دورة الصفوة ودورها في حدوث التغير الاجتماعي عند فيلفريدو باريتو

اقرأ في هذا المقال


في كتاب فيلفريدو باريتو والذي يحمل عنوان (النظم الاشتراكية) حيث أنه يعترف وبكل وضوح بمقولة كارل ماركس كون التاريخ الإنساني في الأساس هو تاريخ للصراع.

دورة الصفوة ودورها في حدوث التغير الاجتماعي عند فيلفريدو باريتو:

فيلفريدو باريتو يتفق مع كارل ماركس بأن أساس المجتمع هو الصراع ولكن في نفس الوقت يختلف معه في نقطتين أساسيتين هما:
1- أن سبب الرئيسي للصراع لا يمكن أن يكون اقتصادي بشكل كامل، والذي يتمثل في امتلاك وسائل الإنتاج فإنه يوجد الملكية الحكومية والقوة العسكرية واللتان تلعبان دور مهم في تحديد عملية الصراع.
2- يرى باريتو أن ماركس أخطاء عندما قال أن الصراع الطبقي الحديث يختلف عن ما كان عليه في السابق، وأن البروليتاريا ستنتصر في نهاية الصراع، فإن الذين سينتصرون هم الذين يتحدثون باسم البروليتاريا، وهم الذين يشكلون نخبة حاكمة جديدة، وبالتالي فإن الاريخ الإنساني يتمثل في دورة للنخبة الحاكمة.
كل بناء اجتماعي يبنى على التفاوت والاختلاف في الأوضاع وعلى اللامساواة في الاعتبار والقوة والشرف والممتلكات المادية، وفي أعلى السلم تكون الأقلية تحاول المحافظة على تميزها بالتركيز على أسلوبين يتمثلان في القوة القهرية أو إقناع العامة بتقبل الوضع الراهن.
ويتم توزيع أعضاء المجتمع إلى مستويات مختلفة في البناء الاجتماعي على أساس من يمتلك رواسب متصلة بعواطف مرتبطة بالتكوين البيولوجي، حيث أن باريتو قام بذكر ستة أنواع من الرواسب موزعة بشكل غير متساوي، وتتشكل النخبة في المجتمع ممن يملكون الراسب الأول والثاني.
حيث أن الراسب الأول يتكون من القدرات الطبيعية من أجل التشكيل والربط في حين أن الراسب الثاني يتكون من خلال غريزة المحافظة والميل إلى التجمع، وبالتالي يشكلان وجهين متناقضين فالراسب الأول يشير ويشجع الميل إلى التغير الاجتماعي وتشجيع الإبداع وإقامة البناءات الفكرية والثقافية.
في حين يقوم الراسب الثاني على الميل إلى الاستقرار والثبات والمحافظة، وبالتالي فإن جهود المجددين وأفعالهم تتعارض مع جهود المحافظين.

التغير الاجتماعي وارتباطه بالنخبة الحاكمة:

إن المجتمع يتكون إلى جانب الصفوة بشقيها الراسب الأول والراسب الثاني أغلبية من عامة المجتمع، وهم لا يملكون الراسب الأول والثاني، وبالتالي يقوم الصراع بين شقي النخبة وبين الأقلية من عامة الشعب وذلك بسبب مجموعة العوامل والمصالح المختلفة.
والمصلحة تتمثل في التوجهات التي تقوم بالعكس على أفعال الأشخاص والتي تغلب عليها العقلانية لا ارتباطها بأغراض وغايات محددة، كما أن هذه المصالح تحتوي على الجانبين المادي والمعنوي.
كما أن التغير الاجتماعي يرتبط بنوع النخبة الحاكمة فإن عملية التغير الاجتماعي تحدث في حكم النخبة المبدعة والتي تفكر بطريقة مختلفة ومتجددة، وهذا الأمر تفتقر له النخبة المحافظة، حيث أن النخبة الأولى تسير في المجتمع إلى حالة متغيرة بشكل دائم مما يؤدي إلى التهديد بالفوضى وضياع الهوية مما يتطلب وجود حالة من الاستقرار داخل المجتمع فتقوم النخبة الثانية بتحقيق نوع من الاستقرار.
غير أن النخبة الثانية تقوم بإنقاص وافقاد المجتمع حيويته وقدرته على استخدام الموارد المتاحة، مما يتطلب من المجتمع الرجوع إلى النخبة أو المجموعة الأولى الدينامية والحركية وبالتالي يتم تبديل النخب في داخل المجتمع، ويأخذ المجتمع في كل زمن خصائص النخبة الحاكمة في تلك الفترة.
كما أن باريت يتفق إلى حد كبير مع أرنولد توينبي وذلك في الدور الذي يعطي للنخب الدور في إحداث عملية التغير الاجتماعي والعمل على التحكم في اتجاهات وطبيعة المجتمع، وكما أنهما يختلفان مع كارل ماركس وماكس فيبر في تحول دور الفاعل للبروليتاريا عند كارل ماركس في حين تلعب الطبقة الوسطى الدور الكبير عند ماكس فيبر.
حيث أن التصور المنتشر عند أغلب العلماء هو أن الإنسان هو كائن عقلاني ولكن باريتو اختلف معهم في هذا التوجه، وأن أغلب الأفعال الإنسانية أفعال لا عقلانية، وقد قام باريتو بتصنيف الأفعال إلى أفعال عقلانية منطقية والأخرى هي أفعال غير عقلانية.
الفعل العقلاني هو الفعل الذي يرتبط ويتعلق بالمنطق ويكون له غاية محددة ليس من وجهة نظر الفاعل فقط وإنما من وجهة نظر الأفراد الأخرين، وبالتالي فإن الغاية تكون مرتبطة بالوسيلة، وبالتالي فإن سلوك الفرد له جانبين وهما الجانب الذاتي والجانب الموضوعي الأفعال العقلانية على الأغلب أنها ترتبط بالمعرفة العلمية التي تنتج عن المنهج المنطقي والتجريبي، والفعل الذي يتسم بالعقلانية من وجهة نظر باريتو مثل عمل المهندس والطبيب والمحامي في حين أن الفعل غير العقلاني فهو يعد مشكلة بحثية.

المصدر: مدخل الى علم الاجتماع،محمد عبدالهادي،2002مقدمة في دراسة علم الاجتماع، ابراهيم عثمان،2010التغير الاجتماعي والثقافي،دلال ملحس،2012التغير الاجتماعي ودوره في تغير القيم الاجتماعية،لطيفة طبال،2010


شارك المقالة: