اقرأ في هذا المقال
- مهام الملك سعود السياسية
- سياسة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود
- تتبع سياسة الملك سعود الخارجية
- الملك سعود وعلاقته مع بريطانيا
مهام الملك سعود السياسية:
في سنة 1334 هجري الموافق 1915 ميلادي أوكل إلى سعود بن عبد العزيز أول مهاماته السياسية وهي سفارته إلى قطر، وكان ذلك في أثناء معركة كنزان حيث كان يبلغ الثالثة عشر من عمره، حيث قاد الوفد باسم والده وكان السبب منه هو معالجة بعض المشكلات المتعلقة بأطراف معركة كنزان ولبدء صفحة جديدة من العلاقات السعودية القطرية، ونجح في إتمام هذه المهمة،حيث اكتسب الخبرة اللازمة في المحادثات السياسية وبدأ يتدرج في توليه للمهام العسكرية والسياسية والإدارية من ذلك الوقت.
بعد نجاحه في مهمته الأولى، أصبح الأمير مواكباً للتطورات التي مرت بها فترة حكم والده، فقام في البدء في المشاركة معه في عدد من المعارك وكان أولها معركة جراب، حيث لا تدل المصادر إلى دوره الفعال في هذه المعركة، ولكن كان مرافقاً مع والده وأخيه تركي وشهد كيف تدار المعارك وكيف يخطط لها كعمل ميداني، حيث وقعت جراب بالقرب من الزلفي ضد أمير إمارة جبل شمر سعود الرشيد عام 1333هجري الموافق 1915 ميلادي، وطلب منه والده ومن تركي أخيه العودة إلى الرياض بصحبة أخيهما الأصغر محمد.
قام الملك عبد العزيز بتوكيل الأمير تركي على القصيم ليحميها من هجمات ابن رشيد في ذلك الحين، تحرك الملك عبد العزيز وابنه سعود لمواجهة ابن رشيد في معركة ياطب، حيث دارت هذه المعركة سنة 1336هجري /1918 ميلادي وكان النصر حليف الملك عبد العزيز. وأظهر سعود مع أخيه تركي الأول شجاعة فائقة رغم صغر سنهما، ولم يلبث الفرح بالانتصار إلا أن نهض مرةً أخرى ابن رشيد ونكث بالعهد، فما كان من الملك عبد العزيز إلا أن يرسل حملة تأديبية له بقيادة ابنيه الأمير تركي والأمير سعود لقتاله، ولكن ابن رشيد تراجع عن قراره وعاد إلى حائل.
قام الأمير سعود بقيادة جيش لمنع اعتداءات القبائل الموالية لأسرة آل رشيد في معركة وادي الشعيبة في حائل، وكانت الخطة هي الهجوم على حائل، ولكن كان الأمير سعود لديه رأي مختلف واكتفى بما حصل عليه من انتصارات على القبائل لشدة الحرارة، وجفاف الأرض، وأن جيشه غير مزود بمدفعية، تسهل عملية دخول حائل. وشارك الأمير سعود في الحملة التأديبية بعد معركة تربة لتأديب المتمردين من قبائل عتيبة تحت زعامة الخراص من مشايخ عتيبة الموالين لشريف مكة حسين بن علي الهاشمي وذلك في مكان يسمى شرمه قرب مناهل الدفينة.
سياسة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود:
كانت سياسة الملك سعود الخارجية، هي السير على خطى والده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود من أجل السعي المستمر ليقوم في اتخاذ الوضوح في سياسة واحدة ومحددة، ولم تكن فقط في اتجاه العرب وإنما تجاه العالم الخارجي. وقد وضح في أحد تصريحاته سياسة حكومته: ” أحب أن أؤكد للجميع، أننا نحن العرب نؤمن بالإخاء الإنساني ونعتقده وندعو إليه.
ولقد ساهم العرب والمسلمون، في جزء كبير في انتشار الحضارة والمدنية والتقدم والتطور في العالم. لهذا فإن دعوتنا إليه وإلى حرية الشعوب وممارستها حقوقها المعترف بها، ضمن الأنظمة العالمية المتعارف عليها، هو استمرار تقليدي لما يرغب به العرب في ماضيهم وحاضرهم. وعلى هذا الأساس فإننا نؤمن بحقوق العرب في أن يعيشوا في بلادهم أحراراً وبكل كرامة، وأن ينالوا من التقدم البشري الإنساني بجهودهم المستطاعة.
