عادات وتقاليد الزواج في موريتانيا

اقرأ في هذا المقال


عادات وتقاليد الزواج في موريتانيا:

يتميز الزواج في هذه الدولة بمجموعة من الطقوس والتقاليد التي تكون خاصة فيه، وهذاه العادات تختلف بشكل كامل عن جميع الدول الأخرى العربية والدول المجاورة لها، فهي ذات صفة إفريقية، نظراً للموقع الجغرافي للدولة والتركيبة الاجتماعية والعرقية لسكان البلد.

هذه الطقوس جعلت العرس الموريتاني يخلط بين العادات العربية والتقاليد الإفريقية على اختلافها، وقد خرجت عن الزمن الحاضر ضمن مجموعة من القيم والعادات المأخوذة منه، والتي أصبحت في هذا الزمن تمثل خصوصية اجتماعية موريتانية عريقة.

مراسم الزواج الموريتاني:

تتم إقامة جميع مراسم الزواج في دولة إفريقيا، من خلال الاتفاق بين العائلتين معاً، وبحضور كبار رجال تلك العائلات وكبار رجال القبائل بالمنطقة المعروفين بشكل كبير بين الحظور، ويكتفون بكتابة نصوص عقد الزواج “عرفياً “، ومن ثم يعملون على تصديقه وتوثيقه في وقت لاحق من قبل المصالح الإدارية.

في عادات الزواج لدى الشعب الموريتاني لا يتواجد الشب ولا الفتاه في مراسم عقد الزواج أبداً، وإنما يقوم بهذا الواجب عنهم وكلاء من أهلهما، ويتضمن عقد الزواج الموريتاني في بعض الأحيان على شرط مهم. فيشترط على الزوج ألا يتزوج للمرة الثانية ومعظم العقود تتضمن شرط “لا زوجة سابقة ولا لاحقة” وإن كان هذا لا يعني خلو الكثير من حالات التعدد الناجحة في موريتانيا. وإذا حدث وتزوج الزوج مستقبلاً، فإن للزوجة الحق في عملية الطلاق بصورة آلية.

الزي الشعبي في الزواج الموريتاني:

ترتدي العروس الموريتانية في يوم الزواج ملحفة سوداء اللون، وهي عادة غريبة في هذه الدولة، فاللون الأسود يلبس أثناء الحزن والمواقف الحزينة عند المجتمعات الأخرى، بينما يلبس الرجل الموريتاني “الدراعة“: وهي الزّي التقليدي للرجال في موريتانيا يلبسه الرجل دون تحديد لونه أو نوعه.

اختيار العروسة الفستان ذو اللون الأسود في يوم زواجها، تقول الروايات الموريتانية أن هذا يُعد تعبيراً عن الأسف والحزن، لكونها ستغادر منزل أسرتها الذي تربت وترعرعت فيه من الزمن الماضي، حيث تقوم صديقات العروس بإخفائها بشكل كامل عن العريس في مكان مجهول.

بعد ذلك ينطلق العريس مع أصدقائه في عملية البحث عن زوجته في جميع أرجاء المنزل الذي يقام فيه حفل الزفاف، واذا وجد العريس عروسه أتى بها أمام الحظور، وهو يتصبب عرقاً، وأدخلها الحي في موكب مزهو بالانتصار.

وتُعد هذه العادة من أهم العادات لدى الشعب الموريتاني، فهي تعتبر مؤشر لمدى تقدير وحب العريس لعروسه، فكل ما أسرع العريس بالكشف عن عروسته، إذ يكون ذلك دليل على الحب الكبير الذي بينهما.

هناك عادة غريبة لدى الشعب الموريتاني في حفل زواجهم تسمى “أكيلوع” وتعني العراك والمواجهة الحميمة، ويتم ذلك عندما يصمم العريس بأخذ عروسه ليلة زفافهما، حيث يتطلب الأمر منه هو ورفاقه أن يخوضوا معركة حامية الوطيس لتخليصها، وهي معركة قد يسقط فيها مصابون، فضلاً عن تمزيق الملابس وجروح بسيطة. ويقول الباحثون الاجتماعيون إنها هذه التقاليد هي جزء من موروث القيم التقليدية التي ورثها سكان الصحراء عن القبائل البربرية الوثنية القديمة، التي كانت تسكن هذه البلاد قبل الفتوحات الإسلامية.

يَمرّ حفل الزواج في موريتانيا حسب المناطق بمراحل كثيرة، إذ تبدأ باقتراح الأُم على ابنها الزواج، وتعرض عليه الزواج من فتاة معينة، عادة ما تكون من بنات نفس القبيلة أو الحيّ أو المنطقة أو العائلة، وتذكر له محاسنها ونبل أخلاقها، ورجاحة عقلها، ومستوى احترام والديها للعادات والتقاليد، وحتى نبل إخوتها وأخواتها إن وُجدوا.
تقوم والدة العريس بالتقدّم لخطبة العروس من أمها، لكن ذلك يتم بطريقة معينة، تبدأ بصورة غير رسمية، هو عبارة عن جَسّ نبض أهل العروس والعروس حول استعدادهم لإتمام الخطوبة بكامل شروطها، وإذا تَأكَّد لها ذلك عبّرَت لهم عن رغبة ابنها “العريس”، وتقوم بإعطائهم موعداً للتقدم للخطبة بصورة رسمية، ويسمى ذلك محلياً “إعطاء اللفظ”، بعدها تستشير والدة العروس ووالد العروس وإخوتها استشارة يمكن اعتبارها شكلية، لأن قرار تزويج أحد أفراد الأسرة من مسؤوليات وصلاحيات المرأة الموريتانية طبقاً للأعراف والتقاليد في المجتمع الموريتاني، باعتبارها المتفرغة لشؤون المجتمع، والمطّلعة على أحوال الناس وتفاصيل حياتهم ويومياتهم.

تدعو والدة العريس أخواتها وبناتها حسب العادات التقليدية للشعب الموريتاني، ثم يذهبن معاً للتقدم للخطبة بشكل رسمي، ويقمن حفل فاخر، لا يحضره العريس؛ لأن حضوره قد يُعد عيباً يُرفض به، ولا تحضرها العروس لحيائها المفتعَل طبقاً للعادات الموريتانية، ويتحدّد خلال هذا الحفل تاريخ عقد قِران العروسين، ولا يتحدَّد مهر للعروس، فذلك في العادات الموريتانية يُعتبر مذموماً، كي لا يظنّ العريس أن عروسه بيعت له.

قبل إقامة عقد القِران يقيم الشعب الموريتاني حفلات مميزة في بيت والد العروس، تستمر أحياناً إلى أسبوع كامل في معظم المناطق الموريتانية، في حين تقتصر في المناطق الأخرى على أربعة أيام بلياليها، يتواجد خلالها موسيقيون لهم طابعهم الخاص، يُطلَق عليهم “بنجه”، وموسيقاهم راقصة مع جُمَل قصيرة تُردَّد، وأحياناً لا يكون لها معنى أو علاقة بالزواج أبداً، لكنها موسيقى مثيرة لحماسة الموريتانيات للرقص عليها.

الفترة التي تكون قبل عقد القِران تُعتبر مرحلة استعداد للعروسين لإقامة العرس، لكنها من جهة أخرى تعتبر فترة خاصة بتجهيز العروس، فيها يتم العناية بأكلها وشربها بشكل كبير، والتركيز على تسمينها؛ لتبدو في كامل جمالها حسب المواصفات المحلية للجمال الموريتاني التي تُعتبر السمنة أهمها، فالمرأه السمينة أيضاً تعبِّر عن الترف والسعة في الرزق والسخاء مع النفس.

ويتم غقد القِران في المسجد، ويوكِل العريس من ينوب عنه من أهله أو أصدقائه الأقرباء، ويسلّم المَهر نياية عنه أيضاً، ويشترط أهل العروس أن لا زوجة سابقة ولا لاحقة للعريس من بعد ابنتهم، وإن تزوج عليها أو كان متزوجاً ولم يخبرها، فيمكنها تطليق نفسها.

بعد إتمام عقد القِران تبدأ العروس في وضع الحناء على يديها، كما تضع أيضاً غطاءً مطرزاً على رأسها، يُسَمَّى “لكروس” حسب اللهجة الحسانية، وتلبس ملحفة سوداء على عكس البلدان العربية التي تلبس العروس فيها ملابس بيضاء.

تفرض العادات الموريتانية عدم لقاء الصهر، كما تحكم بوضع العمامة عند زيارة الأصهار أو صلتهم، ومن غير المحمود أن يزور العريس بيت أهل زوجته إلا في ساعات الليل، بشرط أن لا يكون والدها متواجداً في المنزل حينها، ويقوم الرجل بوضع لثامه وتغطية وجهه في أثناء مقابلته أصهاره، يكون ذلك دليل على الحياء والتقدير في العادات الموريتانية.

ومن العادات في المجتمع الموريتاني أن لا تنطق الزوجة اسم العريس أثناء مراسم الزواج، وتنطق بدل ذلك مصطلحات أخرى، فتناديه بـ”أنت” في وقت حضوره، في حين بينما تتحدث عنه بـ”هُوّ” في وقت غيابه، كما تمنع العادات الموريتانية التدخين واستخدام المرآة، أو تسريح الشعر أمام من هم أكبر سِنّاً، كما تمنع العادات على المرأة أن تلاطف أبناءها أمام أصهارها، وفي بعض المناطق تمتنع عن إرضاع رضيعها أمامهم حتى.


شارك المقالة: