مؤسسات رعاية كبار السن

اقرأ في هذا المقال


الغالبية العظمى من المسنين لا يرغبون في ترك منازلهم ولا يريدون بديلاً عن الاستقلال في الحياة والحرية والبقاء مع الوجوه المألوفة لهم من الأهل والأصدقاء وكل ما هو قائم في البيئة التي عاشوا فيها سنوات طويلة من عمرهم.

اهتمامات كبار السن ورغباتهم

يهتم كبار السن بصفة خاصة بالحفاظ على الأشياء الخاصة التي يملكونها، حتى وإن بدت تافهة عديمة القيمة. وتشير الدراسات إلى أن الشخص كبير السن يكون بالفعل أكثر سعادة ورضا وصحة إذا ما أمكن أن يظل كما هو في بيته ولم يُنقَل إلى مكان آخر ليعيش فيه.

ومع أن رأي الشخص كبير السن ورغبته في أن يظل كما هو في داره ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الحالة المَرَضية قد تتدخل في مدى صحة ما يبديه من رأي أو رغبة. ومع هذا فإن نسبة من المرضى المسنين الذين أُبعِدوا عن ديارهم تزعجهم هذه الخبرة حيث إنهم لا يتماثلون أبداً للشفاء ويقضون بقيّة حياتهم في خمول وتعاسة.

وهناك نسبة من المسنين يكشفون عن أعراض مرضية جديدة عقب إيداعهم المستشفيات، وهذه الأعراض تكون مرتبطة بتغيّر الظروف البيئية، أي مرتبطة بنقل الشخص المسن من بيئته الأصلية إلى بيئة أخرى، بل وُجِدَ أحياناً أنَّ مجرد قضاء فترة زمنية قصيرة في المستشفى يمكن أن تكون بمثابة خبرة صادمة لكبير السن ذات تأثير على حالته الصحية وكفايته الاجتماعية.

وكثير من كبار السن قد تكونت لديهم شبكة دقيقة من العلاقات في التعامل اليومي مع الجيران والأصدقاء وبعض البائعين المتجولين، وغير ذلك من علاقات تدوم خلال البرنامج اليومي للإنسان. ويمكن للإيداع في المستشفى أن يعمل على قطع هذه الشبكة من العلاقات ممّا يجعل عودة المُسن مرة أخرى إلى بيئته أمراً صعباً لعدم إمكانية تجديد هذا النسيج من الاتصالات مرة أخرى بشكله السابق.

الفرق بين المسنين في العيادات الخارجية وبين الأقسام الداخلية

ممّا لا شك فيه أنَّ الفرق كبير بين المرضى المسنين الذين يتردَّدون على العيادات الخارجية حيث يتلقون علاجهم ويعودون إلى بيئتهم الأصلية وبين مرضى الاقسام الداخلية بالمستشفيات حيث يقيم الشخص المسن، ويتم علاجه في انفصال عن بيئته الأصلية، وهذا الفرق يكشف لنا أنَّ المرضى المترددين على العيادات الخارجية يكونون أفضل حالاً من المرضى المقيمين بالأقسام الداخلية بالمستشفيات، الأمر الذي يؤكد أهمية إبقاء الشخص المسن في بيئته وإلا ينتزع منها إذا كان من الممكن ذلك.

ومع هذا فإنَّ القضية ليست بمثل هذه البساطة فقد ترجع هذه الفروق بين هاتين الفئتين إلى واقع أن مرضى الأقسام الداخلية بالمستشفيات من كبار السن إنما يودعون بها بسبب سوء حالتهم أساساً، في حين يكون المرضى المترددين على العيادات الخارجية في حالة أفضل الأمر الذي لا يستلزم إدخالهم وإيداعهم بالأقسام الداخلية. ومع هذا فإنَّ المرضى المترددين على العيادات الخارجية يكونون أكثر حيوية ونشاطاً، وأكثر اهتماماً بمظهرهم وأكثر تفاعلاً مع ما يدور حولهم من أحداث وأكثر رغبة في الاتصال بغيرهم.

ضرورة الاحتفاظ بكبار السن ببيئتهم الأصلية

اجتمعت الدراسات على أهمية الاحتفاظ بالمسنين ببيئاتهم الأصلية أي منازلهم دون انتزاعهم منها كلما كان ذلك ممكناً. وعادةً ما تعمل السلطات المسؤولة في الدولة على تركيز اهتماماتها في توفير الأماكن لكبار السن بالمستشفيات وتحسين مستويات الخدمة بها على حساب الرعاية في المجتمع.

وعادةً ما يكون التأكيد بالنسبة لكبار السن على توفير الخدمات بالأقسام الداخلية، وفي الواقع قد يكون من الضروري أحياناً انتزاع المسن من بيئته ووضعه في المستشفى أو دار للمسنين أو ما شابه، إلَّا أنهُ من الممكن في كثير من الأحوال تجنب انتزاع كبير السن من بيئته إذا ما توافرت وسائل الرعاية في المجتمع. بل ومن الممكن أيضاً للكثيرين من كبار السن ترك الأقسام الداخلية بالمستشفيات للإفادة من الرعاية في المجتمع إذا ما توافرت الخدمات الخاصة بمثل هذا الأسلوب من الرعاية.

البواعث وراء الرغبة في إيداع المسنين بدور الرعاية

عادةً ما يعيش الشخص المسن تحت تأثير الخوف من انتزاعه من بيئته وقد يعمل الأهل أو الأصدقاء أو الجيران على إخراج المسن من بيئته ووضعه في المستشفى أو إحدى دور الرعاية للمسنين، وقد يكون ذلك بدافع القلق على حالة كبار السن والرغبة في مساعدتهم.

ومع هذا فقد يحدث أحياناً أن تكون هناك رغبة خفية في التخلص من هذا الشخص المسن للاستحواذ على مسكنه أو لأنه يمثّل عبئاً ثقيلاً على الآخرين سواء من حيث مطالب رعايته أو لما يُحدِثه من مضايقات أو لغير ذلك من أسباب. وعلى هذا ينبغي التساؤل دائماً عن البواعث وراء الرغبة في إيداع المسن بمكان غير بيئته. وعلى أية حال فإنه إذا ما توفرت الرعاية في المجتمع أمكن تجنب كثير من المخاطر.

أهداف الرعاية لكبار السن في المجتمع

تستهدف الرعاية في المجتمع تقديم أوجه الرعاية والخدمات المختلفة لكبار السن في بيئتهم ويمكن في هذا الصدد لكثير من الهيئات التطوعية الموجودة في المجتمع أن تسهم في تقديم هذه الخدمات.

كما يمكنها أن تضطلع بدور إيجابي في برامج الرعاية في المجتمع وأن تتحمل قدراً كبيراً من متطلباته وأعبائه. وتتضمن برامج الرعاية في المجتمع الكثير من البرامج والخدمات من بينها توفير العيادات الخارجية والمستشفيات النهارية والأخصائيين الاجتماعيين والهيئة التمريضية العاملين بالمجتمع والمراكز النهارية لكبار السن والمراكز المهنية للمسنين وخدمات خاصة بغسل الثياب ووجبات مطهية جاهزة وزائرون متطوعون وأندية لكبار السن.


شارك المقالة: