ما هي الحرف والصناعات في العهد الأموي؟

اقرأ في هذا المقال


الحرف والصناعات في العهد الأموي:

كانت الحرف والصناعات في العهد الأموي متأثرة بالبيئة الاقتصادية المحيطة فيها، كما أنها تأثرت أيضاً بطبيعة الاقتصاد الأموي؛ إذ كانت الزراعة هي النشاط الرئيسي في الدولة الأموية، وحينها تطورت الحرف والصناعات من المواد الخام التي كانت تُنتج من المواد الخام من الزراعات التي كانت تتم فيها، مثل النسيج والمطاحن وصناعة المعاصر، كما أن الصناعات كانت مواكبة إلى النشاط العمراني في  للدولة الأموية؛ وإذ ظهرت فيها صناعات المواد التي تُلزم للبناء.
كما أن الحرف والصناعات في الدولة الأموية كانت تتأثر في الجو العسكري السائد في معظم فتراتها؛ إذ تطورت صناعة السفن المختصة بالتجارة، كما أن بناء الأسطول الحربي كان من اهتمامات الدولة الأموية،؛ حتى تستطيع مواجهة الأسطول الحربي البيزنطي، إذ كان هذا الأسطول يهدد سلامة الشواطئ الغربية للدولة، فكان تطوّر صناعة السفن الحربية في العهد الأموي كبيراً ومتلاحقاً، ففي بداية العصر الأموي كانت الصناعات تقتصر على صناعة السفن، وكان بنائها في مصر حتى عام 49هـ.
وقام معاوية بن أبي سفيان بإعطاء الأمر لإنشاء دار لبناء السفن في الشام بمدينة عكا، وقد قام باستقدام الخُبراء بصناعة السفن من مصر؛ حتى يُستفاد منهم في صناعة السفن، وكانت تتميز بسهولة الحصول على الأخشاب لبنائها من اللبنان، ومن بعدها تطورت هذه الصناعات فتم إنشاء منطقة صناعية جديدة في مصر، وكانت خاصةً بصناعة السفن الحربية، وذلك في عام 54هـ.
واستمرت الدولة الأموية بتطوير صناعة السفن بعد عهد معاوية بن أبي سفيان، وأصبحت المناطق التي يتم فيها صناعة السفن مكاناً للجذب السُكاني، بالإضافة لجذب وتوطن الصناعات، فأصبحت هذه المناطق خصبةً بالصناعات الأخرى، وتم إنشاء الفنادق والمطاحن وأنشطةً أُخرى فيها، وممّا عمل على زيادة نمو وتطوّر الصناعة، وكانت هذه الفترة تتسم من بداية نشأتها بالدقة والتنظيم، ومن صور هذه الدقة هو وظيفة المشرف العام على دار الصناعة، كما يُطلق عليه مُسمَّى متولي الصناعة.

أبرز مهام المشرف العام في صناعة السفن في العهد الأموي:

  • جمع الطاقات البشرية الفنية التي تعمل في مجال صناعة السفن، ومنهم الحدادين والنجارين وعمال بناء وغيرهم، ويتم جمعهم من الأقاليم المجاورة للصناعة أو من مختلف الأقاليم في الدولة الأموية.
  •  توفير الأدوات الخام مثل الأخشاب والمسامير وما تحتاجه دار الصناعات.

من صور دقة التنظيم في صناعة السفن في العهد الأموي:

  • الاهتمام بالأجور التي تُعطى للعمال الذين يعملون في مجال صناعة السفن.
  • توفير الكميات الغذائية اللازمة للعمال الذين يعملون في مجال صناعة السفن.
  • توفير جميع سُبل الراحة للعاملين في مجال صناعة السفن.
  • توفير وحدات سكنية للعاملين والمشرفين بداخل دور الصناعة.
  • ووجود وحدات لتموين السفن الحربية بالسرعة والدقة المطلوبة.

كانت الدولة البيزنطية تتفوق على الدولة الأموية في ميادين البحر، فقام معاوية بن أبي سفيان باتخاذ الإجراءات المناسبة حتى تتفوق على الدولة البيزنطية والقضاء عليها، فكان هذا درساً عظيماً لقادة الأمم لمعرفة عوامل قوة العدو، بالإضافة لمعرفة جوانب تفوقه؛ حتى يتم الوصول على نقطة متساوية مع الدو ثم التفوق عليه، سواء كان هذا التفوق في الميادين العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو الإعلامية، وما نلاحظه القوة العسكرية الهائلية التي يمتلكها البيزنطيين.
فكان من واجب الأمة أن تحاول إيجاد حلول لتستطيع مقاومة أعدائها البيزنطيين، وكان يجب على مفكرين الأمة ألا يستسلمون لأي ضغوط سياسية أو نفسية أو إعلامية، التي يقوم باستخدامها البيزنطيون، كما أن عليهم توضيح أحكام الله في في امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وإمتلاك الأعداء للأسلحة الخطيرة والمدمرة جعلهم يتغطرسون ويعملون على إفساد العقيدة الإسلامية والثقافة والدين.
كما أنهم كانوا يقومون بالاستيلاء على خيرات الدولة الأموية والثروات التي يمتلكونها، ممّا كان عليهم توجب التصدي لهموإظهار كل ما يمتلكون من قوة، كما أنهم كان عليهم امتلاك الأسلحة التي يستطيعون بها ردع القوات البيزنطية؛ لحماية الأمة والدين، وقيامة العدل ودفع الظلم البشري.
ومن الصناعات التي اشتهرت بها الدولة الأموية صناعة السفن التجارية، ولم تكن السفن التي تستخدم للحرب تختلف عن السفن التجارية كثيراً، وكانت المناطق التي تُصنع فيها السفن مختلفة، فكانت منطقة البحرين تختص بصناعة السفن التجارية أكثر من غيرها، وكانت مصر وعكا وتونس تختص بصناعة السفن الحربية، وممّا ساعد البحرين على ذلك هو وقوعها على الخليج العربي.
وكان الخليج العربي من أهم طرق المواصلات التجارية البحرية بين الشرق والغرب، وكما أن الشعب البحريني اكتسب خبرة ملاحية؛ وذلك نتيجة لاحتكاكهم بالشعوب الهندية والصينية، ولم تقتصر فقط صناعة السفن التجارية على البحرين فقط، بل انتقلت هذه الصناعة إلى واسط  في العراق، وتطوّرت هذه الصناعة في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي كثيراً؛ فقد قام بإدخال الكثير من التعديلات والتحسينات على صناعة السفن.
ومن التحسينات التي قام بها الحجاج: تكبير حجم السفن، إدخال المسامير فيها لتقويتها، والاهتمام بهيكلها العظمي، وكانت السفن التي تُنتج في واسط تُسمَّى الواسطية، كما أن مدينة واسط كانت تنتج القوارب الصغيرة؛ للنزهات والسفر، ونقل السلع التجارية بين بين واسط والبصرة؛ لأن الطريق النهري بينهما ضيق ولا تستطيع السفن الكبيرة العبور منه.


شارك المقالة: