يعيد علم العلامات والدلالة والرموز الطبيعية لعالم الأحياء بطريقة شبه ميكانيكية والذي يوضح عمل الأنظمة الحية التي يدرسها، فإن الأنظمة التي يجلبها السيميائي إلى علم الأحياء لا يمكن أن تفشل في تحدي الأصل فضلاً عن مادية المعنى.
علاقة علم الأحياء بعلم العلامات والدلالة والرموز
شكك علماء الاجتماع أولاً في مفهوم الحياة من خلال القراءة المتقاطعة، وهو مفهوم السيميائي والبيولوجي لنصوص التقليد الفلسفي الغربي من أفلاطون وأرسطو إلى تاريخ علم الأحياء وفلسفة لامارك وفلسفة علم الحيوان وأصل الأنواعداروين.
وتم الانتقال بعد ذلك إلى تحليل نقدي للمقاربات الفيزيائية والحيوية والتاريخية التقليدية لمفهوم الحياة، وقبل أن يتم استكشاف بشكل أكثر تحديدًا العلاقات التي تنشأ بين الكائنات الحية واللغة، تقود هذه الدراسة إلى صياغة فرضية وجود مجتمع من الطبيعة أي الهوية المشتركة بين العمليات البيولوجية الأولية التي تحدث على المستوى الخلوي والجزيئي وأنماط إنتاج اللغة وتنظيمها في العمل وينفذ في خطاب المتحدث الناطق.
وهذا الانعكاس هو نتيجة دراسة بحثية نظمت بين عامي 2007 و2010 والتي تساءل علماء الاجتماع خلالها عن العلاقات بين علوم الحياة وعلوم اللغة، ولم تهدف هذه الدراسة إلى إدخال تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية في الحوار بقدر ما تهدف إلى تقييم ملاءمة الفرضية التي تم صياغتها منذ البداية.
أي أن الوجود ليس تماثلًا بسيطًا بل مجتمع من الطبيعة و الاستمرارية المنطقية أي الهوية المشتركة بين العمليات البيولوجية الأولية التي تحدث على المستوى الخلوي وأنماط الإنتاج وتنظيم اللغة في العمل، المطبقة في خطاب الشخص المتحدث.
لأنه مثلما تُعيد مراقبة اللغات الطبيعية عالم الأحياء بطريقة شبه ميكانيكية إلى المنطق الذي يوضح عمل الأنظمة الحية التي يدرسها، فإن النظرة التي يجلبها السيميائي إلى العمليات البيولوجية لا يمكن أن تفشل في تحدي الأصل فضلاً عن مادية المعنى.
ومن خلال هذه الدراسة لم يكن الأمر يتعلق بفحص علاقات التواصل التي يمكن إنشاؤها بين السيميائية وعلم الأحياء من المفاهيم المشتركة في التخصصات، مثل تلك الخاصة بالكود من معجم أو النسخ بدلاً من الاختبار، إذا جاز التعبير، تجريبياً لديهم فرضية العمل.
والسؤال الذي تم طرحه على هو: هل من الممكن استيعاب الظواهر البيولوجية من منظور اللغة؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل تسمح هذه القراءة المتقاطعة برسم الخطوط العريضة لما يمكن أن يشكل نهجًا نظريًا متجددًا للعالم الحي، وقادرًا على تجاوز التعارض الكلاسيكي بين وجهات النظر الحيوية والمادية لمفهوم الحياة.
فمع عدم وجود المهنة هنا لفحص كل منها بالتفصيل سيكتفوا بتعريضها لفترة وجيزة، وإظهار حدودها بهدف الكشف عن الحاجة إلى تجاوزها، ومن وجهة نظر منهجية فإن النهج الذي اتبعوه والذي يحاولون وصفه بإيجاز للدراسة هنا، يتكون من دراسة ترتيب زمني وأخذ إذا جاز التعبير حرفيًا النصوص العظيمة للتقاليد الغربية التي تتناول الحياة.
لم يكن الأمر يتعلق بإظهار حدودها من خلال إلقاء نظرة بأثر رجعي عليها غنية بإنجازات العلم الحديث، وبقدر ما يتعلق بالسماح لأنفسهم بتوجيهها خلال بحثهم لإظهار على طول الطريق كيف حافظت هذه النصوص بمرور الوقت على بعدها الشعري.
مفهوم الحياة بين الحيوية والمادية
المفهوم الحيوي للعالم الحي الأقدم تاريخياً له جذوره في التعريف الأفلاطوني للكائنات الحية، فمن وجهة نظر حيوية تُظهر الكائنات الحية خصائص أصلية تميزها بشكل قاطع عن الأشياء المادية غير الحية، كما إنها أجساد منظمة مُنحت بالإضافة إلى مبدأ الروح المتصورة على أنها الإلهام الأول لجسد له حياة محتملة.
والمفهوم الذي قدمه أرسطو هو بقدر حاسم من الواضح أنها تضع أولوية اللزوم، ويرفض التعريفات الخارجية والمتسامية لمفهوم الروح فالمفهوم كمبدأ للعيش معادٍ للجسد وخاضع لفعل أصلي وإلى صنع المصير، ومن وجهة النظر الحيوية كما تم التعبير عنها في بداية القرن العشرين من خلال مفهوم الزخم الحيوي.
يُنظر إليه على إنه حركة تطورية خالصة ويستند إلى افتراض وجود اختلاف جوهري بين العالم المادي والكائنات المنظمة، ومع ذلك على الرغم من أنها تؤكد على الخصائص الجوهرية للكائنات الحية إلا أن وجهة النظر الحيوية تبين أنها في نهاية المطاف مخيبة للآمال لكل من عالم الأحياء والسيميائية، إلى حد ما وهذا لسببين على الأقل.
في البداية بسبب عدم قدرتها على القطع بوضوح مع الصيغة النهائية التي تحافظ على فكرة الحركة التطورية، وموجهة نحو التحسين التدريجي للكائنات وليس تصورها على حقيقتها أي كعملية متواصلة للخلط وإعادة البناء والابتكار الجيني الذي يؤثر على ملف تعريف الجينات والخصائص الفيزيائية والكيميائية للبروتينات المشتقة منها.
وتمايز ووظيفة الخلايا التي تعبر عن الهدف منها، وتشكل الكائنات الحية وكذلك قدرة الأفراد على مقاومة القيود البيئية التي تفرض عليهم متغير ضغط اختيار مكثف، ثم لأن النزعة الحيوية فشلت في صياغة تعريف لمفهوم الحياة وفقًا لنتائج علم الأحياء الحديث، ومسألة مادية الكائنات الحية وكذلك الطبيعة العشوائية للعمليات التطورية التي هم موضوعها تم تحديدها بشكل نهائي واليوم لا يمكن التشكيك فيه.
وعلى عكس وجهة النظر الحيوية لا يمكن الاشتباه في المادية في بعض الانجراف الصوفي، ويرفض رفضًا قاطعًا فكرة وجود مبدأ حيوي، ويعتبر التنوع المحدد للكائنات الحية على إنه العديد من الأنماط الممكنة لتنظيم المادة العضوية، حيث يلتزم كل منها بقوانين الديناميكا الحرارية ويتشارك مع الكائنات المنظمة الأخرى أكثر أو تاريخ تطوري أقل طولًا، وقرابة بعيدة إلى حد ما.
وتختلف المادية المعاصرة كما يتم التعبير عنها من خلال المناهج التجريبية للبيولوجيا الحديثة، أيضًا عن الموقف الحيوي من حيث أنها لا تحتاج إلى تشكيل مفهوم للحياة من أجل أن تكون فعالة بشكل كامل في الممارسة داخل مجال التحقيق الخاص بها.
وتميل المادية علاوة على ذلك في نسختها الأكثر تطرفًا إلى إخلاء المشكلات النظرية للنظام العام من خلال اعتبار أن الصعوبات التي تصادف في دراسة الكائنات الحية تنشأ حصريًا من عدم كفاية المعرفة بتاريخها التطوري، وبنمط تطورها، وكذلك عملياتهم الوضعية بحزم، ووجهة النظر الفيزيائية تفترض مسبقًا أن كشف النقاب عن الآليات البيولوجية الأساسية من خلال الامتداد التدريجي لمجال المعرفة سوف يملأ الفراغ الذي يترك شاغراً بغياب مفهوم موحد، ومن المنظور الفيزيائي فإن النهج هو في الأساس مجرّد.
وكل شيء يحدث كما لو كان فهم كل شيء كائن حي يمكن استنتاجه ميكانيكيًا من تجميع أجزائه، كما لو كان يمكن الوصول إلى معرفة عالمية بطريقة استقرائية بحتة، أي من خلال تجاور بسيط للوقائع، ومع ذلك سيكون من السذاجة العميقة اعتبار إنه مثل تجميع قطع اللغز مهما كانت عملاقة تراكم بسيط للحقائق المحلية سيتم التحقق من صحة كل منها في مكان آخر من العالم، وخطة التجربة سيسمح برؤية موحدة للعالم الحي بالظهور وفي نفس الوقت الاستغناء عن البحث عن مفهوم موحد.