علاقة الدولة السعودية مع الدول المجاورة

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن علاقة  الدولة السعودية بالقوى المجاورة:

تطلعت الدولة السعودية الأولى إلى الإمارات المجاورة لها بعد أن تمّ توحيد بلاد نجد وضم الإحساء. ومن أجل الاستيلاء على مناطق أخرى تطلع آل سعود نحو قطر، فقام أمير الإحساء إبراهيم بن عفيصان عام 1792 بغزو قطر والاستيلاء على الزبارة كاملة عدا قلعتها وهرب سكانها إلى البحرين فأصبح جزءًا من قطر خاضعًا لآل سعود.

أمّا في البحرين فقد ضم آل خليفة عام 1782 الإمارة إليهم مع مركز حكمهم الأول الزبارة بعد الفوضى التي حدثت في بلاد فارس أثر وفاة ملکھا کریم خان الزند، ونقل الشيخ سليمان آل خليفة جميع أفراد أسرته من الزبارة في عام 1797 إلى قرية جوا في البحرين بعد هجمات السعوديين على الزبارة، ولكن السيد سلطان بن أحمد حاكم مسقط غزا البحرين عام 1800 وعيّن أخاه سعيد حاكماً عليها وأخذ أخ الشيخ سليمان آل خليفة رهينة عنده.

فرحل الأخير إلى الزبارة ليقوم في طلب الأمان من آل سعود وطلبوا منهم المساعدة في استعادة البحرين من قبضة سلطان مسقط، فوجد الأمير عبد العزيز ضالته في هذه الخطوة وضرب عدوه سلطان مسقط  وقام في السيطرة على البحرين ونشر الدعوة السلفية (الوهابية) فأرسل حاكم الدرعية سعود بن عبد العزيز جيشاً تحت قيادة إبراهيم بن عفيصان لمساعدة آل خليفة في تخليص البحرين من حکم سلطان مسقط فضم عفيصان البحرين إلى ممتلكات آل سعود.

وذلك أدى إلى نشوب صراع بينهم وبين آل خليفة الذين توقعوا أن يستولوا على أراضيهم ويستعيدوها، وهزم في هذه الحرب آل خليفة وعيّن سعود بن عبد العزيز فهد بن سليمان بن عفيصان قائداً للحملة على البحرين ثم عيّن إبراهيم بن عصيفان أميراً لها، ولكن آل خليفة قرروا الاستنجاد بالفرس وحاكم مسقط من أجل استرداد بلادهم وهاجموا بهذا الحلف البحرين وطردوا أميرها السعودي، واعتقلوا فهد بن سليمان کرهينة أمام الدرعية.

قام إبراهيم بن عفيصان ولجأ إلى جابر بن الجلاهمة من العتوب وحاول أن يسترد البحرين من آل خليفة لكنه فشل في ذلك وخسر المعركة عام 1810، واضّطر الأمير سعود إلى إطلاق سراح المعتقلين من آل خليفة في الدرعية وسمح بعودتهم إلى البحرين.

أمّا في الكويت المنفذ التجاري وميناء التموين بالنسبة للدرعية، فقد كان الحاكم في الكويت قد طلب الاستقلال بحکم بلاده تحت الإدارة العثمانية ووافق الباشا العثماني في بغداد على ذلك، ومنحه لقب قائم مقام الكويت عام 1718 وأصبحت أسرة العتوب الأسرة الحاكمة في الكويت منذ ذلك التاريخ.

ولذلك قام  آل سعود  في المحاولة في إرسال قواته إلى الكويت للاستيلاء عليها، ولكن لم يتم إخضاعها لسيطرتهم، أمّا عمان فقد استطاع آل سعود أن يخضعوها لهم وخاصة الصير والبريمي، التي أرسلت إلى الدرعية تطلب الأمان ودخلت قبائلها في المذهب السلفي الوهابي مما أقلق الإباضية (عمان) في الداخل، وجعلها في نزاع مع الغفارية التي وقفت مع آل سعود، وانتهى الأمر في عهد بدر بن سيف إمام مسقط في عام 1804 بعقده لصلح مع الدرعية.

