تطبيق نظرية الأنشطة الروتينية في فهم أنماط الجريمة

اقرأ في هذا المقال


ترتبط نظرية الأنشطة الروتينية ارتباطًا وثيقًا وتشارك في افتراضات مماثلة مع العديد من النظريات ووجهات النظر الأخرى التي يشار إليها مجتمعة باسم علم الإجرام البيئي، وعلى عكس علم الإجرام التقليدي ركز علم الإجرام البيئي في المقام الأول على العوامل البيئية والظرفية القريبة التي تسهل أو تمنع الأحداث الإجرامية.

نظرية نمط الجريمة

توفر نظرية نمط الجريمة إطارًا للخصائص البيئية وتصورات الجاني وحركات الجاني لشرح طبيعة الجريمة ذات النمط المكاني، كما إنّه متوافق مع نظرية الأنشطة الروتينية؛ لأنّه يصف العملية التي يبحث بها الجناة عن أهداف مناسبة أو يصادفونها.

بدأ الباحثون بفرضية أنّ هناك أفرادًا لديهم الدافع لارتكاب الجريمة، وعندما ينخرط هؤلاء الأفراد في عملية اختيار الهدف تصدر البيئة إشارات تشير إلى الخصائص أو السمات الثقافية والقانونية والاقتصادية والسياسية والزمانية والمكانية للمنطقة، ثم يدرك الجاني هذه العناصر من القماش الخلفي البيئي ويفسر المنطقة على أنّها إما مواتية أو غير مواتية للجريمة، وبمرور الوقت سيشكل الجناة قوالب لهذه الإشارات التي سيعتمدون عليها لتفسير البيئة أثناء اختيار الهدف.

كما جادلوا بأنّ إحدى الطرق الشائعة التي يواجه بها الجناة أهدافهم هي من خلال مساحات النشاط المتداخلة أو المشتركة، وبعبارة أخرى يصادف الجناة أهدافهم أثناء قيامهم بأنشطتهم الروتينية، وبالتالي فإن مواقع هذه الأنشطة وكذلك الطرق التي يتم السفر بها إلى هذه المواقع ستحدد نمط الجريمة عبر المكان، وأشار الباحثون إلى منزل الجاني وعمله ومدرسته وأماكن استجمامه كعقد، ويشار إلى المسارات التي يتم قطعها بين هذه العقد على أنّها مسارات الجاني، وأخيرًا الحواف هي تلك الحواجز الجسدية والعقلية على طول المواقع التي يعيش فيها الناس أو يعملون أو يلعبون.

الأنماط المكانية للجريمة

من المرجح أن يبحث الجاني أو يواجه أهدافًا في العقد وعلى طول المسارات وعلى الحواف باستثناء منطقة عازلة حول كل عقدة يتجنبها الجاني خوفًا من التعرف عليه، فجادل برانتنغهام بأنّ أحداث الجريمة سوف تتجمع على طول العقد ومسارات النشاط الرئيسية بالإضافة إلى تقييدها بحواف المناظر الطبيعية، وستعكس الأنماط المكانية للجريمة هاتين السمتين وهما:

1- الغلاف الخلفي البيئي.

2- مسارات النشاط المزخرفة بشدة والعقد والحواف.

بالإضافة إلى ذلك أشار الباحثون إلى أنّ بعض الأماكن بها مستويات عالية من الجريمة بشكل خاص بسبب خصائص النشاط والأشخاص المرتبطين به، وعلى وجه التحديد اقترحوا أنّ بعض الأماكن هي مولدة للجريمة، حيث يسافر الناس إلى هذه المواقع لأسباب أخرى غير الجريمة ولكن الأنشطة الروتينية في هذه الأماكن توفر فرصًا إجرامية، وعلى العكس من ذلك فإنّ الأماكن الأخرى هي عوامل جذب للجريمة من حيث أنّ خصائصها تجذب المجرمين هناك بغرض ارتكاب الجرائم.

العمل الشرطي الموجه نحو المشكلات وتحليلها

تستخدم أجهزة الشرطة نظرية الأنشطة الروتينية كجزء من الشرطة الموجهة نحو المشكلة، بالإضافة إلى ذلك يتبع الباحثون ومخططو المدن والمنظمات غير الربحية والمواطنون نفس عملية تحليل المشكلات المستخدمة في الشرطة الموجهة لحل المشكلات لفهم مشاكل الجريمة ومنعها، ويعد العمل الشرطي الموجه نحو المشكلات نهجًا شرطيًا استباقيًا يركز على المعالجة المنهجية للمشكلات التي تؤدي إلى العديد من الحوادث الإجرامية ودعوات الخدمة للشرطة، بدلاً من الرد على كل مكالمة للخدمة ومعالجتها بمعزل عن غيرها.

المشكلة وليس حادثة الجريمة الفردية تصبح وحدة عمل الشرطة، والمشاكل هي شكل من أشكال نمط الجريمة، وفي إطار عمل الشرطة الذي يركز على حل المشكلات تعمل الشرطة على تحديد وفهم ومنع المشكلات التي تولد العديد من حوادث الجريمة ومكالمات المواطنين للشرطة.

يتم تنفيذ الشرطة الموجهة نحو حل المشكلات من خلال استخدام عملية (SARA) -المسح (Scanning) والتحليل (Analysis) والاستجابة (Response) والتقييم (Assessment)- وتقوم الشرطة بمسح بيانات الجريمة واستدعاء الخدمة لتحديد أنماط الجريمة التي تنتج عن مشكلة ما، ويجب تحديد المشكلة بدقة أي بدلاً من تحديد مشكلة السرقة على نطاق واسع، من المهم أن تكون محددًا وأن تحدد المشكلة على أنّها سرقة الأحذية من الخزائن غير المؤمنة في حلبة التزلج على الجليد خلال ساعات ما بعد المدرسة.

ثم تقوم الشرطة بتحليل المشكلة لفهم خصائصها وأسبابها، وغالبًا ما يستخدم مثلث الجريمة لتنظيم التحليل، وتجمع الشرطة المعلومات من جميع جوانب المثلث وليس فقط عن المخالفين، وعلى أساس هذا التحليل تطور الشرطة استجابات لمنع الجرائم في المستقبل، وتتجاوز هذه الاستجابات أدوات الشرطة التقليدية للاعتقال والاستشهاد لتشمل أدوات أقل تقليدية قد تساعد في تعطيل أسباب المشكلة، وتتضمن هذه الأساليب الأقل تقليدية واحدًا أو أكثر من الأنواع الثلاثة لوحدات التحكم التي تمت مناقشتها سابقًا، وأخيرًا تقوم الشرطة بتقييم التأثير العام للاستجابة وتغيير العملية وفقًا للنتائج.

كيف تطبق نظرية الأنشطة الروتينية في عملية (SARA)

خلال عملية (SARA) يمكن تطبيق نظرية الأنشطة الروتينية للوقاية، ويكمل العمل الشرطي الموجه نحو المشكلات البحث الذي يشير إلى أنّ الجريمة لا يتم توزيعها عشوائيًا، بل بدلاً من ذلك يتعرض بعض الأشخاص للإيذاء بشكل متكرر وتكون بعض الأماكن مرارًا وتكرارًا مواقع للجرائم وبعض الأشخاص يسيئون إلى الإساءة بشكل متكرر.

اقترح إيك أنّ نظرية الأنشطة الروتينية لا تصف العناصر الستة لحدث الجريمة فحسب بل تصف أيضًا أنواعًا معينة من مشكلات تكرار الجريمة والاضطراب التي يمكن ربطها بهذه العناصر، وباستخدام مصطلحات الذئب والبط والعرين يمكن النظر إلى مشاكل تكرار الإيذاء وتكرار الأماكن وتكرار الإجرام على أنّها وظيفة لكل من الأنشطة الروتينية للمجرمين المحتملين أو الضحايا أو الأماكن بالإضافة إلى غياب أو عدم فعالية المتعاملين والأوصياء أو المديرين المحتملين.

وهذا بدوره يلقي الضوء على الخطوات التي ينبغي اتخاذها لمنع الجرائم المستقبلية الناشئة عن نفس المشكلة، فتعكس مشكلة الذئب الأفعال المتكررة لمجرم أو مجموعة من الجناة مع وجود متعاملين غائبين أو غير فعالين، ومشكلة البطة هي مشكلة يتعرض فيها نفس الفرد أو المجموعة للضحية بشكل متكرر، ويمكن أن يعزى هذا الإيذاء المتكرر إلى كل من الأنشطة الروتينية وخصائص الضحايا بالإضافة إلى عدم وجود أوصياء مؤهلين، ومشكلة العرين هي المشكلة التي يكون فيها المكان جذابًا للأهداف والجناة في حين أنّ هناك أيضًا مديرين ضعفاء أو غائبين.

قد تشير مشكلة تكرار المكان، حيث يكون المبنى السكني بشكل ثابت موقع مكالمات الشرطة للخدمة، إلى أنّ مديري المكان مثل المالك أو مدير المبنى يحتاجون إلى التشجيع أو الإكراه للسيطرة على المشكلة، وبعبارة أخرى يكشف استخدام نظرية الأنشطة الروتينية أثناء تحليل المشكلة عن وجود وحدة تحكم غائبة أو غير فعالة تحتاج إلى التمكين أو تحمل المسؤولية، وعلاوة على ذلك قد تكشف أيضًا عن أنماط النشاط التي تنتج بشكل منهجي فرصة الجريمة وتقترح نقاط التدخل.


شارك المقالة: