يُقابل عِلم الأمراض الباثولوجي في الطّب عِلم المشكلات الاجتماعية أو عِلم العِلَل الاجتماعية في عِلم الاجتماع الذي يقوم بتشخيص الأمراض الاجتماعية الناجمة والناتجة عن التغيرات الاجتماعية التي تَحصل دائماً وبشكل مُستمر داخل المجتمع سواء أكان ذلك بتأثيرات خارجية أو بتأثيرات داخلية.
التأثيرات الداخلية والخارجية المُنتجة للمشكلات الاجتماعية:
التأثيرات الخارجية المُنتجة للمشكلات الاجتماعية: حرب، كَساد اقتصادي، حِصار اقتصادي أو جوّي أو ثقافة أو تَطوّر تِقَني أو تأثيرات داخلية مثل: ثورة، انقلاب سياسي أو عسكري، تحوّلات سُكّانية سريعة، ظهور موارد طبيعيّة جديدة.
أو نَقيض التغيّرات الاجتماعية مثل التَّكلّسات السياسية وبقائه على سِدّة الحُكم والانكفاء على الماضي سياسياً أو طائفياً مع تبديل وجوه النظام دون تطويره.
علم المشكلات الاجتماعية:
هذا التّخصّص يَحمل تسمية “علم ” لأنَّه يَدرس العِلَل الاجتماعية بعيداً عن مؤثراتها المحلية والمُحيطة بشكل مُتجرّد مثل الأقلّية الاجتماعية والأعراق والفساد الإداري والرّشوة والعَنف والوَهَن الاجتماعي “التفكُّك الاجتماعي” ويَضمّ هذا العلم بين جَنباته عِلم الإجرام وعلم النّفس الاجتماعي ويَرفِد ويُغذّي علم الاجتماع الحَضري والصِناعي وعلم السكان بتحليل علمي للمشكلات التي تظهر في حقول دراساتهم وذلك لأنَّ مواضيع الجنوح والانحراف والعنف والتّحيّز والتّعصّب العِرقي والقومي والطائفي والوَصم الاجتماعي وسِواها تُعَدّ من أمُّهات المواضيع التي يتناولها هذا العِلم العَتيد والفني في ذات الوقت.
وهوعتيد لأنَّ مواضيع اهتمامه من أقدم المواضيع التي تناولها علم الاجتماع لكنَّها لم تتّبلوّر على شكل علم أو تنسيق وتنظيم على صورة حقل خاص بالعِلل الاجتماعية، إنَّما ظهرت دعوة في الوقت الحاضر لهذه المواضيع بتسميتها علم المشكلات الاجتماعية.
وفي الوقت الرّاهِن تفاقمت المشكلات الاجتماعية كمّاً ونوعاً، الأمر الذي دَفع علماء الاجتماع أنْ يقوموا في دراساتهم لها كل حسب منطلقه. فضلاً عن وجود علاقة جَدلية متفاعلة بين التغيّر الاجتماعي والمشكلات الاجتماعية.
ولمَّا كان المجتمع الإنساني لا يعرف السكون والركود التام بل المؤقت والمرحلي فإنَّ أيَّ حالة تَغيّر في جزء من أجزائه أو معيار من معاييره أو قِيَمه أو نمط من أنماطه أو نسق من أنساقه فإنَّ ذلك التغيّر يَخلق مشكلات اجتماعية لبعض الناس الذين يَتمسّكون بما تمَّ إلغاؤه أو تبديله أو أنَّه يُمثّل جزءاً مِن وجودهم الاجتماعي. لذا نَجِدهم يتمسّكون به إنَّما لا يستمر هذا التدثّر والتمسّك بالماضي لأنَّ تيارات الحياة مُتعدّدة ومستمرة وفي حالة تَبدُّل دائم ولكنْ إذا تسارعت التغيّرات وتعدّدت مَناحيها فإنَّ عدد المشكلات وأنواعها تتفاقم تباعاً.
عِلما ًبأنَّ مساحات التَّبدّل تختلف من حالة إلى أخرى. وكلّما كانت مساحة التَّبدّل الاجتماعي واسعة اتَّسعت مساحة المشكلة بين الناس والعَكس صحيح. عندئذ تعمل هذه المشكلات المُستجدة والمتنوعة والمتعدّدة إلى دفع الناس لأن يتغيروا مُجبَرين لا مُخيَّرين وإذا تَصلّبوا وامتنعوا عن ذلك فإنَّهم يتحوّلون إلى ضحايا التغيّر، وإذا قَلّت أعداد المشكلات فإنَّ ذلك يُعَدّ مؤشراً على تباطؤ سرعة تغيّره.
وإذا انعدمت المشكلات مؤقتاً فإنَّ ذلك يعني أنَّه مُستَقر مرحلياً لذا فإنَّ الفَصل بين التغيّر الاجتماعي والمشكلات الاجتماعية أَمر غير وارد وغير واقعي لأنَّهما مُتلازمان دوماً وهذه الحالة تُشبِه تَقدّم عمر الإنسان؛ إذ كلّما تَقدّم عمره تزداد مشكلاته الذَّاتيّة والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
إنَّما في بداية مراحل تطوّر ونمو المجتمع يكون التغيّر مُسبّباً للمشكلات، وكلّما تقدّم المجتمع في نموّه وتطوّره تفاقمت مشكلاته وباتَ هذا التقدّم عاملاً إضافياً إلى عوامل التغيّر الاجتماعي. أي أنَّه كان في البداية نتيجة التغيّر ثمَّ يتحوّل فيما بعد إلى سَبب ونتيجة في نفس الوقت.