قال الملك سعود: (وأنه لمن أسباب الشرف لي ولإخوتي الأحرار، أن نسعى إلى هذا الهدف، التي نخدم فيها شعوبنا لتجمع صفوفها غير الموحدة في وحدة عربية قومية شاملة، لتنظم فيها جميع العرب في كل مكان من وطننا العربي الكبير المشترك بينا، وأن تساهم هذه الوحدة التي نؤمن بها ونسعى إليها ونكافح جميعاً من أجلها في نشر الأمن والعدالة والحرية والمساواة ونعيم العيش للعالم بأسره. وإنني أود أن أؤكد، بأننا لا نسعى من هذا العمل لوحدة صفوف العرب وجمع كلمتهم ولم شملهم في وحدة كاملة أي عدوان ضد أحد، وإنما نرمي بذلك إلى ممارسة حقوقنا في أوطاننا بكل كرامة.
وهنا أعلن أن العرب قد ظلموا في كثير من أوطانهم، ومنعوا بالقوة من ممارسة حقوقهم الشرعية. ومعنا إخواننا العرب الآخرون، نسعى بالأساليب السلمية إلى إعادة حقوقنا المغتصبة. وإن فلسطين لتأتي في أول ما يتظلم العرب منه ويسعون لإيجاد حل سلمي لإزالة الظلم. كما أن شمال أفريقية وجنوب الجزيرة العربية وشرقها لها من اهتمامنا وأهدافنا واسترجاع حقوق أهلها ما هو لفلسطين نفسها.
وإنني اغتنم هذه الفرصة؛ لأوضح للشعب العالمي بواسطتكم، أننا قد سلبنا في فلسطين وشمال أفريقية والجزيرة وجنوب الجزيرة العربية وشرقها وتم ظلمنا وساعد في وقوع هذا الظلم أصدقاؤنا في الغرب، أولئك الذين صادقناهم وحالفناهم وجاهدنا معهم في كفاحهم لتحرير بلدانهم في حربين لجهود العرب فيهما الأثر الأكبر الذي شهدوا به أنفسهم بما كان له من ارتفاع كفة أصدقائنا.
هؤلاء قد تجاهلوا جهد العرب وزمالتهم لهم في السلاح والكفاح، فلم يفوا لهم بوعودهم. إن هذا التصريح يدل على اهتمام الزائد للملك سعود بأمور العرب، والقضية الفلسطينية. وكان قد ألقي هذا البيان أمام وفد صحفي عالمي، بمناسبة الاحتفال بتسيير ناقلة الزيت السعودية، التي أطلق عليها اسم (الملك سعود الأول).
تتبع سياسة الملك سعود الخارجية:
لم تغفل جهود الملك سعود عند هذا الحد، بل وقف وقفة جادة ضد التحالفات الغربية، التي كان الهدف منها تشتيت الوحدة العربية، مثل حلف بغداد عام 1955. فقد وقعت كل من بريطانيا وباكستان وإيران وتركيا والعراق، ما تعرف بمعاهدة الشرق الأوسط أو حلف بغداد. ولم تقم الولايات المتحدة الأمريكية في التوقيع على معاهدة الحلف، إنما حضر مندوبها بصفة مراقب ومؤيد للحلف.
والحلف في نظر بعض الكتاب المؤرخين الغربيين، هو محاولةً من الغربفي مد حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى الشرق الأوسط، وقد صرح الملك سعود لجريدة الأهرام المصرية بما يأتي: إن حكومة العراق أصابت الأمة العربية بضرر بالغ في دخولها إلى حلف بغداد، الذي لا يمكن أن يكون هدف من أهداف صيانة السلام.
وقال: إنّ الدول العربية الداعمة لهذا الحلف، لن تصل إلى أهدافها ما دامت كتلة الدول العربية ودول الشرق الأوسط، لا تقبل الدخول إلى الحلف. وأكد الملك أنه واثق من أن الشعب العراقي نفسه، غير راضٍ عن هذا الحلف. ومن جهة أخرى وقع الملك سعود مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر والإمام أحمد ملك المملكة اليمنية، عهد الدفاع المشترك في جدة.
ثم جاء بعده اتفاقية التضامن العربي في القاهرة، بين السعودية ومصر والأردن وسوريا. وكان موقف الملك سعود جادًا، حيث وقف إلى جانب الكويت عندما تعرضت للتهديد، من قبل حاكم العراق اللواء عبد الكريم قاسم ومطالبته بضمها إلى العراق. وقد انتقد الملك سعود الحكومة البريطانية من ناحية سياستها تجاه واحة البريمي، ووصفها بأنها سياسة خادعة بالنسبة للحكومة السعودية.
الملك سعود وعلاقته مع بريطانيا:
زار المشرف على الشؤون الخارجية في جريدة الديلي إكسبريس البريطانية المملكة العربية السعودية، تلاقى مع الملك سعود في قصر الحمراء في الرياض، وسجل مخاطبة صحفية دارت بينه وبين الملك سعود، تناول فيها الشؤون السياسية العامة. وقد أكد الملك سعود في هذا الحديث: أنه لا شيء أحب إليه من استئناف المحادثات مع البريطانيين؛ للوصول على اتفاق، في سبيل إعادة واحة البريمي إلى المملكة العربية السعودية.
حيث كان الملك حريص على الصداقة التقليدية مع بريطانيا، ويرغب أن يراها تتطور، كما كانت في الماضي. ولكن ذلك لا يمكن إلا إذا تنازلت بريطانيا عن معاداتها لنا، وقامت في الاعتراف بسيادتنا في أرض آبائي وأجدادي. كما قال الملك سعود في هذا الحديث: ” إنه إذا لم تفسر بريطانيا عن موقفها، فسنضطر إلى عرض الموضوع على مجلس الأمن، ثم أضاف: ” إنني أرجو ألا أفعل ذلك ولكن لن أتردد في هذا إذا أجبرني الإنجليز عليه.
لقد نشر الإنجليز وثائق التأيد قضيتهم، وإني امتلك وثائق أهم مما قدموه، ولكني أحتفظ بها في الوقت المناسب. وقال الملك سعود أيضا: ” إذا كانت مناوءة الإنجليز لمطالبنا ناجمة عن خوفهم من ضياع إمكانيات امتیاز الزيت هناك، فإننا مستعدون لتبديد هذه المخاوف، وإنني مستعد لوعد بريطانيا، بمنح امتيازات الزيت إلى شركة بريطانية “.
كما أضاف الملك سعود، قائلاً: عندما قام مستر تشرشل بالطلب إلى والدي، دخول الحرب ضد أعدائهم، فعل والدي ذلك، على الرغم من عدم وجود معاهدة، تلزمه بذلك وعلى الرغم من أن بلادنا كانت مفتوحة ومعرضة للهجوم في جميع الجهات . ألم يكن ذلك عين الصداقة والوفاء؟ ولكن كيف كافأتنا بريطانيا على ذلك؟ إنها رفضت مطالبنا باستعادة أراضينا، التي كانت دائماً تابعة لنا، ثم أوقفت سير التحكيم في جنيف، عندما رأت أنها ستخسر الفضية، وأخيراً هاجمت البريمي بقواتها، دون إنذار وقتلت بعض رجالنا.
إننا على يقين أن سلطان مسقط، وحاكم أبو ظبي، غير موافقين على ما قام به الإنجليز ولكنهما ترافقا في هذا الطريق، تحت الضغط البريطاني. وقد كان موقف الملك سعود من الاعتداء الثلاثي موقف جاد، ومؤيداً لجمهورية مصر، فقد أمر بقطع العلاقات السعودية مع بريطانيا وفرنسا، ومنع شحن أو تموين السفن الإنجليزية والفرنسية، من الموانىء السعودية، على إثر الاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956.
وقفت الحكومة الحكومة السعودية في عهد الملك سعود، إلى جانب شعب الجزائر، ووقفت معه في المحافل الدولية، ومدت المجاهدين بالأموال، وفتحت أبواب التطوع والتبرع المادي للشعب الجزائري، حتى حصل على استقلاله.