اقرأ في هذا المقال
- تأسيس الدولة الطولونية
- حياة الملك أحمد بن طولون
- أسماء الأمراء الطولونيين ومُدة أمارة كل منهم
- نهاية الدولة الطولونية
تأسيس الدولة الطولونية:
أسس الدولة الطولونية أحمد بن طولون، وهو من ملوك الأتراك ولد عام (214 هجري)/(829 ميلادي)، كان أبوه طولون قد أُهدي إلى الخليفة المأمون عام (200 هجري)/(816 ميلادي)، من قبل صاحب بخارى نوح بن أسد الساماني، وتوفي والده عام (230 هجري)/(845 ميلادي). نشأ أحمد نشأة دينية، فكان يعيب على الأتراك ما يرتكبونه من مذكرات، كثير الصدقات، كريماً عادلاً في الرعية.
حياة الملك أحمد بن طولون:
قضى أحمد بن طولون حياته السياسية والعسكرية الأولى في ثغر طرسوس، أهم الثغور الإسلامية على الإطلاق. وتعرَّف عن قرب على بلاد الشام. وربما كانت هذه الأيام الأولى من حياته دافعاً لتطلعاته المستقبلية وطموحه السياسي. ويبدو أنهُ تمتع منذ البداية، باحترام الأتراك في حاضرة الخلافة، كما حَظِيَ بتأييد الجند وقادتهم من أصدقاء أبيه، ونال ثقة الخليفة المتوكل الذي فوض إليه ما كان بيد أبيه بعد وفاته، كما حظي بثقة الخليفة المستعين.
تزوجت والدته بعد موت والده الأمير بايكباك التركي الذي نصبه الخليفة المعتز والياً على مصر في عام (254 هجري)/(868 ميلادي)، فأرسل أحمد ليتولى حُكمها بالنيابة عنه. ولم يكن له كامل الولاية، وإنما كان على الصلاة، وله الحاضرة المصرية الفسطاط. إلا أنهُ جاء إلى مصر حاملاً معهُ تطلعات سياسية واسعة.
وساندته الظروف السياسية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة في ربطه على مصر. فقد نتج أن قُتِل بايكباك في عام (256 هجري)/(870 ميلادي)، فأسندت ولاية مصر إلى بارجوخ الذي كانت تربطه بابن طولون علاقات طيبة ومصاهرة.
فعينه على ما بيده وزاد في سلطته بأن جعله خليفة على مصر كلها، إلا الخراج الذي ظلّ بسلطة عدوة أحمد ابن المدبر الذي اشتهر بسوء السيرة، مما قام ابن طولون إلى الطلب من الخليفة المهتدي بأن يقيله من خراج مصر ويوليه إياه. فاستجاب الخليفة لطلبه، كما ولاّه أمرة الثغور الشامية على أثر اضطراب أوضاعها.
ولما توفي بارجوخ في عام (259 هجري)/(873 ميلادي). أضحى ابن طولون حاكم مصر
الشرعي من قبل الخلافة مباشرة، فتولى مقاليد الأمور كُلها. ودانت له الإسكندرية وبرقة. وقدَّم له أمراء الكور الخضوع والطاعة. وبذلك جمع ابن طولون كافة أعمال مصر الإدارية والقضائية والعسكرية والمالية. وأضحى طليق اليدين حُرّ التصرف. ثم شرع في القيام بأعمال عمرانية تعبر عن مدى اهتمامه الشديد بهذا البلد، ومتطلعاً من خلالها إلى إقامة دولة خاصة به
منفصلة عن الخلافة؛ وأخذ يعمل جاداً للارتقاء بالفسطاط ليضاهي بها مركز الخلافة بغداد.
فأسس ضاحية جديدة لها عام (257 هجري)/(871 ميلادي)، في أقصى الشمال الشرقي، اشتملت على منازل وأسواق وحمامات ودواوين الحكومة، وأقطعها جنده. لذلك سُمّيت القطائع، وبنى فيها مسجده الذي عُرِفَ باسمه ولا يزال قائماً حتى اليوم، وأقام بجواره دار الإمارة، كما بنى مُستشفى لمعالجة المرضى وألحق بها صيدلية.
وحصن ابن طولون الجبهة الداخلية من خلال تطوير موارد الثروة، وزيادة الدخل إلى ضعفين في ميادين الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري، فقام بتصليحات فمنها قام بتصليح أقنية الري، وحفريات الجديد منها، كما عالج السدود الخربة ومنع ممارسات متعهدي الضرائب على الفلاحين، وحظر على الموظفين قبول الهدايا وأموال المساعدة، فتحسنت أوضاع مصر الزراعية، ونشطت التجارة، وازدادت الحركة الصناعية، ورفع الظلم عن الناس.
تجمّع لابن طولون نتيجة هذه الإصلاحات، أموال ضخمة أعانته في إنشاء جيش قوي يدّين له بالولاء ويُساعده في تحقيق مشروعاته والدفاع عنها. وهكذا أُتيحت لابن طولون الفرصة لإقامة دولة انفصالية في مصر، لكنه ظل مُرتبطاً بالخلافة ببعض المظاهر الشكلية وهي:
- الدعاء للخليفة فى الخطبة.
- نقش اسم الخليفة على النقود.
- إرسال جزء من الخراج إلى دار الخلافة.
أسماء الأمراء الطولونيين ومُدة أمارة كل منهم:
1- أحمد بن طولون (254 – 270 هجري)/(868 – 884 ميلادي).
2- خماروية بن أحمد (270 – 282 هجري)/(884 – 895 ميلادي).
3- أبو العساكر جيش بن خماروية (282 – 283 هجري)/(895 – 896 ميلادي).
4- هارون بن خماروية (283 – 292 هجري)/(896 – 904 ميلادي).
5- شيبان بن أحمد (292 هجري)/(905 ميلادي).
نهاية الدولة الطولونية:
توفي خمارويه في عام (282 هجري)/(896 ميلادي) مقتولاً على يد بعض غلمانه في
دمشق، فاضطربت بوفاته الدولة الطولونية، واستمرت بعد ذلك بالانحدار طيلة السنين العشر الأخيرة من عمرها، وذلك بسبب تدخل الجند، وتنافس الأمراء الطولونيين فيما بينهم. إذ لم يكد ينهض خلفه أبو العساكر جيش بن خمارويه بأعباء الحكم. حتى خلعه أخوه هارون قبل أن تنقضي تسعة أشهر على ولايته. وتبين بعد ذلك أن هذا الأخير لم يكن يصلُح للولاية والحكم.
وظهرت في ذلك الوقت، قوتان هددتا مصر من الشرق والغرب. إحداهما القوة القرمطية التي شرعت جيوشها تعيث فساداً في بلاد الشام، حتى استولت على جنوبه. والأخرى هي قوة العبيديين التي قامت في المغرب. ولم يكن هارون بقادر على مقاومة هاتين القوتين، وظهر عجزه في القضاء على القرامطة، وأضحى من المؤكد أن الطولونيين فقدوا عنصر القوة الذي كان يتمتع به أحمد بن طولون وابنه خمارويه، وأصبحوا ألعوبة في أيدي الجند. ولم يبق من
مُبرّر لبقاء دولتهم.
شعرت الخلافة العباسية إلى حالة من الضُعف الطولونيين، مما قام بجعلها إلى تجديد رغبتها في ارجاع بلاد الشام ومصر إلى حاكمها المباشر. فانتصر الخليفة المعتضد في خلع مناطق الثغور وبلاد الشام من الحكم الطولوني. وهاجم الخليفة المُكتفي مصر في عام (292 هجري)/(905 ميلادي)، ولم تقّوَ القوات الطولونية على الصمود أمام الجيش العباسي الذي دخل مدينة القطائع ودمرها، باستثناء الجامع، منهياً بذلك الحكم الطولوني. وعاد هذا البلد إلى حكم الخلافة المباشر.