رحلة الدعوة العباسية

اقرأ في هذا المقال


رحلة الدعوة العباسية:

إن حب المسلمين لآل البيت، ثم عطفهم عليهم وخاصةً بعد فاجعة كربلاء جعل كل طامع يدّعي أنه يعمل أو يدعو لأحد رجالات آل البيت، ومن بين هؤلاء الطامعين المُختار بن أبي عبيد الثقفي الذي كان مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في العراق، وسكن البصرة بعده، ثم نفاه
عبيد الله بن زياد بعد حادثة كربلاء إلى الطائف بعد أن سجنه مدة، ثم كان مع ابن الزبير، وتظاهر أنه من دعاته.

وطلب منه السفر إلى العراق ليعمل له فوافقه، وانتقل المختار إلى العراق، وهناك دعا لمحمد بن علي بن أبي طالب المعروف بـ (ابن الحنفية)، ولكنّ محمداً لم يستجب له، وتبرّأ منه، وأعلن كذبه، غير أن المختار ادّعى أن هذا الرفض أو عدم الرضا من صفات الإمام. وقد قال محمد بن علي مرةً عندما بلغه أن بعض الناس يزعمون أن عند آل البيت كثيراً من أسرار العلم، وإنا ‏ والله ‏ ما ورثنا من رسول الله إلا ما بين هذين اللوحين، وأشار إلى المصحف.

وإِنّ من زعم أن عندنا شيئاً نقرؤه إل كتاب الله فقد كذب. وعلى هذا لم يكن محمد بن علي ليطلب لنفسه الأمر، أو يدّعي الإمامة، وكذا كان ابنه عبد الله، وإن ادعت الكيسانية، أنَّ الإمامة قد انتقلت إليه بعد وفاة أبيه. كان بنو أُمية يُكرمون بني هاشم، ويُقطعونهم القطائع، ويُعطونهم الأعطيات، ولكن إذا حرّض بعض الناس أحدهم للخروج على الدولة نكلوا به، وبمن حرّضه.

وإذا كنا لا نقر بني أمية في قسوتهم إلآ أننا في الوقت نفسه لا نرى الخروج على الإمام، أو كلما حلا لأناس الدعوة لشخص دعوه إلى الخروج بحجة أنه الإمام الشرعي ثم قام يدعو لنفسه، ويقاتل الخليفة القائم بالأمر، وإِنْ الإمام الشرعي إِنْما هو الذي أخذ البيعة من
المسلمين دون إكراهٍ ودون وراثة.

خلافة بني أُمية وبني هاشم:

وفي الوقت الذي لا نرى فيه وراثة بني أمية السلطة ولكننا في الوقت نفسه لا نرى وراثة بني هاشم أو أية قبيلةٍ أو أُسرة أخرى، فالخلافة ليست ملكاً عضوضاً، وإن كان من خرج من بني هاشم هو أفضل من حكام بني أمية الذين خرجوا عليهم، لكنه من ناحيةٍ شرعية تصح إمامة المفضول مع وجود الفاضل.

وكان خصوم بني أمية للإشاعة ضدهم كُلما مات رجل من آل البيت ادعوا أن الأمويين قد دسّوا له السم أو عملوا على قتله، ولكثرة الإشاعات، كاد يصدق كل إدعاء. ومن باب إكرام بني أمية لبني هاشم فقد أقطع الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي (الحميمة) بالقرب من الشوبك من إقليم البلقاء في الأردن لعلي بن عبد الله بن عباس، فأقام بها، واستقر فيها.

زيارة أبو هاشم عبد الله بن محمد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك:

ومن هذا الباب أيضاً فقد زار أبو هاشم عبد الله بن محمد بدمشق الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وقد أكرمه سليمان، وقدم له الأعطيات، ثم انصرف أبو هاشم متوجهاً إلى المدينة المنورة، وأثناء الطريق شعر بالمرض، وأحسَّ بدنو أجله، وحدّث بذلك لمرافقيه، فقال بعضهم لعل سليمان قد دس لك السمّ، فتوهّم بذلك، كحالة كل مريض.

فانتشر الخبر وأصبح الشك المزعوم يقيناً، فتأثر أبو هاشم من بني أمية، وعرج على (الحميمة)، ونقل ذلك لابن عمّه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وطلب منه أن يعمل ضدّ بني أمية. ولو كان قد وُضع لأبي هاشم السمّ لضي عليه بشكل سريع، وعادة الملوك أن تضع السمّ الزُعاف، ولكنّ أبا هاشم قد عاش بعد مغادرة سليمان ما يزيد على الشهرين، وذلك عام (99 هجري).


شارك المقالة: