اقرأ في هذا المقال
- كلمة جماعة لها مدلول خاص في لغة الأنثروبولوجيين الاجتماعيين
- كلمة فئة لها مدلول خاص في لغة الأنثروبولوجيا الاجتماعية
يوجد في الأنثروبولوجيا الاجتماعية العديد من المصطلحات والمفاهيم الكثيرة ذات مدلولات خاصة في لغة الأنثروبولوجيين، ومن هذه المصطلحات والمفاهيم مصطلح جماعة وفئة، وفي هذا المقال سنتحدث عن كلمة جماعة في مدلولها خاص في لغة الأنثروبولوجيين الاجتماعيين، وأيضاً عن كلمة فئة في مدلولها خاص في لغة الأنثروبولوجيين الاجتماعيين.
كلمة جماعة لها مدلول خاص في لغة الأنثروبولوجيين الاجتماعيين:
إن كلمة جماعة لها مدلول خاص في لغة الأنثروبولوجيين الاجتماعيين. حيث إنها لا تعني أي مجموعة من الناس كما نستعملها في لغتنا اليومية والاعتيادية. بل هي تعني مجموعة مشتركة لها وجود دائم في المجتمع. أي مجموعة من الناس تجمعوا معاً حسب مبادئ وقيم معترف بها، ولهم مصالح وقواعد مشتركة بينهم تسمى بالمعايير، وهي أيضاً تحدد حقوق أفراد هذه الجماعة وواجباتهم بالنسبة إلى بعضهم البعض وبالنسبة لهذه المصالح المشتركة كذلك.
حيث يمكن تسمية المصالح المشتركة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية مصالح ملكية، إذا أخذنا الملكية بمعناها الواسع. حيث إنها مصالح قال عنها عالم الأنثروبولوجيا ليتـش (Leach) إنها تشمل “ليس فقط المتاع المادي والحقوق في الأرض ولكن الحقوق أيضاً في الأشخاص والألقاب والمراكز والأسماء والطقوس وأشكال السحر والتقنية والأغاني والرقصات”. حيث أننا نجد في كثير من المجتمعات البسيطة أن أهم الجماعات المشتركة والمتماسكة هي التي تتكون من أشخاص تربطهم علاقة النسب.
وليس من الصعب التعرف على تماسك الجماعات التي تربطها علاقات النسب، حيث إنه يمكن التأكد منها بالمعايير التي ذكرها ليتش (Leach) لكن هناك تجمعات من الناس تجمع بينها عناصر مشتركة، لكنها لا تكفي لأن تجعلنا نقول إنها جماعات متماسكة. فالذي نعنيه هنا هو نوع من الشعور الموحد أو المصلحة، أي شيء أكثر من مجرد صفة مشتركة يراها الذين هم خارج الجماعة.
فالأشخاص الذين هاجروا من نفس البلد إلى بلد آخر واحد أي الإيطاليون في استراليا مثلاً يمكن تمييزهم عن السكان الأصليين وهم يحسون بذلك. وأحياناً يشار إليهم على أنهم جماعات إثنية، مع أنهم قطعاً ليسوا جماعة متماسكة. ومن الصعوبة بمكان أن نتفادى استخدام لفظ “جماعة” للدلالة على مجموعات الناس الذين لا يكونون جماعات متماسكة. فالمهم أن نكون واضحين عند استخدام الكلمة في المعنى الضيق والدقيق.
كلمة فئة لها مدلول خاص في لغة الأنثروبولوجيا الاجتماعية:
هناك خطأ يجب تفاديه وهو الافتراض بأن أي تجمع من الناس ليس جماعة، بل يجب أن يكون “فئة” (Category)، فكلمة الفئة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية ليست شيئاً موجوداً بل اسم يطلق على نوع من الأشياء التي يراها الإنسان على أن لها صفات مشتركة. حيث أن تصنيف الأشياء في فئات هو طريقة لتنظيم خبرة الشخص، وأحياناً يستنبط المفكرون فئات جديدة ومتنوعة، ولكن معظمنا يقنع بالفئات التي يجدها في اللغة التي تعود عليها منذ طفولته.
كما إنها تشمل الفئات التي نصف بها الناس المتصلين بنا بطرق مختلفة عن طرق القرابة. وبعض هذه الفئات مثل “الأخ”، تصف أشخاصاً يكونون جماعة. فكل من ينطبق عليه وصف فئة من الفئات، سواء كونوا جماعة أم لا، هم يعتبرون أعضاء في الفئة التي يشير إليها اللفظ.
حيث ترجع الطريقة العجيبة التي يستخدم بها بعض علماء الأنثروبولوجيا لفظ “فئة” إلى فورتس (Fortes) وهو يتحدث عن القرابة لدى قبائل الأشانتي (Ashanti) إذ كيف يقول أن الأشانتي يستخدمون عدداً من الفئات اسمها “نوترو” تتألف من أشخاص يرتبطون بصلة القرابة عن طريق الأب. ولعله كان أدق كثيراً القول أن فئة النوترو عند الأشانتي تشير إلى مجموعة من الأشخاص الذين يرتبطون بصلة الانتساب إلى الأب. وأن هناك عدداً من النوترو، وليس نوترو واحد. ويقول فورتس أن أفراد النوترو لا يكونون جماعات متماسكة.
ومنذ ذلك الوقت أخذ الأنثروبولوجيون يكتبون كما لو كان هناك نوعان فقط من التجمعات هما: الجماعات والفئات. ويستخدم للبعض لفظ “جماعات وفئات” كتعبير يشمل كل شيء حتى يتأكدوا من أنهم لم يتركوا أو ينسوا أحداً. ولكن إذا قلنا إن الفرد يجب أن ينتمي إما إلى جماعة أو فئة فكأننا نقول إنه يجب أن يعيش إما في هذه الفئة فقط وهو ما يعتبره الفلاسفة وعلماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية تخبطاً في الفئات وهو تخبط يثير الضحك إذا جاء في أي فرع آخر من فروع العلم.