طبيعة وأشكال المجتمع الإنساني عند الفارابي في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الفارابي ولد أبو نصر محمد بن طرفان بن أوزلع عام 260 هجريةـ 874م، بولاية فاراب على نهرسيمون من أعمال بلاد الترك، لذلك اشتهر بنسبته إلى هذه الولاية، ومما هو معروف عنه أنه عكف بولاية فاراب على على دراسة العلوم والفلسفة واللغات وخاصة اللغة التركية والفارسية والعربية.

طبيعة وأشكال المجتمع الإنساني عند الفارابي في علم الاجتماع:

يؤيد الفارابي ما ذهب إليه أرسطو من أن الإنسان مدني بطبعه، وأن الاجتماع الإنساني يعتبر ضرورة ﻹشباع حاجات الأفراد، كما يشير ﻷهمية تقسيم العمل، والتخصص الاجتماعي ودورهما في بناء المجتمع، فالإنسان بمفرده لا يمكن أن يشبع كل متطلباته، بل هو في أمس الحاجة إلى أناس يقدمون له بعض ما يحتاج إليه، كل في مجاله ولا يتوفر له ذلك إلا في الإطار المجتمع الإنساني.

ومن حيث أشكال المجتمع الإنساني نرى أن المفكر الإسلامي قد قسمه إلى نوعين، مجتمعات إنسانية كاملة وأخرى غير كاملة أو ناقصة، وتتضمن المجتمعات الكاملة مستويات ثلاثة: هي العليا أو العظمى، والوسطى والدنيا، والمستوى الأول يمثل اجتماعات البشر كلهم على وجه الأرض، والمستوى الثاني يمثل اجتماع أهل الأمة والواحدة، أما المستوى الثالث فيشير إلى اجتماع أهل المدينة والمجتمعات الناقصة أو غير الكاملة فتنقسم هي الأخرى إلى ثلاث مستويات: الأولى اجتماع أهل القرية أو الحلة (وهي جزء من المدينة)، والثاني اجتماع أهل السكة، والثالث اجتماع أهل المنزل.

والمقصود باجتماع أهل السكة، هو تجمع الناس في الشوارع والأسواق، وأقل أشكال المجتمعات الإنسانية نقصاناً هو اجتماع أهل المنزل، ويظهر أن أساس هذا التقسيم يقوم على مدى ما يمكن أن يتحقق في كل منها من مظاهر التعاون في إشباع الحاجات، ومدى حاجة كل منها لغيره أو للجماعات الأخرى، فجماعة المنزل في حاجة إلى جماعات أهل المدينة، وإذا ما تمكنت المدينة من تكوين وحدة سياسية، فإنها تدخل في نطاق الجماعات الكاملة في أولى مراحلها، أما إذا تعاونت عدة مدن وأخذت شكل الأمة فإنها تصبح في مرتبة أعلى من حيث الكمال.

واجتماع العالم كله في وحدة سياسية تحت سيطرة سلطة واحدة فيمثل دون شك أعلى مستويات المتجمع الإنساني وأكملها، والاجتماع الفاضل هو الذي يتعاون فيه الأفراد من أجل السعادة والأمة الفاضلة هي الأمة التي تتعاون مدنها في سبيل سعادتها ورقيها.

لذلك فقد ركز بحثه على النواحي المثالية التي ينبغي أن تتحقق حتى تصبح هذه الأشكال فاضلة، مستخدماً في ذلك معيار السعادة الذي يوضحه، والمدينة الفاضلة هي تلك التي يتعاون أفرادها في سبيل إنجاز ما يحقق سعادة كل فرد فيها، وطريق ذلك لا يأتي إلا بأداء كل فرد فيها للعمل الذي يتقنه.


شارك المقالة: