تنظيم الدولة السعودية في عهد الملك عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


تنظيم الدولة السعودية:

كان أول ما وجه إليه الملك عبد العزيز اهتمامه، بعد دخوله الحجاز ودخوله في جو الاستقرار والهدوء، قيامه بتنظيم الدولة تنظيماً تنفيذياً وتشريعياً استجابة للمطالبات العامة بذلك، وتناسجاً مع طبيعة العصر وتثبيت لأركان الدولة، حيث تأسست لجنة تنظيمية استشارية في عام 1344/ 1926 ميلادي تتكون من 8 أعضاء انتخبوا بالاقتراع بالطريقة السرية، وأمر الملك عبد العزيز أن يقوم بترأس تلك الهيئة عبد القادر الشيبي، وقام بإضافة 5  أشخاص للهيئة.

وكانت من مهام هذه الهيئة وضع تشكيلات وتنظيمات مركزية للدولة، كما قام الملك عبد العزيز على توزيع المسؤوليات والمهام، فأسند إلى الأمير فيصل رئاسة الحكومة بمكة المكرمة، وعينه نائباً عنه في الحجاز، ليقوم بعملية الإشراف على إدارة أمور الدولة ويقوم بمساعدته مجلس استشاري، كما جعله مرتكز رجعي لدوائر الدولة الرسمية، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المراسلات التي كانت بين جلالة الملك عبد العزيز وأمراء المناطق التابعة لنفوذ الحجاز، حيث كان يطلب منهم الرجوع إليه في اتخاذ القرارات، ثم إلى ابنه الأمير فيصل باعتباره نائبه في الحجاز.

وفي عام 1344/ 1926 ميلادي تسلم الأمير فيصل زِمام الأمور، ثم قام بجمع موظفيه وألقى فيهم خطاباً رسمياً، يعد أول خطاب رسمي للأمير فيصل في الحجاز، وقد جاء في ذلك الخطاب قيام الأمير فيصل بشرح سياسته في إدارة هذه البلاد نيابة عن والده، وبين لهم مسؤولية الموظف، ووجوب الخوف من الله في عمله، والاقتداء بالسنة الشريفة من حيث إنّ: (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته)، وبعدها وضح لهم أهمية بذل جميع جهودهم للقيام في وظائفهم بحسب الصلاحيات الموكولة إليهم.

وكذلك وجه الأمير فيصل اهتمامه بالعمل وعدم التهاون به، لما فيه من مصلحة للشعب والدولة، وأنه لا يمكن التساهل في تقصير الموظف أو تأخره، كما اهتم بتنبيه كل رئيس مسؤول بقيامه بعملية المراقبة والإشراف على موظفيه، كما أكد الأمير فيصل على أهمية التعاون والمساعدة من أجل تحقيق التطور والتقدم بالدولة، والسير بها إلى الأمام، حيث ذلك لن يكون إلا بالإخلاص في العمل ومحاربة الفساد، كالغش والخيانة والرشوة، وكذلك أشار الأمير فيصل إلى أهمية حقوق ولي الأمر وحقوق الرعية وبجب علی الوالي بذل الجهد في راحة الرعية وإقامة العدل والمساواة بين الناس في الحق الذي يستوي فيه الغني والفقير والكبير والصغير، وأشار إلى حق ولي الأمر على الرعية السمع والطاعة.

الهيئة التأسيسية:

استطاعت الهيئة التأسيسية منذ قيامها بوضع تصوراتها التنظيمية والتخطيطية المقترحة للحكومة في الحجاز، وأشارت إلى كيفية أساليب وطرق الحكم والإدارة من خلال مجموعة من التعليمات عرفت باسم التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية،  بحيث تتكون تلك المجموعة من 9 أقسام تضمنت على 99 مادة، وبعد موافقة الملك عبد العزيز علی توجيهات الهيئة الاستشارية في 1354/1926 ميلادي أصبحت بنود تلك التعليمات وتوصياتها بمثابة الأساس التنظيمي للدولة السعودية.

وغدت تلك التوجيهات هي الطريق الذي سارت عليه الحكومة في اتجاه التكامل التنظيمي الإداري والسياسي للدولة، ومن أهم ما جاء بهذه التعليمات، اعتبار المملكة الحجازية دولة ملكية متبعة النظام الشوري وإسلامية مستقلة في داخلها وخارجها. بحيث تصبح جميع إدارات المملكة الحجازية بيد الملك عبد العزيز، وأن تكون الأحكام فيها منطبقة على كتاب الله والسنة النبوية، وما كان عليه الصحابة والسلف الصالح.

