فلسفة النقود عند جورج زيمل في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


فلسفة النقود عند جورج زيمل في علم الاجتماع:

يرى جورج زيمل أن النقود قد خدمت من الجانب التاريخي في تعين، ليس فقط مكانة الأشياء، بل كذلك أفراد المجتمع، لقد شاركت النقود في الحرية الفردية، لكن أصبحت رغبة بنفسها، وهي تساهم كذلك في تراجيديا الثقافية الحديثة حيث قيمة الأشياء تفوق قيمة الأشخاص.

وضع زيمل يتجاوز المقاربات التقليدية للقيمة بتعابير المنفعة أو العمل، نظريته تقول بأن الذي يؤسس قيمة الغرض هو ما توجب بذله للحصول عليه، وهكذا فإن الغرض لا يكتسب ثمناً في نظر شخص إلا إذا كان قريباً إلى حد كافٍ كي يحرض الرغبة، وبعيداً إلى حد كاف من أجل تسويغ التضحيات.

ومع ذلك سيجابه الفرد خلال المبادلات بتقدير للقيمة حدده الآخرون، نلتقي هنا بعملية إضفاء الصفة الموضوعية، وهو تصور هام عند  زيمل، ففي سياق المبادلة سيتم وضع السعر ضمن إطاراً آليات السوق، وهو سعر سرعان ما سيبدو كمعطى موضوعي، بمعنى أنه يفرض نفسه على وعي الأفراد.

وكعامل ﻹضفاء الصفة الموضوعية فإن المبادلة على غرار النقود، خالقة للقيمة تماماً كما الإنتاج، ولحل مشكلة النقود يقدم زيمل جواباً في ثلاث مراحل أولاً: ليس للنقود من حاجة ﻷن يكون لها قيمة داخلية أو قيمة جوهرية، من أجل ضمان وظائفها الاقتصادية يكفيها أن تكون مقبولة من الجميع أو قيمة وظيفية، كمعادل مكافئ عام.

ومع ذلك كان لا بدّ في الأصل من أن تمتلك النقود قيمة جوهرية، يفترض زيمل أن النقود الأولى كانت حلى لها قيمة بذاتها، كان يجب أن تتم المحافظة على هذه القيمة الداخلية كي تتمكن السوق من التوسع جغرافياً وأن يتواجه فيها مجهولون لا يملكون صلات أخرى سوى البضاعة، إلا إذا لم تفرض نفسها مؤسسات أخرى المعايير، القانون، وتسمح للقيمة الوظيفية أن تتطور لوحدها.

أخيراً فيما يتجاوز قيمتها الوظيفية وقيمتها الجوهرية، تمتلك النقود مكونات غير اقتصادية، فغرض الإبهار علامة تفاخر بالثراء يمكن أن يكون مرغوباً من أجل ذاته، ويبين زيمل بماذا يشارك انتشار النقود في ظهور الحرية الفردية، وفي الواقع من خلال كيانها كمعادل عام، فهي الملكية التي تسمح بكل الاستخدامات، إن كمية من النقود تتيح لي إمكانية الحصول على الحليّ أو الكتب التي تناسبني، في حين أن هذه الممتلكات ذاتها لا تتيح سوى خيار محدود من الاستخدامات، ومن جهة أخرى إن التحول النقدي للاقتصاد سمح بتحرير العمل من الوصاية المشخصنة مثلما كانت العبودية، وبالمرور إلى ضغط غير شخصي مثل وضع الأجيرين.


شارك المقالة: