأهداف التي تتَّحدد لها حيث إرادتهم الحرّة في تكوين تنظيم يحقق هدفاً اجتماعياً مقبولاً قد يكون لصالحهم أو للصَّالح العام بشرط أن يتمّ بناء ذلك التنظيم وِفق ما يرتضيه ويقبلهُ المجتمع ونُظمه وقوانينه.
وتعتمد المؤسَّسة التطوعية على قدرتها في تعبئة وتوفير الموارد اللازمة لإدارتها، وكذلك في تقرير أهدافها وسياساتها، وأنواع الأنشطة التي تتمّ من أجل تحقيق تلك الأهداف، كما أنَّ الهيكل التنظيمي لمثل هذه المؤسَّسات يتمتَّع باستقلالية تامّة عن أجهزة الحكومة حتى وإن تشابهت معاً في الأهداف، ويكون لها مجلس إدارة يُعيَّن أو يُنتَخَب من بين الجمعية العمومية للأعضاء المُنشئين للمؤسَّسة، ويضع المجلس في أغلب الأحوال النُّظم واللوائح والقواعد المُنَظِّمة لسير العمل والنشاط الذي تمارسه.
وعلى الرغم من تأكيدنا على صفة الاستقلالية في إنشاء وتحديد الأهداف وإدارة مثل هذه المؤسسات إلَّا أنَّ من المُلاحظ خضوعها لقواعد وقوانين حكومية، ووضعها تحت المراقبة والمتابعة والتفتيش الحكومي ( وِفقاً لمجال التخصص الوظيفي ) سواء في الأهداف أو التنفيذ أو النفقات المالية.وغيرها.
الأمر الذي يَحدّ في أغلب الأحوال من نشاط مثل هذه المؤسَّسات التطوعية، وقد تقف اللوائح الحكومية والإجراءات الروتينية عَقبة في سبيل تحقيق أهداف المؤسسة التطوعية، ومع حدوث مشاكل في التمويل للأنشطة قدّ تضطر للاعتماد على الدعم الحكومي في هذا الشأن، الأمر الذي يؤدي لمزيد من التدخل الحكومي رقابةً أو تنفيذاً أو إشرافاً، ممَّا يؤدي في نهاية الأمر إلى أن تصبح المؤسسة التطوعية شبيهة بالمؤسسة الحكومية.
ومن أمثلة الأجهزة التطوعية مؤسَّسات الإيواء ورعاية الطفولة ومؤسَّسات رعاية كبار السنّ، ورعاية المعوقين، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأندية المحلية، وجمعيات تنمية المجتمع المحلي…إلخ، وهي من مسمياتها أجهزة تنشأ لمقابلة احتياجات محلية يعيها أفراد المجتمع، ويسعون إلى إشباعها بالاعتماد على جهودهم الذَّاتية وبالدعم الحكومي في بعض الظروف.