دعائم الفكر الاجتماعي عند سبنسبر في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


دعائم الفكر الاجتماعي عند سبنسبر في علم الاجتماع:

لاحظ سبنسر من دراسته في البيولوجيا أن الأنواع الدنيا من الحيوان تتألف هيكلتها من أجزاء متجانسة لا يتوقف بعضها على بعض أما الأنواع العليا فتتألف أجسامها من أعضاء متباينة تستند في أدائها ﻷعمالها ووظائفها بعضها على البعض.

وقد ذهب سبنسر إلى أن هذا الأمر، وهذا التكوين ينطبق على المجتمع، فالمجتمع مثل أي كائن حي يبدأ متجانساً، ثم يرغب إلى التعقيد واللاتجانس، ويبدأ الانتقال من التشابه والتماثل عند سبنسر ينطبق على كل الظواهر السياسية وظواهر الأخلاق، والعادات والقانون، ويذكر الكثير من الأمثلة التي توضح هذا المبدأ ويقرر في النهاية أن التخصص هو غاية كل تطور وإرتقاء في الموجودات وهذا القانون يستند عنده على أساسين:

  • الأول: كلما تزايدت درجة التعقد في المركب الحيوي تزايدت درجة التخصص والتنوع.
  • الثاني: كلما تزايدت درجة التخصص والتنوع في الأعضاء تزايدت درجة استقلالها.

وحينما ينتقل للحديث عن المجتمع ليطبق عليه هذه القاعدة يقول إن الجماعات البشرية كانت في البداية تعيش على الفطرة، وتتكون من أفراد متشابهين من حيث طرق المعيشة والانتماء للمجتمع، والغايات والحاجات، ولا يستند كل فرد على غيره في سائر أموره، فكان الفرد يعد غذائه، ويبني مسكنه ويدافع عن ذاته مثله في ذلك مثل الأنواع الدنيا من الحيوان، ثم ظهرت الحياة الاجتماعية وانتقلت إلى مرحلة أكثر إرتقاء، فظهرت الفروق بين الأفراد، وأمكن ملاحظتها بوضوح وأصبح للفرد زوجة وأولاد يزرعون ويحصدون معاً، ويتقاسمون أعمال الزراعة والصيد والرعي وشؤون الحياة الاجتماعية الأخرى، فتزايد التخصص والإستقلال في مرحلة تطورية أخرى، فأصبح هناك من يقوم بالزراعة، ومن يقوم بغيرها من الأعمال سواء المرتبطة بها أو غير المرتبطة.

كما ظهر من يقومون بأعمال الإدارة، والحكم والأمن وغيرها، وبعد أن كان رب العائلة يقوم بكل الوظائف الاجتماعية في عائلته أصبح هناك من يقوم بجزء كبير من أعماله، وهكذا يستمر التطور في كل شؤون الحياة الاجتماعية حتى تظهر الطبقات المختلفة، وفي المجتمعات إستمر هذا التخصص إلى أن وصل إلى مراحل دقيقة فظهرت عشرات التخصصات في المهنة الواحدة.

ومع ذلك فإن التخصص ووصوله إلى المراحل التي وصل إليها لا يعني استقلال كل فرد عن الآخر أو كل طبقة عن غيرها من الطبقات، ولكن هذا التخصص يتضمن إلى جانب ذلك التضامن والتعاون، ويتمثل هذا التعاون في الأهداف والغايات التي يسعى إليها كل تنظيم اجتماعي.


شارك المقالة: