اقرأ في هذا المقال
ثورات الخوارج وحربهم مع الحجاج بن يوسف الثقفي:
عندما قدم الحجاج بن يوسف الثقفي إلى العراق، خطب بالناس في الكوفة خطاباً مخيفاً؛ حتى يرهب الناس، وقام بدعوتهم للخروج مع المهلب بن أبي صفرة أحد أشراف البصرة الذي قاد جيش الدولة الأموية ضد الخوارج، وكانت أول مهام الحجاج أن يجمع الجنود العراقيين للانضمام إلى المهلب للقضاء على الخوارج الأزارقة.
بعد قيام الخوارج بالقتال مع عبد الله بن الزبير عندما حاصره جيش يزيد بن معاوية، وذلك كان بقيادة الحصين بن نمير، وبعد أن انسحب الجيش اختلفوا مع عبد الله في العديد من المسائل الفقهية وقاموا بمحاربته، وبعدها ذهب الخوارج إلى العراق ويعتبر المركز لتواجدهم وأصلهم، فقام فريق بالعودة إلى العراق وكان يرأسهم نافع بن الأزرق ونجدة بن عامر وعبد الله بن صفار وعبد الله بن إباض بن بهيس.
وذهب الفريق الآخر من الخوارج إلى اليمامة، ثم قام نجدة بن عامر بالرحيل من اليمامة؛ بسبب الخلاف الذي وقع بينه وبين نافع بن الأزرق، وقام بتأسيس فرقة النجدات وهذا هو دأب الخوارج دوماً، وكان ابن الأزرق قد استقر في الأهواز بعد أن كان قد اعتبر البصرة دار كفر ولا يجوز الإقامة فيها، وقام باتباعه ثلائمائة من أصحابه.
وبقي عبد الله بن صفار الذي عمل على تأسيس فرقة الخوارج الصفرية، بالإضافة إلى عبد الله بن إباض الذي ينتسب للخوارج الإباضية، وكانت الفرق الصفرية والإباضية والأزارقة هم الفرق الذين أقاموا ثورات ضد الحكم الأموي.
ثورة الخوارج الأزارقة ضد الحجاج بن يوسف الثقفي:
بدأ قتال الخوارج الأزارقة الذين كانوا يستقرون في الأهواز بعد أن علا شأنهم واستطاعوا السيطرة عليها ووصلوا بسيطرتهم إلى نهر الفرات، وفي عام 73هـ أمر عبد الله بن مروان أخيه بشر بن مروان وهو والي العراق أن يقوم بقتال الخوارج، وأمره أن يقوم المهلب بن صفرة في هذه المهمة، وقام بشر باختيار عبد الرحمن بن مخنف كي يقود جيش الكوفيين، وأعطاه الأمر بأن ينتخب أولي الفضل والنجدة كما أمر المهلب أن ينتخب من شاء.
قام المهلب بن صفرة بطرد الخوارج من الأهواز وهزمهم، وكما أنه أقصاهم إلى بلاد فارس وظل ماكثاً في برامهرمز لعشرة حتى جاء الخبر بوفاة بشر بن مروان، واضطربت الأوضاع وأحوال الجنود واجتمعوا في سوق الأهواز، حتى إن أهل البصرة كانوا يريدون الانسحاب من جيش المهلب حتى خاطبهم قائلاً: أنَّكُم تذبون عن مصركم وحرمكم وفيئكم.
وبالفعل قام جماعة من جند البصرة بالهرب إلى البصرة، وكان المهلب قد أشار للحجاج في كتابه عند ثورة ابن الأشعث وقيام أهل البصرة والكوفة بالمبايعة له، وبأنهم لن يستمروا على القتال معه وأنهم سوف يخرجون عليه، ولكن عندما وصل الحجاج لكرسي الحكم في العراق تغير الأمر كلياً.
وقام الحجاج بن يوسف بالخروج بنفسه إلى رستقباذ؛ حتى يشرف على جيش المهلب، وأرسل إليه عبد الرحمن بن مخنف ومعه كتاب يحرضه فيه على قتال الخوارج قال فيه: إذا جاءكم كتابي فناهضوا الخوارج والسلام، وقام المهلب بن صفرة في الحرب ضد الخوارج الأزارقة، واضطرهم للجلاء والانسحاب من غير قتال شديد.
وبعدها نزل الخوارج في أرض يقال لها كازرون، وذهب لهم المهلب وابن مخنف في رمضان، وأعطى المهلب الأمر بحفر خندق لمعسكر جنوده؛ حتى تكون حمايةً له، أما عبد الرحمن بن مخنف كان قد استهان بقوة الخوارج ولم يقم بحفر الخندق، وكانت نتيجة استهانته بهم أن قام الخوارج بالهجوم على معسكرهم، وقاتلوهم وهزموهم وقتلوا الكثير منهم وقُتل عبد الرحمن نفسه.
وعندما علم الحجاج بن يوسف بمقتل عبد الرحمن بن مخنف أرسل قام بإرسال عتاب بن ورقاء قائداً لجيش الكوفة، على أن يستمع لكل ما يأمره به المهلب، ولكن وقع بين عتاب والمهلب خلاف أدَّى إلى أن يرسل عتاب للحجاج ويعلمه بالأمر وكيف أن المهلب قام بإغراء بعض سفهاء الكوفة في جيش الكوفة.
وفي تلك الأثناء كانت ثورة عبد الله بن الجارود قد وقعت، فقام الحجاج بالإرسال إلى عتاب كي يقوم بمساعدته في قمع ثورة ابن الجارود، وأن يترك أمر الخوارج للمهلب بن أبي صفرة، واستطاع المهلب بعد قتال شديد استمر نحو سنة أن يجعلهم ينسحبون لخارج بلاد فارس التي أصبحت تحت سيطرته، وخرج أمر الخليفة عبد الملك بن مروان أن يكون خراج فارس للمهلب ويضع عمالاً من جهته.
وعلى الرغم من فترة طول الحرب التي خاضها المهلب بن أبي صفرة في حريه الخوارج، قام الحجاج بإرسال رسالة له يتهمه فيها بالجبن، ويطلب منه بأن ينتهي من العدو بسرعة، وكان المهلب يرى أن طول فترة الحرب لمصلحته وقال للحجاج: إني منتظر لهم إحدى ثلاث: موت ذريع أو جوع مضر أو اختلاف في أهدائهم، وتحقق ما كان يسعى له المهلب حيث وقع الخلاف بين صفوف الأزارقة وقضي عليهم.