المشاركة من المبادىء المَعمول بها في مهنة الخدمة الاجتماعية، والأخصائي الاجتماعي لا يحلّ مشاكل الأفراد بقدر ما يساعد هؤلاء الأفراد مساعدةً تُبنى على المشاركة في حلّ هذه المشكلات.
أهمية مبدأ المشاركة في الخدمة الاجتماعية
ويتّفق هذا المبدأ مع المبادىء الأخرى التي تعتمد عليها الخدمة الاجتماعية خاصة المُساعدة الذَّاتية وحق تقرير المصير، فالعميل وحدهُ هو صاحب الحقِّ في توجيهِ حياتهِ، وبالتَّالي لا بدّ أن يُسهم بدور فعّال في الخدمة ويتحمَّل النَّصيب الأكبر في المسؤولية، ولا يُلقََى العبء على الأخصائي فلا بُدّ من النشاط المُثمر بين الطرفين؛ لأنَّ مشاركة العميل في تشخيص حالتهِ والتعرّف على النواحي العِلاجيّة فيها يزيد من حِرصه على وضع العلاج المُقترح مَوضِع التطبيق.
كذلك الأمر حين يعمل الأخصائي الاجتماعي مع الجماعة، حيث يحرِص على مساعدة أعضائها ومساعدة الجماعة ككُلّ، وتنمية قدراتها الذاتيّة والاعتماد على موارد الجماعة لإشباع احتياجاتها، فالجماعة السَّويّة في مجال خدمة الجماعة هي التي تُشارك مُشاركة هامَّة ونشيطة في تسيير شؤونها واتّخاذ القرارات الصحيحة المُتعلّقة بحياتها وحياة أفرادها.
ويعتبر مبدأ المشاركة كذلك من المبادئ الأساسية والهامَّة في الممارسة العلميَّة لطريقة تنظيم المجتمع بل إنَّ نجاح الطريقة يتوقَّف على مدى مشاركة السكان في إنجاز الخطوات المُتعلّقة بها؛ إذ إنَّ السكان في أي مجتمع هم أكثر حساسيةً من غيرهم لما يَصلُح لمجتمعهم، وما لا يصلُح لهُ، بالإضافةِ إلى أنَّ اشتراك المواطنين في حلّ مشاكل مجتمعهم يساهم بشكل كُلّي على تحمّل المسؤوليات تدريجيّاً، وعدم الاعتماد كليّاً على المصادر الخارجية.
بناء جسور التفاعل وتحقيق التغيير الإيجابي
يُعَدُّ مبدأ المشاركة أحد الأسس الأساسية في مجال الخدمة الاجتماعية، حيث يعزز هذا المبدأ التفاعل الفعّال بين مقدمي الخدمة والمستفيدين بهدف تحسين الحياة الاجتماعية والنفسية للفرد والمجتمع بشكل عام. ينبثق هذا المبدأ من المفهوم الأساسي للتعاون والشراكة، حيث يُشجع على إشراك جميع الفاعلين في عملية اتخاذ القرار وتنفيذ الخدمات.
المشاركة كأساس للتمكين: يركز مبدأ المشاركة في الخدمة الاجتماعية على تمكين الأفراد والمجتمعات. يعتبر الفرد والمجتمع شريكين فاعلين في عملية التخطيط والتنفيذ. عندما يشارك الأفراد في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم ومصيرهم، يزداد شعورهم بالاستقلال والمسؤولية.
تطوير برامج شاملة: يُعَزِّز مبدأ المشاركة تطوير برامج الخدمة الاجتماعية بشكل شامل. يُدْرَج المستفيدون كشركاء في عملية وضع الأهداف وتقييم النتائج، مما يساعد في تحديد الاحتياجات الفعلية وتوجيه الجهود نحو تلبيتها.
تفعيل الأصوات غير المسموعة: يُعتَبَر مبدأ المشاركة وسيلة لتفعيل الأصوات غير المسموعة. يمكن للفئات الهشة والمهمشة أحياناً أن تجد في المشاركة والتواصل الفعّال وسيلة للتعبير عن احتياجاتها ومطالبها.
التركيز على الاستدامة: يُعزِّز مبدأ المشاركة الاستدامة في تقديم الخدمات الاجتماعية. عندما يكون المجتمع شريكًا فعّالًا في عمليات التخطيط والتنفيذ، يزداد التزامه بالحفاظ على البرامج وتطويرها على المدى الطويل.
تعزيز التفاعل الاجتماعي: يسهم مبدأ المشاركة في تعزيز التفاعل الاجتماعي وبناء الروابط القائمة على الثقة بين مقدمي الخدمة والمستفيدين. يتيح هذا التواصل الفعّال بفهم أعمق للاحتياجات والتحديات التي قد يواجهها الأفراد.
التحول نحو نموذج الشراكة: يمثل مبدأ المشاركة تحولًا نحو نموذج الشراكة في مجال الخدمة الاجتماعية. لا يكون الفاعلون الاجتماعيون مقدمين للخدمات فقط، بل يصبحون شركاء يساهمون بفاعلية في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات.
في نهاية المطاف، يُعَدُّ مبدأ المشاركة في الخدمة الاجتماعية أداة فعّالة لتعزيز التفاعل الإيجابي وتحقيق التغيير الشامل. يمكن أن يُشكِّل هذا المبدأ جسرًا قويًا يجمع بين مقدمي الخدمة والمستفيدين في مسار بناء المجتمع وتحسين جودة الحياة.