وقد ورد بالمادة السابعة من هذه التعليمات على أن يعين من قبل صاحب الجلالة الملك نائباً عاماً، ونصت أيضاً على أنّ النيابة العامة هي المرجع الأساسي لجميع دوائر الحكومة وأقسام الإدارية، وعلى ذلك كل واحد من مديري الدوائر يكون مسؤولاً أمامها عن حسن سير الأمور الداخلية في دائرة وظيفته، وهي مسؤولة أمام صاحب الجلالة الملك، كما تناولت التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية أمور المملكة ومنها الأمور الداخلية: وهي عبارة عن أمور الأمن العام والبرق والبريد والصحة العامة والبلديات وسائر المؤسسات الخصوصية، وجميع تلك التشكيلات بمختلف مجالاتها تُدار من قبل النيابة العامة.

وكذلك جاء في هذه التعليمات تنظيم الأمور الداخلية وحسن سير تعليماتها من مسؤولة النيابة العامة، ومن ثم على كل من مديري الأمن العام والبرق والبريد والصحة العامة إجراء وظائفهم بموجب دائرة الأوامر والتعليمات التي تصدر إليهم من النيابة العامة، وأضيفت إلى الأمير فيصل رئاسة مجلس الوكلاء، فكان يخاطب بلقب النائب العام حين يكون والده الملك عبد العزيز في نجد، ورئيس الوكلاء حين يكون الملك في الحجاز، ومن ثم أصبح لنائب الملك في الحجاز العديد من الصفات وهما: صفته كنائب للملك، وصفته كرئيس مجلس الوكلاء.

وقد تم ربط الشؤون الداخلية وشؤون الحجاز الداخلية وعسير والقضاء والشورى والأمن العام والصحة العامة والمعارف والبريد والبرق وغيرها من المجالات بالنيابة العامة وبرئاسة مجلس الوكلاء. أما الوزارة فكان ارتباطها به بالشكل الشخصي  وهكذا كانت النيابة العامة تمثل المرجع العمومي لجميع الدوائر الحكومية وأقسام إداراتها، سواء في الأمور الشرعية أو الداخلية والمالية أو التعليمية، في حين احتفظ الملك عبد العزيز لنفسه بالأمور العسكرية وكذلك بجزء من الأمور الخارجية، حيث قام بتقسيمها إلى أربع مجموعات وهي الأمور السياسية والحقوقية وقد احتفظ بها لنفسه. والأمور الإدارية والقنصلية، وهذه تركها لنائبه العام.

فروع ديوان النائب العام:

كان للنيابة العامة ديوانها الخاص والذي يقوم بالدمج بين أعمالها الكثيرة وأعمال مجلس الوكلاء. ويتكون ديوان النائب العام من  العديد من الفروع منها ما يلي:

  • المكتب الخاص: وهو القسم الذي يتلقى مراسلات الأمير الخاصة والسرية والإجابة عليها وحفظها، وتلقي البرقيات والرد عليها. وهو يتكون من: رئيس الديوان إبراهيم السليمان بن عقيل، ومأمور البرقيات سليمان الحمد البسام.
  • مكتب اللجنة المستمر لمجلس الوكلاء.
  • مكتب النيابة: وهو القسم الذي يتلقى المعاملات والأوراق التي يتم رفعها من الدوائر الرسمية والأفراد والقيام باقتحام المعاملات اللازمة بموجب ما يصدر به أمر النائب العام.

ويتكون مكتب النيابة من خمس شعب وهي كالتالي:

شعبة التحرير ويشرف على رئاسة التحرير فيها محمود صالح آبار، ومحمد حابس في التحرير، شعبة التسجيل قسم الاتصالات: حيث يقوم بالعمل بها كل من مصطفی زین بصراوي مسجل الأوراق الصادرة، وعبد الله كامل مسجل الأوراق الواردة، وعيسی دهان مسجل الاستدعاءات، وسليمان عباسی معاون المسجلين.

شعبة تبيض الأوراق قسم النسخ: وهي تتكون من رئيس المبيضين عبد الرحيم مصطفي داغستاني وحسين صالح داغستاني وعبد الرحمن مراد وعبد الرحمن بن نور باشا، شعبة الأوراق قسم الأرشيف، شعبة الترجمة، بالإضافة إلى شعبة الحاشية والضيافة، شعبة اللوازم الخاصة، شعبة الخيل البادية والجيش.


شارك المقالة: