يصف مصطلح المهنة الإجرامية أو المهنة الجنائية التورط الكلي للفرد في النشاط الإجرامي من البداية، وحتى الاستمرارية وانتهاءً بالحادثة الأخيرة للنشاط الإجرامي، وعلى وجه التحديد ترسم المهنة الإجرامية التسلسلات طويلة المدى وأنماط السلوك الإجرامي للفرد، وبدلاً من التركيز على معدلات الجريمة الإجمالية يستكشف منظور المهنة الجنائية أسباب السلوك الإجرامي من خلال التركيز على الأفراد والأنماط الفردية طويلة المدى للجريمة.
عناصر المهن الإجرامية
يتم تحديد أربعة عناصر هيكلية رئيسية وتطبيقها في دراسة المهن الجنائية وهي:
1- المشاركة / الانتشار: هي مقياس على المستوى الكلي لنسبة السكان المتورطين في السلوك المسيء.
2- التكرار / الحدوث: هو معدل الإجرام لأولئك الأفراد الذين هم مجرمون نشطون والتي غالبًا ما يشار إليها باسم (lambda) أو (l).
3- الجدية: تشير الجدية إلى مستوى خطورة الجرائم التي يرتكبها فرد معين.
4- طول المهنة: تشير إلى طول الفترة الزمنية التي يرتكبها الفرد بشكل فعال.
عند تجميع هذه العناصر عبر الأفراد تظهر المهن الإجرامية عادةً منحنى جريمة عمرية أحادي الشكل للسكان.
يمكن أن يختلف التكرار والخطورة أو الجدية والمدة المهنية اختلافًا كبيرًا بين الأفراد الذين قد يتراوحون من عدم وجود أي جرائم على مدى العمر إلى وجود جريمة واحدة ذات طبيعة غير ضارة إلى كونهم مجرمين مزمنين أو مهنيين مع جرائم خطيرة متعددة على مدى واسع من حياتهم، ومع ذلك على الرغم من هذا الإجماع على تعريف المهنة الإجرامية (والمجرم المهني) ومنحنى المستوى الإجمالي للجريمة التي يتم العثور عليها عادةً، فقد ظهر الجدل في العديد من المجالات الأخرى ضمن أبحاث المهن الإجرامية.
تتضمن دراسة المهن الجنائية استخدام بيانات اللوحة الطولية، ففي علم الجريمة كان هذا صعبًا بسبب نقص الموارد المتاحة مما أعاق تطوير نظريات قابلة للاختبار، كما يشير سامبسون ولوب بأنّه قد هيمنت على علم الإجرام منظورات اجتماعية ونفسية ضيقة مقترنة بتقاليد قوية في البحث باستخدام بيانات مقطعية عن المراهقين، وهذا المزيج من نقص البيانات ووجهات النظر النظرية المحدودة والتقنيات المنهجية أعاق بشكل خاص القدرة على فهم المهنة الإجرامية والتي هي ذات طبيعة طولية وديناميكية.
أنماط المهنة الجنائية
تشير الكثير من الأبحاث إلى وجود عدة أنواع مختلفة من أنماط المهنة الإجرامية، وهذه الفكرة مهمة جدًا للاختبار والتطوير الإضافي للنظريات الإجرامية، حيث أنّ معظم الأعمال السابقة في علم الجريمة قد افترضت وجود انقسام بسيط للفئات وهي: الجناة وغير الجناة، ويشير البحث الذي يتحدى هذا الانقسام إلى وجود عدة أنواع مستقرة من الفئات تتجاوز الجناة وغير المجرمين.
موفيت وأنماط المجرم المهني
على وجه الخصوص يقدم عمل موفيت على الجناة المحدودين في فترة المراهقة والمرتكزين على مدى الحياة دعمًا نظريًا لوجود هذين النوعين من الأنماط المهنية والتمييز بينهما، كما يشير أيضًا إلى سبب استمرار السلوك المسيء مع مرور الوقت بين بعض الأفراد إلى جانب زيادة كبيرة في مستويات الإساءة في سنوات المراهقة، وهناك دليل واحد على ما يسميه كوهين وفيلا ألا وهو مفارقة الإصرار، والمفارقة هي: في حين أنّ معظم الأحداث الجانحين لا يكبرون ليصبحوا مجرمين بالغين -على سبيل المثال السلوك المنحرف هو جزء طبيعي من سنوات المراهقة- فإن جميع المجرمين البالغين تقريبًا كانوا أحداثًا جانحين.
يشير موفيت إلى مشاكل نفسية عصبية تحدث غالبًا في دماغ الجنين وتثبط التطور المزاجي والسلوكي والمعرفي وتتفاعل مع بيئة اجتماعية فقيرة أو إجرامية كسبب للإساءة المزمنة، وعلى عكس المجرمين المراهقين المحدودين غالبًا ما يكون سبب السلوك المعادي للمجتمع الذي يظهره الجناة المزمنون في السنوات الأولى من التنشئة الاجتماعية، وإنّ العجز المبكر الذي حدده موفيت جنبًا إلى جنب مع الافتقار إلى بيئة الطفولة الداعمة والتفاعلات الإشكالية بين الوالدين والطفل يتسبب في استمرار السلوك المنحرف بمرور الوقت.
يشير موفيت إلى أنّ الأطفال ذوي العيوب الإدراكية والمزاجية لا يولدون عمومًا في بيئات داعمة ولا يحصلون حتى على فرصة عادلة لتعيينهم عشوائيًا في بيئات جيدة أو سيئة، وتستمر العواقب التراكمية لسلوكهم في تضييق خياراتهم في عالم السلوك الشرعي أو المعياري، ويخطو موفيت خطوة أخرى إلى الأمام لتأكيد أنّ المشكلات النفسية العصبية يمكن أن تتفاعل على وجه التحديد مع السياق الاجتماعي للجوار إما لتعزيز السلوك المعادي للمجتمع أو المنحرف.
تفسير موفيت لمجموعتي المجرمين
يشير موفيت بأنّه بالنظر إلى الذكور الأمريكيين من أصل أفريقي من دراسة بيتسبرغ للشباب وجد موفيت أنّ العيش في جوار جيد يبدو أنّه يحمي الأولاد من التورط في الانحراف، ولكن فقط إذا كانوا من الناحية النفسية العصبية صحي، وكان الأولاد الذين يعانون من مشاكل عصبية نفسية دائمًا أكثر عرضة للانحراف عن أولئك الذين لا يعانون من مثل هذه المشاكل بغض النظر عن وضع الحي، وعلى عكس نظرائهم المزمنين يفترض موفيت أنّ المجرمين المحدودين في سن المراهقة لا يأتون من نفس خلفيات العجز البيئي أو يعانون من نفس المشاكل العصبية ولا يعانون من آثار الحرمان التراكمي.
بدلاً من ذلك يؤكد موفيت أنّ مثل هذا السلوك المحصور في سنوات المراهقة، بحيث يكون مدفوع بالفجوة بين النضج البيولوجي والنضج الاجتماعي، ويعد السلوك المعادي للمجتمع بما في ذلك التورط في جنوح الأحداث هو تقليد اجتماعي يستخدمه الشباب لتحقيق مستوى أعلى من المكانة في عالم المراهقين مع سلطته وامتيازاته اللاحقة، كما إنّ المجرمين المحدودين في سن المراهقة يحاكيون السلوك الذي يرون أنّه يظهر من قبل المجرمين المزمنين خلال سنوات المراهقة، ولكن نظرًا لأنّهم لم يقطعوا الروابط الرئيسية مع المجتمع فقد يأتون من أسر أكثر استقرارًا ولا يعانون من نفس الضرر العصبي فهم قادرون للكف بسهولة عن الإساءة عندما يصلون إلى السنوات الأولى من سن الرشد.
يشير الوجود المفترض لهاتين المجموعتين من المجرمين إلى نقطتين مهمتين وهما:
1- أولاً من شأنه أن يفسر الزيادة الهائلة في المعدلات الفردية للجرائم التي تحدث في سنوات المراهقة، يليها الانخفاض الحاد الذي يظهر في منحنى الجرائم العمرية على مستوى السكان أحادي الوسائط، ويبدو أنّه يشير إلى أنّ هذا التغيير يحدث لأنّ عددًا أقل من الأشخاص المخالفين في السنوات اللاحقة، حيث توقف المراهقون المحدودون، بينما تستمر المجموعة الأصغر من المجرمين المزمنين حجة لتبعية الدولة مقابل عدم التجانس السكاني.
2- ثانيًا يشير أيضًا إلى ضرورة إجراء بحث مطول حول المهن الجنائية، فإذا كان الجناة المحدودون في سن المراهقة والمجرمون المستمرون على مدى الحياة متشابهين في سلوكهم في ذروتهم في الإجرام فإنّ هناك طريقة قليلة للتمييز بين المجموعتين.