وجاء في العقد أن تدفع عمان للدرعية الزكاة وإقامة وكيل من آل سعود في مسقط يتولى جمعها والسماح بالاستيلاء على مقاطعة بركاء العمانية ثم أصبحت جميع عمان تحت سيطرة أل سعود إثر صراع بين الأسرة الحاكمة على السلطنة في مسقط، أمّا موقف بريطانيا فقد تطور تجاه آل سعود عندما وصل هؤلاء إلى الإحساء في الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية عام 1795 واستكمال السيطرة على المناطق الأخرى من شبه الجزيرة العربية فتخوفت السلطات البريطانية من ظهور آل سعود کقوة ذات نفوذ في منطقة الساحل.

وأكدت الحكومة البريطانية سياستها بقضية ازدياد نفوذ آل سعود  وذلك جاء واضحاً في قولها رغبتنا واضحة في استخدام نفوذنا لمنع التوسع الوهابي؛ لأنه سيقف حائلاً أمام المساعي البريطانية للقضاء على القرصنة وتحقيق المصالح التجارية البريطانية، ولم تغفل بريطانيا عن الوجود السعودي في المنطقة رغم انشغالها بحملة نابليون عام 1799 وأرسلت مبعوثاً سياسياً إلى نجد في عام 1799 وهو رينود مساعد القنصل البريطاني في البصرة على رأس وفد إلى الدرعية لمقابلة الأمير عبد العزيز بن محمد.

حيث قام في محاولة تأكيد إرادة الحكومة البريطانية في رغبتها بإقامة علاقات ودية مع آل سعود بعد الحملات العسكرية في المنطقة على يد الأمير عبد العزيز ونجله سعود، وكان هدف البعثة الحصول على وعد من الحاكم السعودي بتأمين البريد البري الصحراوي بين حلب والبصرة.

ولكن رينود فشل في حملته لعدة أسباب منها عدم موافقة عبد العزيز على الالتزام بسلامة طريق البريد البري الصحراوي الذي يمر بالصحراء بين حلب والبصرة، واشترط عبد العزيز أن يقترن تنفيذ هذا التعهد بالوساطة البريطانية بينه وبين الوالي العثماني في بغداد لتحسين العلاقات السياسية بينهما إلا أنّ حكم الأمير سعود بن عبد العزيز قد شهد تبدلاً في موقف حكومة الهند تجاه آل سعود.

حيث فرض هؤلاء سيطرتهم على الساحل الغربي للخليج العربي من البصرة إلى حدود مسقط وعمان جنوباً، والى الشرق في البحر الأحمر غرباً، ومن اليمن جنوباً إلى حدود الشام شمالاً مما دفع بالحكومة البريطانية إلى التقرب من آل سعود ومحاولة كسب صداقتهم والتودد إليهم، وكتبت الحكومة البريطانية إلى المقيم البريطاني في بوشهر لتأكيد الصداقة بين الحكومة البريطانية مع آل سعود.

تسلسل وقائع الأحداث بين الدولة السعودية والدول المجاورة:

أرسل الأمير سعود بن عبد العزیز برسالة إلى هانکي سميث أحد قادة الحملة البرية البريطانية على ساحل القواسم ردًا على رسالة المبعوثة إليه وأكد بأنّه ما دام السلام هو هدف بريطانيا فإنه سيصفح عنهم ويتعامل معهم وسوف يتوقف عن مطاردة السفن البريطانية ويرغب في إقامة علاقات تجارية معها والسماح بنزول رعاياها في المواني في المنطقة على أنّ توقف الحكومة البريطانية أي عدوان لها على الشواطئ السعودية، أو التدخل في الخلافات بين آل سعود وجيرانهم مع بوادر أخبار وصلت إلى مسامع كتابة مراج إضافة إلى مكتبتي سعود.

قام الأمير واقترح عن عزم محمد علي باشا حاكم مصر العثماني في اجتياح نجد والحجاز، فحاول الحاكم السعودي کسب صداقة بريطانيا المسيطرة على منطقة الخليج العربي، وفي عام 1810 أرسلت الحكومة البريطانية خطاباً إلى سعود بن عبد العزيز تطلب إليه منع أنصار القواسم من تهديد النشاط البحري في الساحل ورد الأخير ردًا مستعجلاً أكد فيه عدم رغبته في الدخول في نزاعات مع أيّ قوة أوروبية في المنطقة، وأنه قد أمر رعاياه جميعاً بعدم التعرض للسفن البريطانية في سواحل الخليج العربي.

العلاقات الودية مع حكومة الهند:

وفي عام 1811 التقى مبعوث الأمير سعود بن عبد العزيز وهو إبراهيم الكريم المقيم البريطاني الملازم بروس في بوشهر ونقل إليه رغبة سعود في إقامة علاقات ودية مع حكومة الهند.

وجدّد الأمير سعود عام 1814 رغبةً ثانيةً بأنّه قدم طلباً إلى حكومة الهند أعرب فيها عن رغبته الصادقة بالتوصل إلى اتفاق معها حول الوضع في المنطقة والعلاقات بينهما وأحيل الطلب حيث قرر الحاكم العام البريطاني، عدم الموافقة على إبرام أيّ اتفاقات ثنائية بصورةً رسميةً مع بريطانيا.

يجب على سلطات الهند الاحتفاظ بعلاقات ودية مع آل سعود ومحاولة إبداء التقدير لمواقفهم الإيجابية تجاههم ولا يمكن تجاهل سیاسة بريطانيا تجاه آل سعود في علاقتهم مع القواسم، فمع اتساع قوة القواسم ونشاطهم البحري في الخليج العربي.

فقد حمل بريطانيا على اتخاذ موقف معادٍ لهم دون الدخول في مواجهة مباشرة معهم ومع حلفائهم من آل سعود، وحاولت التعامل مع الطرفين على حدة لكي تتمكن من التخلص من تهدیدها. فقامت بريطانيا في قرارها بتوجيه ضربةً إلى القواسم بعيداً عن حلفائهم السعوديين؛ كي تتجنب الصدام المباشر معهم.

وقد نجحت بالفعل في ذلك عام 1819 بعد أن تمكنت من القضاء على القواسم في تلك المناطق حينما أعلن واردن عضو مجلس الهند في تقرير لحكومته عام 1819 ذلك أنّ بريطانيا تداركت الموقف العسكري والسياسي الناتج عن الاندفاع المصري في المنطقة واتبعت سياسة تقوم على أساس الاستمرارية دون قيام وحدة سياسية في منطقة الخليج العربي خارج السلطة البريطانية، والوقوف بوجه التوسع المصري في المنطقة وعدم السماح للمصريين بالتطلع إلى خارج دائرة نفوذهم في الحجاز ونجد والإبقاء على حدود الوجود المصري بعيداً عن مناطق النفوذ البريطاني في ساحل الخليج العربي.

راقبت السلطات البريطانية في الهند تطور الأوضاع في المنطقة بعد الدخول المصري إلى الدرعية وانهيار النفوذ السعودي في قلب شبه الجزيرة العربية ورغم الارتياح الذي أبدته في البداية، سرعان ما راودها شعور بالقلق من حلول قوات محمد علي باشا محل الوجود السعودي في العمل على توحيد أجزاء المنطقة وإقامة دولة موحدة وقوية فهذا يعد خطراً حقيقياً على النفوذ البريطاني في المنطقة، وهذا فضلاً عما يمثله من تهديد لحلفائها في مسقط أيضاً.


شارك المقالة: