أحداث حادثة 31 مارس:
ناشدت جمعية الاتحاد والترقي (CUP) محمود شيفكيت باشا، قائد الجيش العثماني الثالث المتمركز في سالونيك (تسالونيكي الحديثة) لقمع الانتفاضة، بدعم من قائد الجيش العثماني الثاني في أدرنة، قام محمود شيفكت بدّمج الجيوش لإنشاء قوة ضاربة اسمها (Hareket Ordusu) (“جيش العمل”).
بلغ عدد جيش العمل من (20.000) إلى (25.000) جندي عثماني، وشاركوا في أحداث عُرفت باسم حادثة (31) مارس بهدف إنهاء الانقلاب، تتألف الفرقة الحادية عشرة الاحتياطية (الرديف) المُتمركزة في سالونيك من الحرس المتقدم لجيش العمل وكان رئيس الأركان مصطفى كمال باشا.
انضم إلى جيش العمل (15000) متطوع بما في ذلك (4000) بلغاري و (2000) يوناني و (700) يهودي، إضافة إلى هذه الأرقام كان الألبان الذين دعموا جيش العمل مع سيرسيز توبولي وباجرام كوري جلبوا (8000) رجل ألباني والرائد أحمد نيازي باي مع (1800) رجل من ريسن.
في وقت قصير، عاد أعضاء جمعية الاتحاد والترقي (CUP) فتحي أوكيار وحافظ حقي وإنفر بك من مناصبهم الدوليّة في السفارات العثمانيّة، وانضموا إلى محمود شيفكت كطاقم عسكري قبل وصوله إلى اسطنبول، سافر الجنود بالقطار إلى تشاتالجا، ثمّ هاديمكوي ووصلوا لاحقًا إلى أياستيفانوس (يشيلكوي الحديثة) الواقعة على حافة أسطنبول.
تمّ إرسال وفد إلى مقر الجيش من قبل البرلمان العثماني بهدف منعه من الاستيلاء على أسطنبول بالقوة، حاصر جيش العمل القسطنطينيّة في (17) أبريل (1909)، بقي السلطان عبد الحميد في يلدز وعقد مؤتمرات مُتكررة مع الصدر الأعظم توفيق باشا الذي أعلن: جلالة السلطان ينتظر بإحسان وصول ما يسمّى بالجيش الدستوري، استمرت المفاوضات لمدة ستة أيام، وكان المفاوضون هم الأدميرال عارف حكمت باشا، وإيمانويل كاراسو أفندي (قراصو)، وإساد باشا توبتاني وآرام أفندي والعقيد غالب باي (باسينر).
أخيرًا، في الوقت الذي ظهر فيه الصراع علامات على الامتداد للجمهور، دخلت قوات سالونيكان اسطنبول في (24) أبريل، بدأ احتلال جيش العمل لإسطنبول في الصباح الباكر من خلال العمليات العسكريّة التي قادها الألباني علي باشا كولونيا والتي استعادت المدينة دون مقاومة تذكر من المتمردين.
قدمت ثكنات تاكيشلا وتقسيم مقاومة شديدة وبحلول الساعة الرابعة بعد الظهر استسلم المتمردون المتبقون هاجمت القوات المقدونية ثكنتي تقسيم وتشكيشلا، كان هناك قتال عنيف في الشوارع في الحي الأوروبي حيث كانت بيوت الحراسة تحت سيطرة الفيلق الأول للجيش.
كانت هناك نيران كثيفة من القوات في ثكنات تاشكيشلا ضد القوات المتقدمة، وكان لا بد من قصف الثكنات وكاد تدميرها بالمدفعيّة الموجودة على مرتفعات فوق الثكنات قبل أنّ تستسلم الحامية بعد عدة ساعات من القتال وخسائر فادحة.
بنفس القدر من اليأس كان الدفاع عن ثكنات تقسيم، قاد الهجوم على ثكنة تقسيم إنور بك بعد معركة قصيرة سيطروا على القصر في (27) أبريل، هجر معظم مستشاريه السلطان عبد الحميد الثاني، وناقش البرلمان مسألة ما إذا كان سيسمح له بالبقاء على العرش أو الإطاحة به أو حتى الإعدام.
اعتبر قتل السلطان عبد الحميد أمرًا غير حكيم لأن مثل هذه الخطوة قد تثير استجابة متعصبة وتغرق الإمبراطوريّة العثمانيّة في حرب أهليّة، من ناحية أّخرى، كان هناك من شعر أنّه بعد كل ما حدث من المستحيل أنّ يعمل البرلمان مرة أخرى مع السلطان عبد الحميد.
نتائج أحداث حادثة 31 مارس:
وعقد المجلس اجتماعا خلف أبواب مغلقة يوم (27) أبريل برئاسة سعيد باشا، من أجل إزاحة السلطان عبد الحميد، كانت هناك حاجة إلى فتوى، فتوى على شكل سؤال وأعطيت للعلماء للإجابة والتوقيع، تمّ جلب عالم باسم نوري أفندي لتوقيع الفتوى، في البداية، لم يكن نوري أفندي متأكداً ممّا إذا كانت ثلاث جرائم أثيرت في السؤال قد نفذها السلطان عبد الحميد، اقترح في البداية أنه من الأفضل مطالبة السلطان عبد الحميد بالاستقالة وتم الإصرار على توقيع نوري أفندي على الفتوى لكن نوري أفندي استمر في الرفض.
أخيرًا أقنعه مصطفى عاصم أفندي فوقع الفتوى بواسطته ثم وقعها شيخ الإسلام المعين حديثًا، محمد زياد الدين أفندي، ليشرعها وقد قُرئت الفتوى كاملة بالجواب على أعضاء المجلس: إذا عبث إمام المسلمين بالكتب المقدسة وأحرقها، إذا استولى على المال العام، إذا أقسم بعد قتل رعاياه بالسجن ونفيهم ظلما على تعديل طرقه ثم الحنث بنفسه، إذا تسبب في حرب أهلية وسفك دماء بين شعبه، إذا ثبت أن بلاده ستنال السلام بعزله وإذا اعتبر أصحاب السلطة أن هذا الإمام يجب أن يتنحى أو يُقال، هل من القانوني اعتماد أحد هذه البدائل، الجواب: (يجوز)، ثم صوت المجلس بالإجماع على خلع عبد الحميد.
لكن للأسف تمّ تجاهل الكثير من الحقائق، وهي عدم سفك السلطان عبد الحميد الدماء، وتسليم قصر يلدز، مع أنّه كان قادرًا على صدهم، وتمّ نهب القصر وأُصدرت فتوى مُرفقة بالعديد من التهم من أجل عزل السلطان وإجباره على مغادرة اسطنبول ونفيه إلى سالونيك، على الرغم من أنّه طلب البقاء في قصر جراغان، دون التدخل في شؤون الدولة، إلاّ أنّه تمّ رفض طلباته، ونُقل إلى محطة قطار سركيجي وتمّ عزله ونفيه.
كان خروج السلطان مؤلمًا، فقد كانت نهاية إمبرطوريّة وخلافة حكمت لمدة ستة قرون، فقد غادر السلطان عبد الحميد مع بناته الثلاث وولديه وأربع جوار، وتذكر المصادر التاريخيّة أنّ السلطان بكى وهو يغادر قصره في اسطنبول.