ما هو النسق الطبي الرسمي في علم الاجتماع الطبي؟
تتعرض المجتمعات للتحوّل الاجتماعي والثقافي بصورة متزايدة من حيث المدى والإيقاع والسرعة في المدة الراهنة، حتى تركت بصماتها المبينة على التخصص المهني، وتجزئة المهام في كافة المجالات الإنتاجية والخدمية، ففي مجال الخدمات الصحية نرى ازدياد هذا الاتجاه إلى التخصص الطبي المتقن والدقيق، والمهن الفنية التي تساهم له من تمريض وتحليل وتغذية وعلاج طبيعي.
ويتبع ذلك بصورة دائمة اتساع في الواجبات المهنية، وتصحيح في الارتباطات المهنية بين تلك التخصصات الدقيقة، ولعل مهنة التمريض مثال خاص يبيّن التحول الذي وقع فيها، إذ لم تعد من التأهيلات المرغوبة للمرضة هي، وإنما هي بالأحرى الاعتناء بالمريض، والإدراك بدورها اتجاه المريض وعائلته والمجتمع، الذي تعد جزءاً متخصصاً فيه.
اهتمام علم الاجتماع بدراسة المزاولة الطبية:
ومنذ بدأ علماء الاجتماع الاهتمام بدراسة المزاولة الطبية، انتشرت النظرة إليها باعتبارها ميكانيزما في النسق الاجتماعي للتناسب وتآلف مع المرض الذي يصيب أجزاءه، وتشمل هذه المزاولة سلسلة من الأدوار المنتظمة، التي تنفذ العلم الطبي على معيقات وصعوبات الصحة والمرض والسيطرة على المرض ذاته.
كما تجمع تخصصات كثيرة تشرف بتقديم الخدمات الصحية، كاختصاص الطب الدقيق، وطب الأسنان، والتمريض والخدمات المعاونة كالتحليلات والأشعة، إن دور المزاول الطبي يلتحق وينتسب إذن إلى مجموعة من الأدوار المهنية المختصة، وإلى الفئة الثانوية للمجموعة الكبرى من تلك الأدوار المهنية، وهي مهام متخصص وظيفياً، وخضعت للتكوّن النظامي، ولمتحولات الأسلوب، كالإنجاز والعمومية والاختصاص الوظيفي والحياد العاطفي.
وقد بدأ العالم تالكوت بارسونز، في دراسة التكوين الاجتماعي للمزاولة الطبية،عن طريق دراسته للنسق الاجتماعي عام 1951، حيث عمل دراسة لدور المزاول الطبي ذاته وتحليلاً لدور المريض، وفعالية كل منهما على الجوانب الأخرى للبناء الكلي للنسق الاجتماعي. وفي عام 1960 قام ويلسون جود بدراسة للمهن المختصة بما فيها الطب، غير أنه لخص في نهاية دراسته إلى أن بعض المهن كالخدمة الاجتماعية والتمريض على سبيل المثال، لا توجد فيها متطلبات ومقومات المهنة الحقيقية وصفاتها، وبالتالي فقد ألحقها في مجموعة المهن شبه المختصة.
ويسود الانسجام الآن بين أغلبية علماء الاجتماع على أهمية توافر سلسلة من المحكات في المهنة الطبية لفرزها في جماعة المهنة المختصة، مثل توفر هيكل من المعرفة الطبية المختصة، تنتقل إلى الأقسام الجدد من خلال المؤسسات الطبية.