خرافات مغربية

اقرأ في هذا المقال


إن الثقافة المغربية تزخر بالمعتقدات والخرافات والروايات الملحمية والشخوص السحرية، وفي بقعة ما يلتقى الخيال بالحقيقة والخرافة بالواقع، فنجد أن تلك القصص الخرافية أصبحت إرثًأ متناقلًا يُصدقه أغلب الناس في المغرب العربي، بل وفي جميع البلاد العربية، إذ تشكل الخرافة سطوراً لا يمكن الاستهانة بها في صفحات تاريخنا العربي، وعلى الرغم من أن تلك المعتقدات والخرافات تمثل التراث الشعبي، غير أن البعض منها قد يخالف تعاليم الدين، كالإيمان بالسحر وطلب الأمنيات من الجن وغيره من المخلوقات، أو التبرك بأماكن معينة وكأنها مقدسة.

أشهر الخرافات في المغرب العربي:

عيشة قنديشة:

 تعدّ عيشة قنديشة أو كما تُعرف “سيدة المستنقعات”، وهي إحدى شخصيات الجن الأكثر شهرة وشعبية في الموروث الشعبي المغربي، ويتم تصويرها على شكل ساحرة عجوز شمطاء وحاسدة تقضي مطلق وقتها في حبك الألاعيب لتفريق الأزواج، وتارة أخرى تأخذ شبها قريبًا من “بغلة الروضة”أو “بغلة المقبرة”، فتبدو مثل إمرأة فاتنة الجمال تخفي خلف ملابسها نهدين متدليين وقدمين تشبهان حوافز الماعز أو الجمال أو البغال.

تقوم عيشة قنديشة بفتنة الرجال بجمالها وتقوم باستدارجهم إلى جحرها، حيث تمارس الجنس معهم، ومن ثم تقتلهم فتتغذى على لحومهم ودمائهم؛ غير أنها تخاف من شيء واحد وهو اشعال النار أمامها، وفي إحدى القصص التي تدور حولها يزعم أن عيشة قنديشة اعترضت مرة سبيل رجال كانوا يسكنون القرى، فأوشكت على الإيقاع بهم، إلا أنهم استطاعوا النجاة منها خلال قيامهم بحرق عمائمهم أمامها، وذلك بعد أن لاحظوا شيئاً فيها يميزها عن بقية النساء وهو أقدامها التي تشبه قوائم الجمل، إذن فالسبيل الوحيد للنجاة منها هو ضبط النفس ومفاجأتها بالنار لأنها نقطة ضعفها.
يعود أصل الخرافة وفق الروايات: إن عيشة قنديشة امرأة حقيقية من الأندلس، من عائلة موريسكية كانت قد طُردت عائلتها من هناك، عاشت في القرن 15، قامت عيشة كونديشة بالتعاون مع الجيش المغربي في ذلك الوقت لتحارب البرتغاليين الذين قتلوا وشردوا أهلها، فأبدت مهارة وشجاعة في القتال، لدرجة أن البعض ظنوا أنها ليست بشرًا وإنما جنية، صنعت لنفسها مجدًا واسمًا ذائعًا عند المقاومين والمجاهدين، وعامة المغاربة لما حاربت الاحتلال، واتخذت في ذلك مذهبًا غريبًا، حيث كانت تقوم بإغراء جنود الحاميات الصليبية، وتجرهم إلى حتفهم إلى الوديان والمستنقعات حيث يتم ذبحهم بطريقة أرعبت المحتلين الأوروبين.

بغلة القبور:

أما بغلة القبور فهي خرافة قروية، تشيع في القرى المعزولة في المغرب، ويروى أن بغلة القبور تحيا في الهضاب العالية، ووفق الخرافة فبغلة القبور هي مخلوق يقوم بالخروج من المقبرة عندما يأتي الليل، وتبقى تجري حتى الفجر، وهي تجر وراءها السلاسل، وفي عتمة الليل تظهر مضيئة نتيجة الشرر الهائل المتطاير من عينيها، وكما أن حركتها تحدث جلبة وضجة مرعبة، تمزق صمت الليل الموحش فوقع حوافرها وصليل السلاسل الحديدية التي تحملها في عنقها، يرعب كل من يلمحها أو يصادفها في طريقه.

إذا صادفت بغلة القبور في تجولها الليلي رجلًا، تقوم بحمله على ظهرها إلى مسكنها في المقبرة، ومن ثم تحفر له قبرًا لتقوم بدفنه حيًّا أو تأكله، ووفق الخرافة فإن “بغلة القبور” كانت في حياتها السابقة امرأة أرملة، لم تلتزم بتعاليم العرف الاجتماعي الذي يلزمها باحترام حق الله، بحيث تلبس ثيابًا بيضاء طيلة فترة العدة، وألّا تغادر بيت الزوجية ولا تعاشر رجلا آخر خلال ذلك، وبسبب عدم التزامها حق الله، انتقم منها الله فكان جزاؤها لعنة أبدية وحولها جنية، بهيئة بغلة تنام نهارًا مع الموتى وتقضي الليل تتعذب، وفي بعض المناطق كان الناس يعتقدون أن بغلة القبور بإمكانها التنكر والدخول إلى البيوت في هيئة قريب أو صديق، وتختطف أحد أفراد الأسرة إلى مقبرتها.


بابا عيشور:

وفق الخرافات المغربية بابا عيشور هو “سانتا كلوز” المغرب؛ إذ أنه رجل حكيم وكبير في السن، وفاضل يقوم بمساعدة الفقراء، وبحسب الموروث الشعبي، فإن بابا عيشور ذهب إلى مجلس النواب يطلب التبرعات والهدايا؛ ليقوم بتوزيعها على الأطفال المحتاجين، ولهذا فإن هذه الشخصية ينتظرها الأطفال دائماً في الأعياد، حيث في آواخر القرن 19 كان الناس يجلسون معاً حول النار في المناسبات ليسردوا قصصه مع تناول المكسرات والحلويات والرقص والغناء، ثم اختفت تلك القصص بالتدريج وغمرها النسيان، ولكن هناك بوادر لاستعادة هذا التقليد القديم، حيث أن الأطفال في فترة عيد عاشوراء يجولون من منزل لآخر مرتدين الاقنعة والأزياء التنكرية يطلبون الحلوى والفواكه الجافة أو حتى النقود وذلك بإلقاء السؤال “حق بابا عيشور؟” على من يفتح الباب.
يُعدّ “حق بابا عيشور” تقليدًا مهمًا في عاشوراء، إذ يقوم كل واحد يسكن في الحي الذي يكثر فيه لأطفال، بشراء الحلوى والفواكه الجافة وتحضيرها لحين قدوم الأطفال في العيد، وقد صار هذا التقليد ذائع الصيت في الآونة الأخيرة، حيث يعتبر كبديل للألعاب النارية التي تؤدي عادة إلى الحوادث.


شارك المقالة: