فتح مدينة الجراجمة في عهد مسلمة بن عبد الملك

اقرأ في هذا المقال


تعود أصول الجراجمة لسكان مدينة جرجومة وهي تقع في جبال الأمانوس الواقعة بين سوريا وتركيا، على حدود الدولة الإسلامية والبيزنطية، وهم من أصول مسيحية كانوا يشكلون خطر على الدولة الأموية.

خطر الجراجمة على المسلمين

كان الجراجمة يشكلون خطرًا على المسلمين منذ أيام الفتح العربي للشام، فقد قاموا بدعم الروم ومساندتهم في حروبهم ضد المسلمين، ازداد آذاهم وخيانتهم للمسلمين، فقد قاموا بالتجسس على المسلمين لصالح الروم، وكانوا يهاجمون الجيوش الإسلامية التي تغزو بلاد الروم، وأشعلوا نار الفتن، وكانوا يعقدون الصلح مع المسلمين تارة، ويتمردون عليهم تارة أُخرى، ويُذكر أنهم ساعدوا الإمبرطور جستنيان الثاني عندما كان يقاتل المسلمين.

بعد الخيانات والفتن التي قاموا بها ضد المسلمين قرر الخليفة عبدالملك بن مروان بإرسال جيش كبير قام بقتالهم وقتل قائدهم، وعندما عقد الإمبرطور جنستيان الثاني صلحًا مع المسلمين أخذ أثني عشر ألف من الجراجمة لبلاده.

حملة مسلمة بن عبد الملك على الجراجمة

تمرد الجراجمة مرة أُخرى على المسلمين في عام (89هجري-708ميلادي)، ودعمهم الروم القانطين في رودوس والإسكندرية، عندما علم الوليد بن عبد الملك بذلك أرسل مسلمة بن عبد الملك على رأس جيش من أجل التصدي لتمردهم، وبالفعل استطاع مسلمة بن عبدالملك الانتصار عليهم وسحقهم وفتح مدينتهم، واستسلموا وقبل باستسلامهم لكن في المقابل يخلو مدينتهم ويرحلوا إلى أي مكان في الشام، واستجابوا لطلب مسلمة بن عبدالملك، والذي قام بتدمير مدينتهم، تحسبًا لرجوعهم وقيامهم بالتمرد والتجسس والخيانة، رحل الجراجمة عن مدينتهم إلى المناطق المجاورة، وخرج البطريك التابع لهم ويُذكر أنه ذهب إلى أنطاكيا ومنها توجه إلى بلاد الروم.

منح مسلمة بن عبد الملك الجراجمة الكثير من الامتيازات وذلك من أجل كسبهم إلى صفه والحصول على دعمهم، فصرف لكل شخص منهم (8) دنانير، ولعائلاتهم قمح وزيت، وسامحهم بالجزية التي تفرض على غير المسلمين على الرغم من أنهم لم يدخلوا الإسلام، ولكن في المقابل كان هناك عدة شروط  يجب عليهم قتال الروم، والوقوف مع المسلمين في غزواتهم ضد الروم، ويستطيعوا أخذ الغنائم ممن يقتلوهم اثناء الغزو مع المسلمين، واقتطاع الأموال من المقتدرين منهم كما هو الحال عند أخذ الزكاة من المسلمين.

وافق الجراجمة على شروط المسلمين، وبذلك استطاع المسلمون القضاء على فتنتهم، وكسبوهم إلى صفهم وأخذ الدعم منهم في غزواتهم، ولم يُذكر أنهم تمردوا مرة أخرى على المسلمين، ومن الجدير بالذكر أنه بعد انتهاء الدولة الأموية ومجيء الدولة العباسية، تم معاملتهم في ظل الدولة العباسية بنفس الاتفاقية التي عقدها معهم مسلمة بن عبدالملك.


شارك المقالة: