يعدً الخسوف والكسوف وحركة الكواكب وغيرها من الظواهر الفلكية الطبيعية فرصة ليتابع محبو الفلك مجموعة من عجائب وغرائب الطبيعة، وتُقام فعاليات كثيرة ومختلفة لمتابعة هذه الظواهر ورصدها أثناء حدوثها، غير أن تلك الظواهر الفلكية لم تكن محلًّا لكل هذا الاحتفال والترقب في القدم، فلطالما اتصلت بخرافات عديدة، نرصد بعضًا منها هنا.
خرافات حول الكسوف والخسوف:
الخسوف “يقتل البابا”:
في عام 1628 شاعت نبوءة، أن خسوف القمر الذي تُوقع حدوثه سيكون مرافقًا له موت البابا أوربان الثامن، بابا الفاتيكان، وقد سببت هذه النبوءة والتوقّع ضجة سياسية كبيرة؛ حيث اضطر سفراء الفاتيكان إلى أن يؤكدوا بشكل مستمر ودائم على أن البابا يتمتع بصحة جيدة، وسببت النبوءة ضجة كبرى كذلك في الرأي العام، فأصدر الفاتيكان قرارًا يُجرم مثل تلك النبوءات والقيام بنشرها.
أما البابا فقد طاله الفزع أيضًا، فأقام العديد من الشعائر الدينية والطقوس ليطرد الأرواح الشريرة، وقام بعزل نفسه في غرفة بعيدًا عن الأضواء، كما قام بتعليق الأثواب البيضاء فيها، وقام بإضاءة الشموع، وكما قام برشّ الخلّ، ولا ننسى استعانته بعناصر أرضية مختلفة، كرموز للكواكب والأجسام السماوية الأخرى، مثل الأحجار والنبيذ، إلا أن ذلك الخسوف قد مرّ بسلام ولم يمت البابا، إلا أن هاجس الخسوف بقي يطارده ويطارد الذين خلفوه على مدار قرون تلت.
في التراث الديني كان الخسوف مرتبطًا بخروج الأرواح الشريرة والشياطين، وكان دليلًا على اقتراب نهاية العالم، حتى أن مارتن لوثر الذي كان يرفض الاعتراف بأساطير الفلك وخرافاته، حيث قال: ” إن الخسوف والكسوف نذير شؤم وشر، كولادة طفل مشوه”، وكما أنه كان مقتنعًا بأن الخسوف والكسوف يتكرر حدوثهما بشكل أسرع في زمانه، وظنّ أن هذا يحدّث باقتراب نهاية العالم.
إفساد الطعام:
شاع الاعتقاد في القديم بأن الأرواح والشياطين الشريرة التي تخرج خلال خسوف القمر تُفسد وتخرّب طعام البشر، وكما أنّها تُسبب لهم عُسر الهضم وعلل المعدة، وقد امتنع بعض الناس عن تناول الطعام والشراب خلال حدوث هذه الظواهر الكونية، خوفًا من إصابتهم بمكروه، وكما توجهت بعض الثقافات لأن يقوم الناس بتغطية الطعام بورق الشجر، مثل ورق أحد أنواع الريحان الذي عُدّ مقدسًا وله القدرة على طرد الشر.
أجنة مشوهة:
سادت خرافة بأن خروج المرأة الحامل أثناء الخسوف والكسوف والتعرض للضوء، من الممكن أن يعرضهن وأجنتهن للضرر؛ لذا التزمت النساء الحوامل ببيوتهن أثناء فترات حدوث هاتين الظاهرتين، وقد تراوح الضرر الذي قد تسببانه ما بين الإعياء والتعب والإصابة بالأسقام، وصولًا إلى إصابة الجنين بالتشوهات، وفي بعض الأحيان الإجهاض، وكما يمكن أنهما قد تصيبان الطفل بلعنة تبقى معه طوال حياته.
تمّ منع المرأة الحامل من أن تستخدم أو الإمساك بسكين أوأي آلة حادة؛ ذلك أنها من الممكن أن تُحدث أثرًا في جسم الجنين، وعمومًا ساد اعتقاد بأن الإنسان إذا تعرض لجرح خلال الخسوف والكسوف يرفع من كمية النزف، ويجعل الجرح عميقًا، ويزيد من الوقت الذي يحتاجه لأن يلتئم، وفي بعض الأحيان يبقى أثر الجرح موجودًا في رقبة الذي يصاب طوال حياته.
زيادة الحسنات والسيئات:
ظن سكان بعض المناطق أنه خلال حدوث هاتين الظاهرتين، تتزايد الحسنات والسيئات التي يقوم بها الإنسان، وعدّ البعض الخسوف والكسوف فرصة لكي يتخلص الإنسان من الذنوب عبر الاغتسال والتطهر، وقد لجأ بعض الناس إلى أن يستحمّ أثناء حدوث الظاهرتين كي تُمحى عنهم الذنوب وتبتعد عنهم الطاقة السلبية، وكي يصلوا إلى الخلاص، كما أقامت ثقافات وديانات شعائر قاموا فيها بالاغتسال في الأنهار لكي يتطهروا من الذنوب.
خلاف بين الشمس والقمر:
لعل أكثر الأساطير والخرافات شهرة والأكثر اتصالًا بقصص وحكايات الأطفال هي أن هاتين الظاهرتين تحدثان بسبب خلاف وفي بعض الأحيان معركة بين الشمس والقمر، ويكون النصر فيها للذي يطرد الآخر، وقد ارتبط الخلاف بين الشمس والقمر أحيانا بمعركة بين الآلهة الغاضبة؛ إذ يستسلم إله الشمس وينسحب أو يفعل ذلك إله القمر بعد أن تسحقه بالهزيمة، فحين يترك إله الشمس السماء يقع الكسوف، ولما يتركها إله القمر يقع الخسوف، وقد انعكس ذلك الصراع على أهل الأرض، الذين رأوا في دوامه خطرًا يحيط بهم، وقد لجأوا إلى حل الخلافات بينهم كوسيلة لإرضاء الآلهة لتنهي خلافاتها بدورها.
أسواق المال ما زالت تتأثر:
أظهرت بعض الأبحاث والدراسات أن حركة أسواق المال قد تتأثر بحدوث الكسوف والخسوف؛ إذ ينأى المستثمرون عن اتخاذ قرارات من الممكن أن تكون خطرة، أو قد تنطوي على مجازفات، وكما أظهرت الأبحاث أن المضاربين وذوي رؤوس الأموال كانوا أكثر ترددا في الفترات التي يشعرون فيها أنهم لا يمكنهم التحكم في ما يجري من أمور، أو أن الطبيعة أقوى منهم، لكن في كل الأحوال، ترجع الأسواق لتصحيح أوضاعها خلال يومين على الأكثر بعد انتهاء الخسوف والكسوف.