حياة معاوية بن أبي سفيان واهتماماته

اقرأ في هذا المقال


اهتمامات معاوية بن أبي سفيان العلمية:

كان معاوية بن أبي سفيان يُشجّع ولاته وأبناء أمته على إيجاد نهضة ثقافية حضارية، وكان عصر معاوية قد شهد نهضة في تفسير وعلوم القرآن والعقيدة والفقه، وكان قد ظهر العديد من العلماء البارزين الذين ظلَّلوا يقدمون العلم للناس، وكان الجميع يتعلم منهم، وكانوا يأخذون بأقوالهم واجتهاداتهم، ومثال عليهم: ابن عباس وأبو هريرة وبن عمر.
وكانت العلوم الرئيسية هي علوم القرآن الكريم والسنة النبوية العطرة والفقه واللغة العربية، واهتم معاوية بن أبي سفيان بغيرها من العلوم المهمة.

اهتمام معاوية بن أبي سفيان بالتاريخ:

كان معاوية بن أبي سفيان من عمل على أول تدوين باللغة العربية للتاريخ، وكان عن تاريخ الأمم السابقة، وعن الملوك السابقين وسيرهم والحروب التي خاضوها، وأيضاً سياسات الملوك التي كانوا يتبعونها، وكان ينام ثلثاً من الليل، وبعدها يستيقظ لتحضير دفاتر فيها سير الملوك وأخبارهم ومكائدهم، ويقوم بقرآءة ذلك صبيان له وكلُّوا بحفظها وقراءتها.
وقد قام معاوية باستدعاء أحد علماء التاريخ البارزين في بلاد اليمن وهو عبيدة بن شرية، ليخبره عن كل ما يخص الملوك والقدماء، وقد طلب معاوية من الكُتَّاب أن يكتبوا كل يقوله عبيدة، ولم يكن هو العالم الوحيد الذي استدعاه لدمشق ليكتب عنه روايات وكتب، بل كان يوجد الكثير من الإخباريين من أهل الدراية الذين يعلمون عن الماضي وسيره.
ونستنتج من هذا أهمية التاريخ للسياسيين والحكام والملوك، إذ أن السياسي الذي يستوعب حركة التاريخ، يعتبر سياسياً ناجحاً وذو مهارة عالية في مجال عمله، فالعلاقة بين السياسة والتاريخ علاقة قوية ومتينة.

اهتمام معاوية بن أبي سفيان بالشعر واللغة:

كان معاوية بنأبي سفيان يقدِّر أهمية الشعر، ولم يغب عن حسِّه أهمية الشعر في السياسة والدعاية للدولة، وكان مهتماً بتربية أبنائه وأبناء أخيه عن تعلُّم الشعر ومعرفة علومه، وقد كتب لزياد بأن يُرسل له ابنه، وعندما أتى إليه سأله معاوية الكثير من الأسئلة فنفد منها، وعندما سأله عن الشعر لم يعرف أي شيءٍ عنه، وعندما سأله عن معاوية عن عدم تعلُّمه للشعر أجابه: يا أمير المؤمنين إني كرهت أن أجمع في صدري مع كلام الرحمن كلام الشيطان، فقال معاوية: اغرب، فوالله ما منعني في يوم صفين إلا شعر ابن الأطنابة.
وكان معاوية بن أبي سفيان مهتماً بجمع الشعر وحفظه، وكان الشاعر مسكين الدرامي من الشعراء المقربين من معاوية وابنه، فقد سأل معاوية عنه عطارد بن حاجب، وقال له: ما فعل الدرامي الصبيح الوجه الفصيح اللسان، -يعني مسكيناً؟- فقال: صالح يا أمير المسلمين، قال: أعلمه أني قد فرضت له شرف بالعطاء وهو في بلاده، فإن شاء أن يقيم بها أو عندنا إن عطاءه سيأتيه وبشره بأن قد فرضت لأربعة آلاف من قومه من خِنْدِف.

اهتمام معاوية بن أبي سفيان بالعلوم التجريبية:

ورثت الدولة الأموية علوم الأعاجم من الفرس والروم بعد انهيار دولتهم، وكان لا بُدّ من استفادة العرب من ثقافتهم، فقاموا بترجمتها ونقلها للعربية، فقد كان هذا تراثاً تقليدياً يتداوله المحترفين الذين أجادوا اللغة اليونانية أو اللغة السريانية، وكان هذا يتطلب جهداً جهيداً لتعلمه، وبعض الترجمات قد شجعت الاهتمام بالعلوم التجريبية، وكان الأمويون قد شجعوا ذلك حتى تحققت لهم الكثير من الأعمال.
وكانت بداية اهتمام العرب بالعلوم التجريبية في عهد معاوية بن أبي سفيان، واستمر للبيت المرواني، فكانوا في سفرهم وفي الحروب يسألون عنه، وكان لأثال النصراني وهو طبيب معاوية الدور في نقل بعض المعارف الطبية إلى اللغة العربية.
وكانت بداية الجهود الحقيقية في الترجمة عندمأ بدأ خالد بن يزيد بن معاوية، وهو أول من نقل الطب والكيمياء للغة العربية، فكان قد أعطى الأمر لإحضار جماعة من اليونانيين الذين درسوا بمدرسة الأسكندرية ويجيدون اللغة العربية؛ لترجمة الكثير من الكتب اليونانية للغة العربية، وكما طلب منهم أيضاً أن يترجموا كتب جالينوس في الطب، وكان بذلك قد وضع أساساً للعلوم الطبية.
وكان خالد بن يزيد أول من أعطى التراجمة والفلاسفة وقرب أهل الحكمة، وأيضاً ترجمت له الكثير من الكتب التي تخص الطب والكيمياء والنجوم والحروب والصناعات، وكان أيضاً أول من جمعت له الكتب ووضعت في خزانة الإسلام، إذ أنشئت أول دار للكتب في العالم الإسلامي في دمشق.


شارك المقالة: