على ماذا يستند العمل الاجتماعي
يستند العمل الاجتماعي في أغلب مضمونه إلى ركيزة الديموقراطية، والتي تعني بدورها مشاركة سكان المجتمع في إحداث التغيير المطلوب لصالح إشباع حاجاتهم الأساسية بالتنسيق والتعاون مع الأجهزة والهيئات الحكومية في هذا المجال.
ويُقصد بمبدأ المشاركة التطوعية في إدارة المؤسّسات الاجتماعية أنَّ أغلب هذا النوع من المؤسسات يقوم بالدرجة الأولى في صورة تنظيمات اجتماعية أهلية يُشَكِلها الأهالي ( سكان المجتمع ) في ضوء وعيهم بمشاكلهم التي يعانون منها ( الاحتياجات التي تتطلَّب المواجهة داخل بيئتهم )، في ضوء الإمكانيات والموارد المُتاحة أو التي يمكن إتاحتها، وعلى ذلك فإنَّ استثارة هؤلاء السكان وحثَّهم وتوعيتهم من خلال الحملات الإعلامية وتنشيط الدعوة للمشاركة التطوعية في إنشاء ودعم المؤسّسات الاجتماعية حكومية كانت أو أهلية وسواء بالتبرع المالي أو الإسهام العيني أو المشاركة بالجهد لبعض الوقت بدون أجر …الخ كل هذا يصبح مُتطَلّباً أساسياً لنجاح واستمرار المؤسّسات الاجتماعية في أداء أدوارها.
أهمية مبدأ المشاركة التطوعية في إدارة المؤسسات الاجتماعية
إنَّ محاولات إحداث التغيير نحو الأفضل ترتبط بدرجة التعاون القائم بين جهاز إحداث التغيير (المؤسّسة ) وبين الجمهور ( سكان المجتمع )، وكلما نجحت المؤسّسة في إيقاظ الوعي وإحداث الإقناع والفهم لغايات التغيير وأهدافه وأساليبه وكلما اشترك الأهالي أنفسهم في إحداث هذا التغيير بتحديد وسائله وأساليبه وتحقيقه من خلال المناقشات والندوات والمقابلات والزيارات الميدانية بين المؤسّسة والجمهور كلّما حدث ذلك ضمن نجاح المؤسّسة في توفير خدماتها بكفاية وفاعلية.
إنَّ مشاركة السكان في تحديد الأهداف وصياغة البرامج وتوفير التمويل بل والمشاركة في متابعة وتقويم نشاط المؤسّسة من خلال اللجان الإدارية التي يمكن أن تُنشَأ لهذا الغرض، يمكن أن يؤدّي بالتالي لرفع كفاية المؤسّسة بل تصبح بحق نسقاً اجتماعياً يعمل على تحقيق وظائفه لصالح سكان المجتمع، وإنَّ التأكيد على أهمية المشاركة التطوعية هو محاولة لتنمية المسؤولية الاجتماعية بين المواطنين.
ما هي المبررات العلمية والمهنية لالتزام الإدارة بمبدأ المشاركة التطوعية
- ضرورة اندماج الناس ومساهمتهم في صنع التغيرات الهامّة التي تحدث في مجتمعاتهم وتمكينهم من السيطرة عليها ويتحقق هذا عن طريق التنظيمات الاجتماعية التي تعمل على تحقيق أهدافهم المشتركة ولكي يُنَظّموا لنشاط ومسيرات التغيير.
- تصبح التغيرات التي يقوم بها المواطنون بمشاركتهم ذات أهمية ومعنى وتدوم لفترات أطول .
- المشاركة التطوعية تؤدِّي لفهم أكبر وتنمية الوعي الاجتماعي والسياسي بكيفية التعامل مع المشكلات، فالمتطوعون من الأهالي وقيادات السكان المحليين هم أصحاب المصلحة الحقيقية المعبرين عن الأهداف المجتمعية وهم الذين يستشعرون حقيقة هذه المشكلات، ومن المنطقي حينئذٍ أن يكون لهم أدواراً أساسية في مواجهتها.
- تؤدِّي المشاركة التطوعية الاختيارية في صنع التغيير وقبوله وتعديله ونجاحه في المستقبل، على حين أن فرض إرادة التغيير وعدم قبول السكان يؤدِّي في معظم الأحوال لفشل النتائج وقصورها عن تحقيق الأهداف المطلوب بلوغها.
كيف تحقق المشاركة التطوعية في المؤسسات الاجتماعية
يمكن أن تتحقق المشاركة التطوعية في عدد من الممارسات التي تُطَبَق في أغلب المؤسسات الاجتماعية، فهناك المشاركة التطوعية في لجان أو أنشطة تحديد المطالب والاحتياجات السائدة في المجتمع والتي ستترجَم إلى أهداف، والمشاركة في صياغة الخطط والبرامج وتعميمها واقتراح وسائل تنفيذها، والمشاركة في تنفيذ الخطط والبرامج والمشروعات، والمشاركة في التمويل بالتبرع المالي النقدي والعيني، والمشاركة في المتابعة والتقويم لنتائج النشاط الذي تُمارِسه المؤسّسة، والمشاركة في الاستفادة من الخطط والبرامج والمشروعات المُنَفَّذة.
ويمكن أن يصبح الأهالي من سكان المجتمع في هذه الحالة قيادات طبيعية مُختارَة أو يتم تدريبهم وإعدادهم للعمل في اللجان المختلفة ذات الصِلة في المؤسّسات والهيئات الاجتماعية العاملة ( سواءً كانت حكومية أو أهلية )، وفي هذه الحالة يتحوَّل القائد الشعبي إلى مُوصِل جيد بين المؤسَّسة وبين المجتمع والبيئة التي توجد فيها ما يعزِّز ثقة الأهالي في جهود المؤسَّسة ونشاطها وأهدافها، كما أنَّه وبحكم كونه من السكان المحليين يمكن أن يصبح أكثر قدرة على تفهم احتياجات مجتمعه وتحديد مطالبه والتعبير عنها أمام إدارة المؤسَّسة من خلال اللجان والمجالس التي تنشأ لهذا الغرض.
ومن ناحيةٍ أخرى مهما كانت أفكارنا عن الديموقراطية فإنّها لا يمكن أن تتحقَّق بمشاركة جميع السكان وبالتالي فإنَّ تدعيم المشاركة التطوعية وحفّز السكان على الدخول فيها يوّفِّر للمؤسّسات وجود مُمَثلين يُعَبرون عن الجماعة وينوبون عنهم أمام إدارة المؤسّسة الاجتماعية، أمّا أهم الأدوات والوسائل التي تثحَقِّق مبدأ المشاركة التطوعية في المؤسّسات الاجتماعية فإنّها ترتبط بميدان النشاط النوعي الذي توجد فيه المؤسّسة، ونوع المساهمة المطلوبة.