ما هي الأنثروبولوجيا الأدبية؟
يغطي مجال الأنثروبولوجيا الأدبية مجالين من مجالات الدراسة، الأول هو استكشاف الدور الذي يلعبه الأدب في الحياة الاجتماعية والتجربة الفردية، ولا سيما البيئات الاجتماعية والثقافية والتاريخية، وتشتمل هذه الدراسة على مسألة ماهية الأدب، ويمكن فهم الأنثروبولوجيا الأدبية على أنها استكشاف لأنواع مختلفة من أنواع التعبير، وكيف يمكن القول بأن هذه الأنواع لها خصوصية تاريخية، وتقييم ثقافي ومؤسسة اجتماعية مرتبطة بها، وقد يفحص عالم الأنثروبولوجيا الأدب باعتباره رواية شفهية وتبادلًا للأسطورة بين الصيادين وجامعي الثمار في القرن العشرين.
أو قد يكون التركيز على إنشاء الصحف اليومية المطبوعة في المجر وروابطها مع صعود القومية المجرية في القرن التاسع عشر، ثانياً الأنثروبولوجيا الأدبية هي دراسة لطبيعة الأنثروبولوجيا نفسها كنظام، فما هو الدور الذي تلعبه الكتابة في عمليات اكتساب المعرفة الأنثروبولوجية؟ وما هو تاريخ العلاقة بين الأنثروبولوجيا وأنواع معينة من الكتابة؟ وهل يجب أن يكون الدعاة سعداء بالمضي قدمًا في هذا التقليد التاريخي أم إنه من المناسب أن تعيد الأنثروبولوجيا الآن تصور نفسها من حيث أنواع مختلفة من التعبير المرئي والمسموع والحسي أو أنواع مختلفة من النوع الأدبي: خيالي أم الشعري أم الحواري؟
ويمكن ملاحظة أن هذين المجالين من الدراسة الأول النهج الأكثر تقليدية والثاني التحول الأدبي إلى طبيعة المعرفة والتمثيل ليسا منفصلين في السؤال عن أنواع التعبير التي يجب أن تتبناها للتعرف على موضوع البحث ونشر نتائج أبحاثه، وتدرس الأنثروبولوجيا أيضًا دور الأدب وأشكال التعبير الأخرى للقيام بعمل لفهمه في لحظات تاريخية وبنيوية وسياسية وشخصية معينة.
وهكذا كانت الأنثروبولوجيا الأدبية بؤرة الاهتمام الأنثروبولوجي المتزايد بالطريقة التي تلقي بها الضوء على كامل مجمع الحالة الاجتماعية للإنسان، بما في ذلك دور السرد في الوعي، وطبيعة الإبداع في الحياة الاجتماعية والثقافية والطريقة التي بها قد تنصف الأنثروبولوجيا إثبات ذاتية التجربة.
فروع الأنثروبولوجيا الأدبية:
ما هي الأنثروبولوجيا الأدبية؟ سؤال بسيط مخادع طرحه عالم الأنثروبولوجيا بول ستولر يطلق العنان للجدل حول الهوية المتصورة للمجال، ومن هذا المنظور تم تصور الأنثروبولوجيا الأدبية باعتبارها جذعًا مركزيًا له ثلاثة فروع، الأول هو استخدام النصوص الأدبية كمصدر أنثروبولوجي، خاصة لعلماء الأنثروبولوجيا التاريخيين، والثاني هو استخدام الأنماط الأدبية لكتابة الأنثروبولوجيا، وبدءً من دمج اللغة المجازية وتخريب الهياكل الإثنوغرافية التقليدية إلى إنتاج الرواية كأنثروبولوجيا، والثالث هو الفحص الأنثروبولوجي للممارسات الأدبية الثقافية والإنتاجية، ولم يتم استكشافها بشكل كافٍ في الأكاديمية حتى الآن.
علاقة الأدب والأنثروبولوجيا:
غالبًا ما يُفهم الأدب على إنه أحد أكثر رفقاء الأنثروبولوجيا تكرارًا واستفزازًا في الفكر، واتخذت العلاقة بين الاثنين عددًا من الأشكال المختلفة والمترابطة، ولعل أكثر هذه الأمور شيوعًا هو التنظير لوضع عالم الأنثروبولوجيا ككاتب، ويميل هذا العمل إلى أخذ إشاراته من بعض خيوط ما بعد الحداثة واستدعاء التقنيات الأدبية كأدوات يمكن من خلالها معالجة المخاوف المتعلقة بالتمثيل واستحضار التجربة الحية.
ويشمل مجال البحث الثاني المهم، والذي تم تجاهله في كثير من الأحيان دراسة الممارسات الأدبية الملموسة بما في ذلك القراءة والكتابة والأداء والمشاركة والاستماع، سواء عن طريق العمل الميداني الأنثروبولوجي أو الأنثروبولوجيا للتحليل النصي، وخلال القرن الماضي أثبت الأدب إنه أحد أكثر رفقاء الأنثروبولوجيا ثباتًا في الفكر، وتم إجراء محاولات منهجية للتفكير عبر الإصدارات المختلفة والآثار المترتبة على هذه العلاقة بتكرار أكبر، وفي أحد أفضل الأمثلة التي تم الاستشهاد بها، ما قام به (Vincent Debaene) بفهرسة بعض المصطلحات العديدة التي استخدمت لوصف العلاقة الحميمة التي تربط بينهما، لا سيما في منتصف القرن العشرين.
وهذه المصطلحات مثل التبادل والتداول والنفاذية، ولكن بدلاً من افتراض أن الأنثروبولوجيا والأدب مقولات جاهزة تدخل في أنواع مختلفة من المواجهات، تدعو إلى مزيد من الاهتمام بالاستخدامات العادية لكل كلمة في سياقات محددة من التشابك، ومما لا يثير الدهشة أن وجود الأدب في الأنثروبولوجيا لا يشغل فقط تضاريس متنوعة، ولكنه يميل أيضًا إلى الظهور في المنعطفات الحرجة في التفكير في نطاق الانضباط، وبالطبع ينطبق هذا أيضًا على الأنثروبولوجيا في الأدب فقد أشار الكثيرون إلى ممارسات العمل الميداني لكتاب عظماء مثل رامبو وبوشكين.
مقاومة التعريفات الشاملة للأنثروبولوجيا أو الأدب:
ومع ذلك فإن الاهتمام باستخدامات معينة يسمح بمقاومة التعريفات الشاملة للأنثروبولوجيا أو الأدب، مع تعقيد الافتراض بأن الأدب يمكن ببساطة امتصاصه أو حذفه من الأنثروبولوجيا، والهدف من هذا هو تسليط الضوء على بعض الطرق الخاصة جدًا التي تتشابك فيها الأنثروبولوجيا مع الأدب، ومع ذلك لا تزال تسعى إلى التعرف على نفسها على أنها أنثروبولوجيا، وهذا الاعتراف ليس مؤكدًا بأي حال من الأحوال، ويفكر المرء بشكل خاص في الروايات التي كتبها شخصيات مثل بول ستولر أو لورا بوهانون أو ريناتو روزالدو أو مايكل جاكسون.
والتي يُنازع على انتمائها إلى الأنثروبولوجيا بانتظام، حتى وإن لم يكن صريحًا دائمًا، على أنها خيال أو فولكلور، وبمقارنة هذه الكتابات العرضية لهذه الشخصيات الذين يتم ضمان الاعتراف بهم كعلماء أنثروبولوجيا من قبل جمهور مؤسسي ولكن يتم تلقي أعمالهم الأدبية في مجال أكثر تعقيدًا من الدلالات، ولهذا السبب علاوة على ذلك ربما يجب على العلماء مقاومة إغراء الإيمان ببساطة بالأنثروبولوجيا كأدب لأن هذا الانهيار ينطلق من الظلال الحقيقية للاختلاف التي تم الكشف عنها في هذه الاستخدامات.
وأن ما يميز الأدب والأنثروبولوجيا في نهاية المطاف هو مسألة تمييز تعريفي بين الحياة الحقيقية، فبعد مارك أوجي أن الكتاب وعلماء الأنثروبولوجيا يشتركون في نفس الأرض الخصبة للحقائق والأحداث، التي تعمل كمواد خام تعمل بها بشكل مختلف، وبالنسبة لهم توجد الحياة في حالة توتر بين الحقيقي الموجود أو الذي حدث والحقيقي ما يجب استعادته من الخداع، ومن وجهة النظر هذه تنتقل الأنثروبولوجيا والأدب إلى استعادة الحياة، أو إعادة إنشاء عالم للحياة.
ولكن التزام الأنثروبولوجيا بإخلاص معين للواقع أيضًا يمثل جانبًا سياسيًا وأخلاقيًا مهمًا للكتابة فيما يتعلق بالحياة، ولكن يبدو من المعقول تمامًا أن يكون العكس هو الحال أيضًا أن الأنثروبولوجيا تبتكر عوالم وشخصيات أو أن هذا قد يكون ما يبدو عليه الإخلاص للواقع، ويمكن القول إن هذا الصراع على الاعتراف باستخدامات معينة هو تعبيرات عما يهم الأنثروبولوجيا أو من أجلها.
وشخصية الأدب في الكتابة الأنثروبولوجية موضوع صريح للاهتمام الإثنوغرافي والإثنولوجي، وفي العمل الأدبي الذي يستلزمه إنتاج المعرفة الأنثروبولوجية كمعرفة، وأخيرًا كرفيق لعلماء الأنثروبولوجيا الذين تثري حياتهم أعمال أدبية معينة، وفي النهاية يثير هذا التمرين سلسلة من الأسئلة حول كيفية تخيل المرء لمجالات ممارسة المعرفة، والتي لا توجد إجابات سهلة عليها.