علاقة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود بالقوى المجاورة

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن علاقة الملك سعود مع الدول المجاورة:

حثّ الأمير سعود على السفر إلى أوروبا من قبل والده. وقام في  إعداد خطة كامل ليقوم في زيارة العديد من الدول بما فيها فرنسا، وبعض البلدان العربية. وبعد انتهاء الرحلة الأوربية واصل الأمير سعود رحلته إلى العالم العربي عبر الإسكندرية متوجهاً إلى القدس، وشرق الأردن وذلك في عام 1354 هـجري  الموافق 1935. وكان يرافقه في هذه الرحلة وفد يضم فؤاد حمزة والدكتور مدحت شيخ الأرض. أما رحلته إلى الأردن فقد كانت في إطار إرادة والده الواضحة في توطيد العلاقات مع الهاشميين كما عبر عنها الملك عبد العزيز بعد حادث الاعتداء عليه في مكة.

حيث تم استقباله في فلسطين استقبالاً  كبيراً حيث صلى في الأقصى، والمسجد الخليل الإبراهيمي. وأشارة المصادر البريطانية السرية أن رحلته إلى أوروبا تكللت في نجاح كبير بفضل أخلاقه الحميدة وشخصيته. وقد ذكرت أيضاً قي تقرير آخر لها أن دوره في الأردن وصف بالمثالية وحقق هدفي أولهما تحسين العلاقات مع البيت الهاشمي، وثانيهما توضيح دور المملكة في مساعدة عرب فلسطين في محنتهم.

بعد مرور بعض الوقت وقعت المملكة العربية السعودية في (1354 هجري الموافق 2 نيسان 1936)، معاهدة أخوة عربية وتحالف مع العراق التي فتحت مجالاً لتقوية العلاقات الدبلوماسية وإنشاء علاقات عسكرية، كما شجعت على انضمام دول عربية أخرى إليها.

وفي عام 1355هجري الموافق 1936، ولتعزيز هذا التفاهم وتحويلة إلى واقع عملي ملموس، قام الأمير سعود بدعوة من الملك غازي بزيارة للعراق رحب فيها العاهل العراقي بالأمير سعود ترحيباً حاراً، وحققت هذه الزيارة نتائج إيجابية في تحسين العلاقات العامة بين البلدين.

ثم وقّعت الدولة العربية السعودية معاهدة أخرى مع مصر، تم من خلالها تم الاعتراف بشكل رسمي من مصر بالمملكة العربية السعودية، وعلى أثرها بدأت الحكومة السعودية إرسال طلابها وطياريها إلى مصر للدراسة والتدريب، وقام الأمير سعود أيضاً بزيارة البحرين في 13 شوال 1356هجري الموافق 15 كانون الأول 1937، بهدف تحسين العلاقات المتوترة بينها وبين قطر بسبب مسائل الحدود.

وفي عام 1355هجري الموافق 1937، بعث الملك عبد العزيز الأمير سعود إلى بريطانيا لينوب عنه في الاحتفالات الخاصة بتتويج الملك جورج السادس في عام1937ميلادي، وقد استغل وجوده هناك لاستعراض العديد من القضايا الثنائية والعربية، ثم زار في السنة ذاتها العراق وسوريا ولبنان والأردن، وبعدها قام في زيارة خاصة أخرى إلى بريطانيا في جمادي الثانية 1357هجري  الموافق آب 1938، مع أخيه الأمير محمد ومكثا لمدة شهر وكان من ورائها أهداف سياسة.

زيارة الملك سعود للولايات المتحدة الأمريكية:

أرسلت الإدارة الأمريكية، في السابع من يناير 1957، دعوة إلى الملك سعود؛ ليقوم في زيارتهم، تبدأ من 27 يناير حتى الأول من فبراير عام 1957 . حيث أورد الرئيس الأمريكي أيزنهاور، في مذكراته أنه على الرغم من مطالبة الكثير من الأمريكان، وفي مقدمتهم سكان نيويورك وأغلبهم من اليهود، فإن الحكومة الأمريكية لم تغير موقفها؛ لأنها أفصحت عن زيارته، كانت هذه الزيارة لأمريكا مهمة؛ لتطوير العلاقات الأمريكية السعودية.

وكان موقف الملك سعود من هذه الدعوة هو الترحيب والقبول الملك، وعند مغادرته الدولة العربية السعودية، ذهب في طريقه على القاهرة، لحضور مؤتمر القمة العربية، الذي حدد له يوم 18 جمادي الثانية 1376/19 يناير 1957، وضم المؤتمر إضافة إلى الملك سعود، الرئيس جمال عبد الناصر، والملك حسين وصبري العسلي رئيس الحكومة السورية. وقد انتهى المؤتمر بتوقيع اتفاقية أطلق عليها اتفاقية التضامن العربي، جاء بموجبها تقديم مساعدة مالية للأردن، بديلاً للمساعدة البريطانية، التي فقدها، بسبب عدم الانضمام إلى حلف بغداد.

كما ناقش المؤتمر قضايا المتعلقة بالمنطقة، وأعلن المؤتمرون رفضهم مبدأ أيزنهاور، ونظرية ملء الفراغ الأمريكية، التي لا تقتنع بها الأقطار العربية. واتفقوا على تحويل الملك سعود التحدث إلى الرئيس الأمريكي إيزنهاور، حول القضايا العربية. وبعد انتهاء المؤتمر، غادر الملك سعود القاهرة، إلى ميناء نابولي بإيطاليا، ومنها أبحر على متن الباخرة الأمريكية (كونستتوشن Constitution)، بطريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

تبين اهتمام الأمريكيون في تلك الزيارة، قرر الرئيس أيزنهاور التوجه شخصية إلى مطار واشنطن، لاستقبال الملك سعود عند قدومه من نيويورك. وكان على غير العادة فالمعتاد عند زيارة الملوك والرؤساء الولايات المتحدة، أن يقوم الرئيس الأمريكي باستقبال زائريه عند درجات البيت الأبيض. وقبل وصول الباخرة التي نقلت الملك سعود إلى نيويورك توجهت إليها إحدى السفن؛ لنقل الملك سعود إلى الميناء في الوقت الذي كانت فيه إحدى حاملات الطائرات الأمريكية تطلق قذائفها تحية للملك

وعندما وصل الملك، استقبله نائباً عن الرئيس يسمى هنري كابوت لودج، كما استقبلوه حكام الوفود العربية،حيث كان من المقرر أن يوجه الملك سعود كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلى الرغم من الاستقبال الكبير، الذي حظي به الملك سعود، فإن حاكم ولاية نيويورك، روبرت واجنر، رفض المشاركة في الاستقبال بحجة أن الملك سعود معادٍ لليهود والكاثوليكية. ومع ذلك أجرى الرئيس الأمريكي استقبال خاص للملك سعود في مطار واشنطن.

وفي مطار واشنطن تبادل الملك، مع الرئيس الأمريكي الكلمات، فقال الرئيس أيزنهاور نحن سعيدون إذا حسبناكم صديقنا، وإني أنتظر بفارغ الصبر ابتداء المفاوضات بيننا لمناقشة المشاكل التي تهمنا، لأننا نقر صداقتكم ونعتقد أن النتائج ستغري صداقتنا لبلادكم وتؤكدها. ورداً على كلمة الرئيس أيزنهاور قال الملك سعود: ” باسم شعبي، أود أن أؤكد لكم رغبتنا في إقامة علاقات مع الشعب الأمريكي على أساس الصداقة والمصلحة المتبادلة”.

وبعد طقوس الاستقبال، بدأت المحادثات في البيت الأبيض في اليوم نفسه، بين الجانبين الأمريكي والسعودي. وعقد أول اجتماع ضم الملك سعود والرئيس أيزنهاور وجون فوستر دالاس، استغرق ساعة وخمس عشرة دقيقة. وبعدها عقد اجتماع ثنائي بين الرئيس أيزنهاور والملك سعود.

ويذكر الرئيس أيزنهاور ويقول: ” إن لقاءه الثنائي بالملك سعود، جاء فيه مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، والسعودية خاصة قام الملك سعود في انتقاد السياسة البريطانية تجاه العرب بصورة عامة، والسعودية على وجه الخصوص، والقائمة على إبقاء العرب في حالة ضعف. وعلم القيام بتزويدهم بأي إمكانيات عسكرية، تسهم في تطوير أوضاعهم الداخلية، وتساعدهم على حماية حدودهم الخارجية.

وقام الملك سعود في الطلب من أيزنهاور، أن يتخد موقف الوسط بين أمريكا والدول العربية، للمساعدة والاستفادة من طريقة أيزنهاور فقبل القيام بهذه الوساطة. ولكن الصحافة المصرية سبقت الملك سعود، إلى الرأي العام العربي، وقامت في نشر إشاعة عن الملك أنه تلقى هدية ضخمة من الرئيس الأمريكي، وأن هذه الوساطة تقضي على فكرة الحياد الإيجابي، التي يجب على الدول العربية اعتناقها؛ لضمان مصالحها الكبرى، وأن الاتفاق مع أمريكا قد يكون مقبولاً لو أنه كان موجهاً ضد إسرائيل، لا ضد الشيوعية. وقد فشل الملك سعود فعلاً في وساطته، ونشأت  بينه وبين الرئيس المصري عداوة كبيرة، استمرت  حتى نشوء الأزمة في اليمن عام 1962.

تزويد الجيش السعودي بالسلاح والمعدات الأمريكية:

إنّ رحلة الملك سعود إلى أمريكا، حققت نجاحاً أدى إلى توقيع اتفاق سعودي أمريكي، جاء بموجبه تعهد أمريكا بتجهيز الجيش السعودي بالسلاح والعتاد والطائرات والتدريب، ونحو ذلك. كما مددت اتفاقية مطار الظهران، وفي نهاية الزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، صدر في واشنطن في 9 رجب 1376/8 فبراير 1957، بيان مشترك عن المباحثات والنتائج، التي تم التوصل إليها بخصوص القضايا، التي طرحت في أثناء سير الاجتماعات.

وكان أهم الموضوعات التي جاءت في البيان ما يلي:

تأكيد أهمية السعودية من الناحيه الاقتصادية والدينية في منطقة الشرق الأوسط، وضرورة تعزيز موقفها، والحفاظ على استقرارها. كما اتفق الجانبان على حل مشكلات المنطقة بالطرق السلمية، وضمن قرارات الأمم المتحدة، ومعارضتهما استخدام القوة وسيلة لحسم المشكلات الدولية. وعبر الملك سعود عن نيته مواصلة التعاون مع الولايات المتحدة. ومن جانبه أكد الرئيس أيزنهاور  على استمرار الدعم العسكري،  ليتم تطوير الجيش السعودي.

الملك سعود وهيئة الأمم المتحدة:

في الوقت زيارة الملك سعود للولايات المتحدة الأمريكية، ارتقى منبر الجمعية العمومية، للأمم المتحدة وألقى خطاباً، قال فيه : إنّ الرجوع إلى حظيرة الأمم المتحدة، ورد علاة الدول والشعوب إلى مبادئها، والتمسك بأحكام ميثاقها نص وروح، وتمكين الشعوب المطالبة بحقها في الحرية والاستقلال وتقرير مصيرها، هو السبيل الوحي لتجنب الإنسانية ضرر الأزمات والويلات وافتتاح عهد جديد من السلام الحقيقي، والتفاهم المتبادل في علاقات الأمم.

عهد تسوده الصراحة والتعاون الصادق، لخير البشرية جمعاء. ومن حسن حظ الإنسانية، فقد شهدنا في هذه الهيئة في الأيام الأخيرة، انطلاقاً أحيا الآمال وأعاد إلى النفوس بعض الثقة، ولمسنا منها تصميماً على التمسك بمبادئها، والسير بها في الاتجاه القويم


شارك المقالة: