صفات كبار السن

اقرأ في هذا المقال


إنَّ شخصية الإنسان كلٌّ متكامل تتفاعل جوانبها مع البعض، وأي إعاقة تصيب إحداها فإنها تؤثّر على بقية الجوانب، ومن هنا نستطيع أن نقول أنّ التغيُّرات التي تصيب المُسنين نتيجة التقدُّم في العمر تؤثّر بالتالي على الجوانب النفسية والعقلية والاجتماعية.

خصائص كبار السن وصفاتهم

هناك صفات وخصائص وجدانية وانفعالية عامة تظهر لدى كبار السن بعد سنّ الستين على الأغلب، ونستطيع أن نحدّد هذه الخصائص في ما يلي:

1- الحساسية الزائدة: يسحب المُسِنّ الكثير من وجدانه من الموضوعات الخارجية ومن الاهتمامات الاجتماعية ويوجهه إلى ذاته، حتى أنَّنا نجد الكثير من الفلاسفة والأدباء عندما يتقدَّم بهم العمر يؤلّفون الكتب التي تدور حول ذاتهم، حيث يلتفُّ الوجدان حول الذات، وبمعنى آخر تصبح الذَّات مركزاً لاهتمام الشخص وبؤرة أساسية لاهتمامه بل لحبِّه وكراهيته.

2- الإعجاب بالماضي: هذه الصفة والخاصيَّة تظهر في عدة أشكال، فكبير السِنّ قد يُعجَب بمن أنجبه من الأبناء وقد يكون إعجابه عن تاريخه الحافل بالمآثر والبطولات والمواقف الحاسمة أو بالقرارات القاطعة المفيدة التي حوّلت مجريات الأمور، أو التي كان لها أكبر الآثار وأعظم الفوائد لعدد كبير من الناس. وقدّ تأخذ السيدة المُسِنّة مثلاً بتذكير نفسها، والناس من حولها بما كانت تتمتع به من نشاط وجمال ورشاقة في أيام الشباب.

3- اللامبالاة من الذات: غالباً ما يكون كبير السِنّ في موقف المُتهكم من كلّ شيء، والساخر من الناس حتى من نفسه، فلا هو ناقمٌ على ذاته، ولا هو معجب بها، بل هو ساخر من أيِّ شيء يدعو إلى السخرية. والواقع أنَّ الشخص لا يستطيع أن يتَّخذ مثل هذا الموقف الساخر إلَّا إذا كان مُتجرداً من التحيُّز إلى جانب نفسه أو مُتحيّزاً ضدها، فاللامبالاة كموقفٍ هي التي تسمح للشخص بأن يتَّخذ الموقف التَّهكُّمي من نفسه.

4- اهتزاز في تقدير الذات: بوجه عام نجد أنَّ اهتزازاً يحدث لدى كبار السِنّ في تقديرهِ لذاتهِ، لأنه كثيراً ما يكون قد فقد الكثير من أهدافه. فهو إمّا أن يكون قد حقّق بالفعل الغالبية العظمى من أهدافه التي سبق أن رسمها لنفسه، وإمّا أن يكون قد فشل في تحقيق تلك الأهداف المرسومة، وبالتالي فإنه يكون قد أنهاها من مركز انتباهه، ولم تعد تشكّل عنده مَثلاً أعلى يُجاهد في سبيل تحقيقها وتحويلها إلى واقع ملموس يجني ثمارها.

بالإضافة إلى أنَّ كثيراً من كبار السِنّ لا يجدّدون أهدافهم ليس لأنَّ طبيعة كبار السِنَ تفتقر إلى القدرة على تجديد الأهداف بل لأن الواقع الاجتماعي من حولهم يوحي لهم بأنهم بلا فائدة من تجديد الأهداف، ولأن فترة الحياة الباقية قصيرة، ولأن المستقبل الضئيل المتبقي محفوفٌ بالظلام وضعف الطموح والأمل.

ومن الطبيعي الافتقار إلى تقدير الذات أو نقص تلك القيمة وتدهورها، وينعكس على ملامح الشخصية وعلى وقته وجلسته وكلامه وملامح وجهه، وينعكس أيضاً على تعامله مع الناس، فهو في معظم الحالات يَنصرف عن إقامة علاقات جديدة مع غيره. ويكون لتركيز كبير السِنّ على ذكرياته الماضية صدًى لنقص تقدير الذات، فهو إذ يشعر بضآلة حاضره فهو يشعر في نفس الوقت بالمقارنة بعظمة ماضيهِ، كما أنَّ تعلُّق كبير السِنّ بماضيه لا يتركَّز حول ذاته فحسب بل وحول مَن كانوا معهُ في الطفولة والشباب، فهو يغلّف الكثير من الشخصيات التي كانوا يتواكبون معهُ خلال مراحل عمرهِ المتعاقبة بغلاف من التقديس والإعجاب.

دور الخدمة الاجتماعية: رفع التحديات وتعزيز جودة حياة كبار السن

تعتبر الخدمة الاجتماعية من الركائز الأساسية التي تسعى إلى تحسين جودة حياة كبار السن وتسهم في التعامل مع التحديات التي قد تواجههم. إن فهم صفات كبار السن والتفاعل معهم بشكل فعّال يتطلب دوراً فعّالاً من الخدمة الاجتماعية لتلبية احتياجاتهم وتعزيز رفاهيتهم.

1. تقييم الاحتياجات الفردية:

تلعب الخدمة الاجتماعية دورًا حاسمًا في تقديم تقييم شامل لاحتياجات كل فرد من كبار السن. يتم ذلك من خلال التفاعل الشخصي والمحادثات الدقيقة لضمان تحديد الاحتياجات الفردية وتحديد الدعم الذي يلائمها.

2. توفير الدعم النفسي والعاطفي:

توفير الدعم النفسي والعاطفي يعد جزءًا أساسيًا من دور الخدمة الاجتماعية. يساعد ذلك في تحسين المزاج والصحة النفسية لكبار السن، ويقلل من الشعور بالوحدة والاكتئاب.

3. تنسيق الخدمات الصحية:

يُسهم الخدمة الاجتماعية في تنسيق الخدمات الصحية لكبار السن، مما يضمن تلقيهم للرعاية الطبية اللازمة وإدارة الأمراض المزمنة بشكل فعّال.

4. التوجيه والتثقيف:

تقدم الخدمة الاجتماعية التوجيه والتثقيف لكبار السن حول مختلف الخيارات المتاحة لهم في مجالات مثل الرعاية الصحية، والإسكان، والتقاعد، لتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة.

5. تعزيز الاندماج الاجتماعي:

تسهم الخدمة الاجتماعية في تعزيز الاندماج الاجتماعي لكبار السن من خلال تنظيم الأنشطة والفعاليات التي تسمح لهم بالمشاركة في المجتمع والتفاعل مع الأجيال الأخرى.

6. مساعدة في التكيف مع التحولات:

تُقدم الخدمة الاجتماعية الدعم في التكيف مع التحولات الحياتية مثل التقاعد، وفقدان الشريك الحياة، وتغيرات الصحة. يسهم ذلك في تقوية قدرتهم على مواجهة التحديات.

7. تعزيز الاستقلالية:

تعمل الخدمة الاجتماعية على تعزيز استقلالية كبار السن من خلال تطوير الخدمات والبرامج التي تمكنهم من الاستمرار في العيش بشكل ذاتي وتحقيق أهدافهم الشخصية.

8. المشاركة في تطوير السياسات:

تلعب الخدمة الاجتماعية دورًا في تطوير السياسات التي تخدم مصلحة كبار السن، حيث يمكنها أن تقدم رؤى قيمة استنادًا إلى تجاربها الميدانية.

إن دور الخدمة الاجتماعية في التعامل مع صفات كبار السن يعكس التفاني في تحسين جودة حياتهم وتحقيق رفاهيتهم. من خلال التفاعل الشخصي وتقديم الدعم المتخصص، يمكن للخدمة الاجتماعية أن تسهم بشكل كبير في تعزيز صحتهم النفسية والجسدية وتحفيزهم على المشاركة الفعّالة في المجتمع.


شارك المقالة: