جاء كتاب تدبير المتوحد لابن باجة متضمناً لمعظم آرائه الاجتماعية وفيه يتحدث عن المدينة الفاضلة مثل الفارابي، وكذلك يتحدث عن الإنسان الفاضل أما الإنسان المتوحد، فهو الإنسان الفاضل الذي يعيش في مدينة غير فاضلة.
الفرد والمجتمع عند ابن باجة في علم الاجتماع:
يرى ابن باجة أن الإنسان كائن اجتماعي، ومدني بطبعه بمعنى أنه يميل للعيش في مجتمع، ويتحدث عن العزلة إذا كانت مرغوبة لذاتها فهي تصبح مرذولة، أما إذا كانت بهدف اجتناب الفساد والمعصية، فهي خير ولا شك فيه، والدولة هي الوحدة الاجتماعية الكبرى وعبر عنها، مثل الفارابي بأنها المدينة، والمدينة إما فاضلة أو فاسدة، ويقصد بمفهوم تدبير المدينة سياسة المدينة أو الدولة والتدبير، أو السياسة الفاضلة هي تلك التي تشمل العالم كله.
المدينة الفاضلة والمدينة الناقصة عند ابن باجة في علم الاجتماع:
في المدينة الفاضلة نجد أن قوامها الفضلية، وأنها تحكم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد ويتصور أن المدينة الفاضلة بغير حاجة إلى أطباء أو قضاة؛ ﻷن الغذاء فيها يكون وفيراً بتقوى الأجساد، وتبرأ العلل والأمراض من نفسها دون علاج فالعناية بالجسد وبنائه على أساس سليم وخير واقً من الأمراض، كذلك فإن العلاقات فيها تقوم على التحاب، وبالتالي لا تقع نزاعات تحتاج لمحاكم أو قضاة، في هذه المدينة يؤدي كل شخص العمل الذي يتقنه يريدون في ذلك خير المدينة بأسرها، وهكذا فالإنسان الفاضل جزء من المدينة الفاضلة.
والمدن الناقصة هي تلك التي تحتاج لقضاة وأطباء، وكلما ابتعدت عن الكمال زادت هذه الحاجة، ويتسم أهل هذه المدن بأنهم يسرفون في الملذات الجسمية وينتشر بينهم الجهل وعدم التبصر بما يريدون.
تدبير المتوحد عند ابن باجة في علم الاجتماع:
يتصادف أن يعيش شخص أو أكثر من الفضلاء في مدينة غير فاضلة وهؤلاء يطلق عليهم ابن باجة النوابت، أي يشبههم بالنبات الذي ينمو من تلقاء نفسه، ﻷن آرائهم تختلف مع آراء المجتمع الذي يعيشون فيه، هؤلاء هم الفلاسفة والأطباء والقضاة وهناك ضرورة لوجودهم في المدينة غير الفاضلة حتى يقتفي الناس أثرهم ويستفيدون من وجودهم ولكنهم يعيشون فيها غرباء وتحول المدينة من مدينة غير فاضلة إلى مدينة فاضلة رهن تزايد عدد النوابت فيها.