خرافات عالم الأشباح والجن - هل هي حقيقة أم محض خيال؟

اقرأ في هذا المقال


لعل عالم الأشباح والجن من أكثر الأشياء التي تدور الأحاديث حولها، وكثيرًا ما حيكت عنها القصص والحكايات الشعبية، أو لربما أُنتجت الأفلام والمسلسلات التي تدور في محورها، ولكن هل لكل تلك القصص تفسير من منظور العلم؟ أم هل لها دليل يدعمها؟
يقال إن الشبح أو الطيف ما هو إلا كائن وهمي من صنع مخيلة الإنسان فحسب، وليس في الأساطير والخرافات والقصص والسينما عبر التاريخ والعصور شاهد على ذلك، ففي معظم الأحيان يتراءى الشبح على شكل طيف إنسان، وتعتبر تلك الأشكال غير المألوفة أشباحًا.
وأما عن كلمة شبح في اللغة فمعناها الرؤية غير الواضحة لجسم ما، يمكن أن يكون على هيئة إنسان، أو قد يكون على شاكلة حيوان، ويُشار إليها على أنها من عالم الجن والملائكة التي تم ذكرها في الكتب السماوية، وتختلف الأشباح من حيث التصنيف، فمنهم من يقسمها إلى أرواح خيرة والمقصود بها الملائكة ومنهم من يصنفها على أنهم أرواح خبيثة والمقصود بها الشياطين.

هل الأشباح موجودة؟

يتساءل الكثيرون عن حقيقة وجود عالم الأشباح، وتُرى هل هي حقيقة أم أنها حكايات من نسج الخيال والأساطير والسينما والخرافات والحكايات التي تناقلتها الأجيال وبقيت معتقدات أساسية، على الرغم من تطور العلم والتكنولوجيا، ولعل التطور في مجال الاتصالات المرئية والمسموعة قد رفع من شأن هذه المواضيع، وجعلتها محل حديث من الناس.
ربما يشاهد أحدهم خيالًا لجماد أو لأي شيء غير متوقع فجأة، فيقول إنه شاهد شبحًا، ولكن الذي يجب معرفته أن الأشباح لم تُذكر أبدًا بنص واضح صريح، غير أن الكثيرين من أهل الدين والعلم قاموا بتصنيفها على أنها تتمثل في الجن أو الشياطين، وهي تظهر لبثّ الخوف في نفس الإنسان، وبعضها يرغب في إلحاق الأذى به، ولكن كيف تمت الدراسات التي تنفي تارة وتؤكد تارة أخرى على وجود الأشباح؟ وعلى ماذا استندت تلك الدراسات؟
ربما يجدر بنا أن نذكر أن الاعتقاد بوجود الأشباح أو الجن قد تطورت كنتيجة حتمية للاعتقاد الشائع منذ أزمنة طويلة، والذي يشير إلى أن الإنسان يمتلك روحًا تبقى حتى بعد موته، إذ إن الإنسان لم تكن لديه القدرة على احتمال فكرة فراق أحبته الى الأبد، فبدأ يزعم أن تلك الأرواح قد تأتي لزيارة أهلها بعد الموت وتعيش معهم، وهكذا وصولًا إلى فكرة الأشباح والجن.
تعددت النظريات التي تفسر وتؤول مسببات مشاهدة الأشباح على الأغلب في جوف الليل، إذ تعتبر رؤية الأشباح وقصص الأرواح التي تأتي من الحياة الآخرة حكايات قديمة كقدم الزمان ذاته، لكن قد يكون هناك تأويل لادعاء البعض رؤيتهم للأشباح، وكثيرًا ما تلهم وتوحي تلك الخرافات والأشباح والوساوس الكُتّاب وصنّاع الأفلام لصناعة وإنتاج المؤلفات والأفلام.
غير أن هناك العديد من التقارير عن رؤية الأشباح بالفعل منذ قرون عديدة، حيث اعتقد أتباع بلاد ما بين النهرين القدامى أن أرواح الموتى يمكنها أن تجوب الأرض، كما روى المصريون القدماء حكايات عن الموتى الذين يتحدثون من وراء القبور، وعلى الرغم من تعدد الروايات والقصص الأسطورية حول رؤية الأشباح، إلا أنه لا يوجد أي دليل علمي على أن البشر يمتلكون أرواحًا يمكنها أن تعود من الحياة الآخرة، في المقابل، توجد نظريات يمكن أن تفسر سبب ادعاء بعض الناس رؤيتهم للأشباح في جوف الليل.
يزعم الكثير من الناس أنهم يشاهدون أشياء غريبة في غرفهم، أو أنهم يرون أجسامًا مرعبة، ولعل ما يُطلق عليه الجاثوم أكثر موضوع ارتبط بالجن الذي يشلّ حركة النائم ويمنعه من الحركة، ووفقا ل”براين شاربلس”، وهو “عالم نفسي سريري وزميل أبحاث في جولد سميث في جامعة لندن”، فإن مشاهدة الأشباح في الليل أو استشعار وجود تلك الكائنات الشيطانية إنما يعتمد على عوامل ثقافية، وأضاف كذلك أنه من الممكن استخدام الظاهرة نفسها لشرح سبب زعم بعض الأشخاص أنهم قد تعرضوا للاختطاف على أيدي غرباء خلال نومهم.
في حقيقة الأمر فإن موضوع الأشباح يُعدّ الأكثر شيوعًا وتصديقًا من بين مواضيع الظواهر الخارقة، إذ أن الملايين من البشر على هذه البسيطة مهتمون بالبحث عن قصص وحكايات الأشباح في كل لحظة، وحسب إحصائية قام بها الباحث “هاريس بول” في عام 2013، فإن حوالي 43% من الأمريكيين يصدقون بوجود الأشباح.
والجدير بالذكر أن فكرة وجود أرواح الموتى في عالم آخر كما أسلفنا سابقًا هي فكرة قديمة، كما أنها ظهرت في رواية “ماكبث لشكسبير”، وأنتجت تلك الفكرة نوعًا من الفلكلور الشعبي عن قصص الأشباح، ويشمل ذلك قصص تجارب الاقتراب من الموتى والتواصل الروحاني والحياة بعد الموت، وقد كانت تلك القصص بمثابة المتنفس لأولئك الذين لا يريدون تصديق أن أحباءهم قد رحلوا إلى الأبد، فيما يلي سيكون الحديث عن الجن والأشباح من نواحي مختلفة.

هل الأشباح مخلوقة من أشياء غير مادية؟

إذا كان الشبح مخلوقًا غير مادي، فإنه بالتأكيد يستطيع اختراق الباب أو الجدار أو أن ينفذ من أي شيءٍ آخر، غير أنه لن يتمكّن من لمس الأشخاص أو أن يلمس أي شيء مادي آخر، وعليه حين يسمع المرء أية حركة ما داخل البيت، فعليه التأكُّد بأن المسبب لتلك الحركة ليس شبحًا أو روحًا، وذلك لأن الأشباح والأرواح لا تستطيع أن تتعامل مع الأشياء المادّية.
أما ادعاء أن الأشباح مادية فهذا ينسف جميع الأفكار والادعاءات؛ لأنه لن يُسمى جنًّا أو روحًا أو شبحًا بعد ذلك، فهو لن يستطيع أن يتلبّس الإنسان ولا يستطيع الطيران ولا أن يفعل أي شيء خارق للطبيعة، لأنه سيكون محكومًا بالقوانين الفيزيائية نفسها التي تحكم الإنسان وتحكم باقي المواد.

هل تستطيع أجهزة الموجات والترددات الواطئة أن تسجل أية نتيجة لرؤية الأشباح؟

يزعم بعض من يعتقدون بوجود الأشباح أنهم غير ماديين، وأن الأجهزة التي تُستخدم في الوقت الحاضر ليست متطورة بما يكفي لتكون قادرة على كشفهم، غير أن المشكلة تكمن في الادعاء الذي يقول: إن هذه الأشباح تخرج الى عالمنا الطبيعي، إذًا هي أصبحت جزءًا منه، إذ حين يرى المرء صديقه أمامه، تفسّر هذه الحالة بأنها فوتونات ضوئية سقطت على الصديق “المادي” ثم انعكست على العينين، وأما الادعاء لرؤية الجن، فهو تناقضٌ للنفس في ادعاء أنه من الأشياء غير المادية، لأنه بذلك سيكون جسم مادي عاكس للفوتونات “كمثال الصديق تمامًا”، وبالتالي فإن الإنسان لا يحتاج سوى أجهزة بسيطة جدًا لاكتشافه.
قد يأتي البعض ويقولون إن الإنسان طاقة، وإن الطاقة لا يمكن أن تفنى وليس بالإمكان أن تُستحدث من العدم، غير أنها تتحول من شكل الى آخر، وذلك الشكل هو الروح أو الجن، غير أنّ طاقه الإنسان تُمتص بعد الموت من قِبَل البيئة، فبعد أن يُدفن الإنسان في التراب تذهب طاقته الى الديدان التي ستأكله، والنباتات المزروعة بقربه، ويتحول من طاقة بشرية الى طاقة موزّعة في الكون.

المصدر: الأشباح،ندريه بلاتونوف،ترجمة دار النور،2017أفضل قصص الأشباح،مجموعة من الكتّاب،2011أسطورة بيت الأشباح ،أحمد خالد توفيق،2012أرواح وأشباح،أنيس منصور،1973


شارك المقالة: