اقرأ في هذا المقال
- الخليفة الظاهر بأمر لله
- الأحداث التي جرت في دولة الموحدين
- الأحداث التي جرت أمير النصارى الفونس
- نهاية دولة الموحدين
الخليفة الظاهر بأمر لله:
هو الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن أحمد الناصر لدين الله، ولد سنة (571 هجري)، وبويع بالخلافة عند وفاة أبيه سنة (622 هجري)، فكان عُمره يومذاك اثنتين وخمسين سنة. وقد أحسن إلى الرعية، وأبطل المكوس، وأزال المظالم، وفرّق الأموال.
الأحداث التي جرت في دولة الموحدين:
ذهب يوسف بن عبد المؤمن عام (580 هجري)، بقيادة جيش كبير نحو الأندلس، فاستطاع الاستيلاء على المدن في طريقه، وذهب إلى أشبونة في غربي الأندلس، وقام بمُحاصرتها، وأشاع النصارى في إحدى الليالي أن يوسف قد ارتحل عائداً إلى المغرب فسرى هذا الخبر في صفوف الجيش الإسلامي فساده الاضطراب، وبدأ الناس بالرحيل أيضاً، وفك النصارى الحصار بذلك.
وخرجوا نحو خيمة يوسف فاستقبلهم وقاتلهم، فقُتِلَ عدد من حرسه، وأصيب هو بطعنات بليغة، وشعر المسلمون بما تم فعاد التماسك إلى صفوفهم ورجع من غادر، ونشبت معركة كبيرة انتصر فيها المسلمون، ورجع الجيش، وتوفي يوسف في طريق العودة، وكان يوسف رحمه الله من أعظم خلفاء الموحدين حُباً للعلم وأهله وتقديراً لرجاله، وعاش في أيامه الطبيب ابن زهر، ومن الفلاسفة ابن الطفيل وابن رشد.
تولى بعد يوسف ابنه يعقوب أبو يوسف وقد اصطدم مع ابن غانية، كما سار إلى الأندلس عام (585 هجري)، وأغار على أشبونة، وحصل على غنائم كثيرة. وطلب الفونس أمير نصارى الأندلس من يعقوب هُدنة لمُدة خمس سنوات، فأجابه يعقوب إلى طلبه، غير أن الفونس قد شعر بقوته فنقض العهد، وأرسل إليه كتاباً فيه تهديد فلمّا وصل الكتاب إلى يعقوب أعاده إليه، وجمع الجنود وسار إلى الأندلس حتى اقترب من حصن الأرك.
وقسم جيشه إلى قسمين: الأول: يقوم بقيادته أبو يحيى بن أبي حفص الهنتاني، وهو في المقدمة، والثاني: يقوم بقيادته يعقوب بن يوسف، والتقى أبو يحيى مع جيش النصارى فانتصروا عليه واستشهد أبو يحيى، ثم جاء يعقوب بقوته، وطوق جيش النصارى من الخلف، وعمل فيهم قتلاً فلم ينج منهم سوى الفونس وثلاثين فارساً من حرسه الخاص وذلك في(3) شعبان عام (591 هجري)، ودخل عقوب حصن الأرك.
عاد الفونس فجمع حشوده وسار إلى قتال يعقوب الذي كان قد طلب أيضاً نجدةً من المغرب، والتقى الفريقان، وانتصر المسلمون وغنموا كثيراً عام (592 هجري)، وفي العام نفسه أغار يعقوب المنصور على طليطلة وما جاورها، ورجع بعدها إلى إشبيلية، وصالح بعض أُمراء النصارى الذين طلبوا تمديد مُدة الهدنة معه، ورجع بعدها إلى المغرب.
كان ابن غانية في هذه الأثناء قد ذهب نحو المغرب ويعقوب المنصور كان مشغول بحروبه في الأندلس، وعاث ابن غانية الفساد في شمالي إفريقية، فسار إليه يعقوب المنصور بعد أن هادنه النصارى وانتصر عليه. في هذا الوقت كانت الحروب الصليبية على أشدها فى المشرق وقد استطاع صلاح الدين الأيوبي أن يُخلْص القدس من أيدي الصليبيين عام (583 هجري).
وجاءت بعدها حملة صليبية كبيرة إلى بلاد الشام فما كان من صلاح الدين الأيوبي الناصر إلا أن أرسل هديةً وكتاباً إلى المنصور يعقوب بن يوسف يطلب منه الدعم لردّ الصليبيين عن بلاد المسلمين غير أن المنصور لم يكن بوسعه ذلك إذ لم تقل الحرب الصليبية في الأندلس لهباً عن الحرب الصليبية في المشرق، ومع ذلك فقد أرسل له مائة وثمانين سفينة لتكون عوناً لأسطول المسلمين في المشرق ضد الأسطول الصليبي.
ومات يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن عام (595 هجري)، ودفن في تينمال، وكان وراءه ابنه محمد، ولُقِبَ الناصر لدين الله. سار محمد الناصر إلى حرب ابن غانية، وكان قد استولى على المهدية، وانتصر على الموحدين في تونس، فهزمه وخلّص مدن شمالي إفريقية منه الواحدة تلو الأخرى حتى فرّ ابن غانية، ورجع إلى جُزر البالئار وذلك عام (602 هجري)، وولّى الناصر على تونس الشيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص الهنتاني.
الأحداث التي جرت أمير النصارى الفونس:
هجم الفونس أمير نصارى الأندلس على مناطق المسلمين فيها فذهب إليه الناصر وقد قام بتجمع جيش كبير، وذهب إلى الأندلس عام (607 هجري)، ووصل إلى منطقة إشبيلية، وقام بتقسيم جيشه إلى خمس فرق، وأمر كل فرقة أن تنزل في ناحية من الأندلس لإضعاف معنويات النصارى بإظهار كثرة حشود المسلمين، ووقع الرعب في نفوس النصارى وقد طلب أمير بنبلونة الصلح من الناصر.
وذهب الناصر إلى حصن (سلبطرة)، فقام بمُحاصرته لمدة ثمانية أشهر حتى ضعف أمر المسلمين المحاصرين، وشعر الفونس بما حل بجنود المسلمين نتيجة حصارهم للحصن فسار إليهم واحتل قلعة (رباح) من الموحدين، فاقتحم الناصر الحصن عندئذ، وسار نحو الفونس، والتقيا في حصن العقاب فانتصر النصارى عليه في تلك المعركة التي جرت في (15) صفر عام (609 هجري)، وكانت هذه الهزيمة ضربة شديدة على المسلمين.
نهاية دولة الموحدين:
توفي محمد الناصر عام (610 هجري)، وتولى مكانه ابنه يوسف أبو يعقوب، وقد عُرِفَ باسم يوسف الثاني، وكان في السادسة عشر من عمره، فطمع بعض أفراد أسرته في الحكم لصغره، وأصبح المتسلطون من الأمراء وغيرهم من الوزراء يولون الصغار ليبقى لهم نفوذهم. وولي بعد يوسف الثاني عم أبيه عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن، وكان رجلاً كبيراً.
فلم يلبث أن خلع لأنه لم يقو على القيام بأعباء الحكم، ونُصّب عبد الله بن المنصور ولُقّب بالعادل، غير أنه عُزل، وبعد عزله بثلاثة عشر يوماً مات مخنوقاً، ونُصّب أخوه الآخر، وهو إدريس ولُقِبَ بالمأمون، ثم نكثوا ببيعته (624 هجري)، وبايعوا يحيى أبا زكريا بن محمد الناصر فخرج عليه عمه المأمون عام (626 هجري).
وَهُزِمَ يحيى، ودخل المأمون مراكش، وخرج المأمون من مراكش في بعض حروبه فاقتحم يحيى مدينة مراكش، ودخلها ثانية عام (629 هجري)، وهلك المأمون في وادي العبيد، وبويع ابنه عبد الواحد، ولُقَِبَ بالرشيد، وهاجم مراكش، وهُزِمَ يحيى عام (630 هجري)، وفرَّ إلى الصحراء ودخل الرشيد مراكش، وبعد مُدة عاد يحيى بجيش من البربر وقاتل الرشيد ودخل مراكش عام (632 هجري)، وفرَّ الرشيد إلى سجلماسة، فجمع جيشاً، ودخل مراكش عام (633 هجري)، وهرب يحيى منها، ولكنه لم يلبث أن اغتيل.
أما الرشيد فبقي حتى توفي عام (640 هجري)، وفي أيامه دخل النصارى قرطبة عام (636 هجري). وفي عام (640 هجري)، تولى أمر الموحدين علي بن إدريس المأمون أبو الحسن السعيد، ولقب بالمعتضد، وذلك بعد وفاة أخيه الرشيد، وحارب بني مرين الذين قوي أمرهم، وقد وصل إلى تلمسان فتصدى له أميرها يغمراسن بن زيان من بني عبد الواد، وقد قُتِلَ المعتضد في المعركة عام (646 هجري).
وتولى بعد المعتضد عمر بن إسحاق بن يوسف بن عبد المؤمن، أبو حفص، وتلقّب بالمرتضى، وفي أيامه استولى النصارى الإسبان على إشبيلية، كما حاصر بنو مرين مراكش عام (655 هجري)، ثم ثار عليه ابن عمه الواثق بالله إدريس أبو العلاء الذي تحالف مع بني مرين، واحتل مراكش، فاختفى المرتضى، فأرسل إليه الواثق من قتله عام (665 هجري). تولى إدريس بن محمد بن عمر بن عبد المؤمن أمر مراكش، قوي أمر الخارجين عليه، وقتله بنو مرين عام (667 هجري)، فانقضى أمر الموحدين بموته بعد أن حكموا (152) سنة (515 – 667 هجري).