ما هو دور صراعات الأسرة الأموية في سقوط الدولة الأموية؟

اقرأ في هذا المقال


دور صراعات الأسرة الأموية في سقوط الدولة الأموية:

ترجع إرادة الأسرة الأموية لوصولها للسلطة منذ عهد الخليفة الراشدي عثمان بن عفان، وأن معاوية بن أبي سفيان اجتهد للوصول إلى الخلافة، وقد نجح في سنة 41هـ في الوصول للخلافة، ولم يكن السبب في وصوله أسرته، أنما كان مجهود شخصي منه، وبدعم مادي ومعنوي من قبائل شامية متماسكة، ونستطيع معرفة ذلك من الولاة والقادة الذين كان يضعهم.
ولكن بالطبع أن معاوية لم يستغني عن أسرته، فقام بالاستعانة بعدد من أفراد أسرته ووضعهم في منصب مختلفة، حيث كان يوجد سبب لذلك وهو أن يستعين بالأشخاص الأكفاء منهم، ولزيادة سلطان ونفوذ البيت الأموي، ويساعده ذلك على تثبيت أركان الدولة الأموية وتقويتها.
وكان أبرز مجال عمل فيه معاوية بن أبي سفيان هو ولاية العهد، فقد اعتمد كثيراً على مروان بن الحكم بأن يكون رسوله على الحجازيين بأن يأخذ البيعه لابنه يزيد بن معاوية، وتعمًّد معاوية أحياناً أن يبثَّ التفرقة بين الرجال البارزين في الدولة الأموية؛ وذلك تحفُظَّاً على سياسته وليحدَّ من طموحاتهم.
وكانت هذه السياسة المستخدمة تهدف لحصر الخلافة لأهله، خاصةً حين يدُّب الضعف في أركان البيت السفياني، فيكون الأمر مستخلصاً للبيت المرواني فقط، وبسبب صفات معاوية القيادية إستطاع تحقيق الوحدة الأموية، ولكن هذه الوحدة بدأت بالتداعي عندما أعلن بيعته لابنه يزيد بن معاوبة بولاية العهد.
وكان مروان بن الحكم ذو شخصية بارزة في الدولة الأموية، حيث تطَّلع للخلافة بمهاراته وقدرته الإدارية والعسكرية، حيث أخذ يفكر بالأمور ويخطط لصالحه الشخصي، ولم يكن يستطع أن يعترض على سياسة معاوية أثناء حياته، وكان مستعداً أن يبدأ بعد وفاته، ولكن الظروف الصعبة التي مرَّت بها الدولة الأموية والتي تطلبت تعاون جميع أطرافها، منعته من إعلان معارضته.
وقد ظهرت خلافات بين آل أبي العاص من جهة ومن الجهة الأخرى آل سفيان، ولكن معاوية بن أبي سفيان استطاع امتصاص هذه الخلافات بقدرته، ولم تؤثر هذه الخلافات على نشأة االدولة الأموية، وكان موقف مروان بن الحكم من خلافة معاوية الثاني موقفاً سلبياً ولم يرضى عن تسلُّمه للحكم، ولكن خلافة معاوية الثاني القصيرة منعته من الاستعداد الكافي للمعارضة.
ونتيجة لمقررات مؤتمر اجابية استطاع مروان تسلُّم السلطة، وأرادت الأسرة الأموية وضع حد لسياسة معاوية التي تقتضي على أن تكون الخلافة من البيت المرواني، فقرر المجتمعون في المؤتمر أن يخلف خالد بن يزيد ثمَّ عمرو بن سعيد بن العاص من بعده، ولكن معاوية اقتضى بمروان فحصر السلطة داخل أبناءه عبد الملك وعبد العزيز، وقام بإزاحة المرشحين، ويبدو أن معاوية ذهب ضحيةً لتصرفه هذا.
وكان أول خلاف ينشأ بجديَّه بعد أن تسلم البيت المرواني الخلافة، وظهرت نتائج هذا الخلاف للعلن، ويعتبر خلاف عبد الملك بن مروان مع عمرو بن يزيد، الذي رفض البيعة لعبد الملك، من أشد الخلافات التي حصلت في الدولة الأموية، الذي أدَّى إلى موت عمرو بن يزيد على يد عبد الملك بن مروان بعد حصول عدد من الأحداث، وكان مقتل عمرو تثبيتاً للحكم المرواني، وباباً للكثير من النزاعات التي حدثت في الدولة الأموية من جهة أخرى.
ولأن الدولة كانت حديثة التطور لم تحصل الكثير من المشكلات بسبب تلك الخلافات، حيث استطاعت امتصاصها بسهولة، وكانت شخصية عبد الملك مؤثرة بشكل كبير، حيث نجح في إعادة وحيد الدولة الإسلامية ووضعها تحت سيطرته، ولكن كانت الأحقاد الدفينه تنتظر فرصة للإنقضاض، واستمر عبد الملك على نهج أبيه فأعطى الولاية لأولاده الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك، بعد وفاة أخوه عبد العزيز بن مروان.
حدد الوليد سياسته اتجاه الدولة الأموية، وكان ضمن اتجاهين، الإتجاه الأول هو الاستفادة من القدرات الأموية وألا تعترض مع مصالحه أو مصالح الفئة التي يمثلها، أما الاتجاه الثاني منع أي تكتلات معارضة داخل الدولة الأموية، وكان من ضمن افتجاة الأول تولِّي عمر بن عبد العزيز إمارة المدينة، أما فيما يخص الاتجاة الثاني رفض الوليد لأخوة سليمان أن يتجاور مع يزيد بن المهلب بعد خلافه معه، وخوفاً من أن تتشكل أي تكتلات معارضة يكون ولاؤها لغيره.
وعندما تولَّى سليمان بن عبد الملك الخلافة قام بعزل جميع الولاة التابعين للوليد، ووضع أشخاصاً يثق بهم وضامناً لولاءهم، وحصل في عهده صراع القيادة السياسية مع اليادة العسكرية، وحصل أن ترضت الدولة الأموية لانتكاس كبير غفي الأندلس، وقام سليمان بإعطاء الخلافة لابن عمه عمر بن عبد العزيز، شريطة أن يكون ابنه يزيد بن عبد الملك من بعده، وقد عارض الكثير من أبناء الأسرة الأموية هذا الإنتقال.
وظهر أيضاً عند الخليفة هشام بن عبد الملك معارضة من قبل ابن أخيه وولي عهده الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وزاد الصراع بين الطرفين، وبعدها قرر هشام أن ينزع ولاية العهد من الوليد ويسلمها لابنه مسلمة بن هشام، ألا أن الوليد رفض ذلك، وذهب إلى دمشق وبقي فيها حتى توفي عمه هشام، وبعدها تسلَّم الوليد الخلافة وبدأت الصراعات الحادة في عهده، وشكل سلسلة طويلة أدت بنهايتها لسقوط الدولة الأموية.
وكانت علاقة الوليد بأبناء عمه هشام ليست طيبة، فقد نعتوه بأشد الألقاب وقالوا كانوا كافر وزنديق، وعملوا على قلب الناس عليه حتى قتلوه، وهكذا بدأت تشههد الدولة الأموية سقوطها إذ زادت الخلافات بين أفراد أسرتها، وشهدت تدهوراً خطيراً في البنيه الداخلية، حيث زادت الصرعات القبلية التي كانت سبباً في وقوف الدولة الأموية، وكثرة الصراعات بين الولاة والقادة على تسلُّم الولايات.
وازداد تدهور الدولة الأموية في عهد الخليفة يزيد الثالث، وازدات الصراعات بيين الأسر الأموية، وكثرت الفتن، وظهور أُناس يريدون لأنفسهم مصالح شخصية من مال وجاه، وكانت وفاة يزيد الثالث وخلافة أخيه إبراهيم الذي لم يجمع عليه الكثيرين بدايةً مضاعفات كثيرة وخطيرة، حيث ازداد الشق في الأسرة الأموية، وزيادة أطماع الأحزاب وأشخاص يريدون السلطة من الدولة.
وبرز مروان الثاني الذي كان واعياً للخلافات، ولكن كان صعباً عليه أن يعود لتوحيد الدولة لكثرة الخلافات فيها، وعلى الرغم من أنه كان قائداً شجاعاً وحكيماً، وعندما قرَّر حسم الأمور لنفسه ظهرت جماعات معادية كثيرة، وبسبب كثرة الخلافات انهارت قوته ولم يستطع التحمُّل، وحينها وجد نفسه عاجزاً عن التصدي لقوة العباسيين.

تولية العهد:

كانت ولاية العهد سبباً كبير لحدوث الإنشقاق بالدولة، فقد كان الكثير من الخلفاء يولِّي اثنين من ولاة العهد يلي أحدهما الآخر، وكان من الواضح قيامهم بذلك لتفادي أي حروب أهلية مستقبلاً، فكان سبباً في حدوث المنافسات والمنزاعات، وزاد من الكره والبغضاء عند البعض، فعندما يكون الأمر للأول يعمل جاهداً لخلع الثاني، وأول من قام بذلك هو مروان بن الحكم، إذ أعطي الولاية لابنيه متتابعين.
وهكذا تطورت الكثير من الأحداث السياسية نتيجةً للمنافسة في الأسرة الأموية، ولم يعتبر سليمان أن تلك الأحداث التي حصلت بسبب تولِّي اثنين من ولاة العهد، فقام بوضع عمر بن عبد العزيز من بعده، ثم ابنه يزيد، ولم يزيد على وفاق، ولكن عمر لم يحاول أن يقوم بخلعه خوفاً من حصول الفتن، وكانت هذه السياسة سبباً كبيراً في حدوث الانشقاق في البيت الأموي، وتجزأت قواهم؛ ممّا سمح للكثير من الأعداء بالاعتداء عليهم بسهولة.

الصراعات القبلية:

ارتكز البيت الأموي منذ نشأته عن العنصرية القبلية، وأن ظروف النزاع بين القيسية واليمنية انعكس سلباً على شخصية الدولة الأموية، وكان معاوية وهو يعد الخطط للسيطرة على الخلافة، يجتهد باستخدام كافة الوسائل العسكرية والإدارية والنفسية، من أجل أن ينتصر في المعركة، وفرضت عليه هذه المنهجية أن يلتزم بالقبلية، وقد استخدم في سياسته الداخلية السياسة القبلية، من خلال مصاهرته لبني كلب.
وكان الحزب اليمني بسيادة حسان بن بحدل ذو نفوذ عالٍ، وكان يسعى جاهداً للمحافظة على مكتسباته وممتلكاته، وكان الحزب القيسي بزعامة الضحاك بن قيس وصل لدرجة تنافس الحزب اليمني، وكان يطمح للوصول إلى المراكز القيادية، ولذلك قام باختيار ابن الزبير المنافس الأول للدولة الأموية.


شارك المقالة: