علم الاجتماع عند ابن سينا

اقرأ في هذا المقال


يمكن تلمس معظم آراء ابن سينا في كتابه الشفاء، ونجده فيها متأثراً ببعض آراء أفلاطون وأرسطو والفارابي، ورغم ذلك فإن آراءه تعكس إلى حد ما طبيعة العصر عاش فيه وظروفه.

المجتمع والتفاضل الاجتماعي في علم الاجتماع:

يرى ابن سينا أن هناك اختلافاً جوهرياً بين حياة الإنسان وحياة الحيوان، حيث يحيا الحيوان حياة غريزية طبيعية، بينما يحيا الإنسان حياة اجتماعية، ويتميز بالتفكير ويحتاج ﻹشباع حاجات كثيرة، ويتطلب ذلك أن يقوم المجتمع على تعاون أفراده، ويعتمد هذا التعاون على تفاوت كفاءات الأفراد إلى حد بعيد، وهذا التفاوت يعبر عن حكمة إلهية، وعليه يقوم التخصص وتقسيم العمل الاجتماعي، وتتطور مبادئ التعاون المشترك.

والتفاضل الاجتماعي أيضاً نعمة على البشر، حيث من هذا المنطلق يحافظون على بقائهم، وتنمو حياتهم وتتطور، فلو كان البشر متساوين في أموالهم وقدراتهم ﻷدى ذلك إلى فنائهم وانقراضهم، فلو كان الناس فئة واحدة متساوية كأن يكونوا فقراء جميعاً أو أغنياء جميعاً، أو ملوكاً جميعاً لكان التنافس بينهم محدوداً في إطار ضيق، لكن تفاضلهم واختلافهم يجعل لكل منهم دوراً يرضى عنه ويسهم به في استمرار بقاء وتطور الحياة الاجتماعية؛ ﻷن اهتماماتهم سوف تتفاضل وتتنوع أيضاً، فالحياة الاجتماعية لا تستقيم بالتشابه، ولكن بالاختلاف والتباين والتفاضل.

آراء ابن سينا في الدخل والإنفاق في علم الاجتماع:

في مناقشات ابن سينا للجوانب الاقتصادية للحياة، يحدد مصادر كسب الرزق في نوعين: الأول ما يؤول للإنسان بالوراثة، والثاني ما يكتسبه بجهده وعرقه، ولا بدّ أن تكون مصادر الكسب معروفة فضلاً عن ضرورة كونها مشروعة، فلا يجوز أن يكون مصدر الرزق غير مشروع أولاً بقوة الدين والمجتمع، كالسرقة والغش وغيرها ولكن ينبغي أن يكون المصدر حلالاً، ولو كان ما يدره من الكسب قليلاً، أما أوجه الإنفاق فمنها ما هو واجب ومنها ما هو جائز مستحب ولكنه غير واجب، ومنها ما هو غير جائز ويتعلق الأول بنفقات الإنسان وأسرته على وسائل المعيشة المختلفة، والثاني ما ينفقه في أوجه الخير والبر، والنفقات غير الجائزة تتمثل فيما لا يجوز أولاً بقوة الدين والمجتمع.

الدولة والمدينة عند ابن سينا في علم الاجتماع:

المدينة عند ابن سينا هي تجمع من الناس يقوم على التعاون المشترك، حيث لا يستطيع الإنسان الحياة بمفرده ويدبر شؤونه بنفسه، أو بتدبير أمر أسرته وأهله بدون شريك يعاونه على إشباع حاجاته، فالإنسان كما قال أرسطو كائن اجتماعي.

وطبقات المدينة عنده تتقسم إلى ثلاثة، الأولى المديرون، والثانية الصناع، والثالثة الحفظة، وتنظيم هذه الطبقات يكون تنظيماً متسلسلاً.


شارك المقالة: