ما هي معركة الزلاقة؟

اقرأ في هذا المقال


معركة الزلاقة:

في بداية القرن العاشر الميلادي شهدت شبه الجزيرة الإيبيرية معركة كبيرة والتي تعد أكبر معركة في العصور الوسطى، استطاع فيها قائد المرابطين يوسف بن تاشفين بالتعاون مع المعتمد بن عباد قائد الجيش الأندلسي “صاحب إشبيلية”، إلحاق هزيمة كبيرة بجيش قشتالة والذي كان يقوده ألفونسو السادس ملك قشتالة وليون.

بداية معركة الزلاقة:

سميت معركة الزلاقة بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة زلاقة وهو سهل يقع في الجزء الجنوبي لبلاد الأندلس ، وسمي بذلك نسبة لكثرة انزلاق المتحاربين على أرض المعركة، بسبب كثرة القتلى وكثرة الدماء التي أريقت في ذلك اليوم وملأت أرض المعركة .

حكم خلفاء بني أمية الأندلس في القرن العاشر ميلادي، وشهدت وقتها قمة التقدم الحضاري والسياسي في البلاد، ففي عهد المنصور بن أبي عامر أصبحت قرطبة عروس الغرب، عند موت المنصور ومن بعده ابنه عبد الملك بدأ القرطبييون بالثورة ضد الحكم

بدأت سلسلة هدم وتفتيت هذه الحضارة العظيمة وتمزقت الدولة تمزقاً يدمي القلب، واضمحلت الأندلس وتناثرت اشلائها، ففي كل ناحيه من نواحي الأندلس، قامت دويلات وممالك ضعيفة، اتخذ أصحابها ألقاب الخلافة ورسوم الممالك، دون أن يكون لهم حكم وسلطة قوية حتى أصبحت مطمعاً للملك ألفونسو السادس أمير عرش قشتالة آنذاك.

توحد وقتها جيش الأندلس ليصبح جيشاً كبيراً لا يهزم يقوده يوسف ابن تاشفين والذي سار بهم حتى وصل سهل الزلاقة، وسار إليه ألفونسو السادس بجيش كبير احتشد من أرجاء أوروبا، فقام كاتب لأمراء النصرانية بالكتابة إلى باقي أنحاء إسبانيا وجنوب فرنسا يدعوهم لمساعدته.

قدم إلى كتائب بطليوس في جيش كثيف، يقال أنه حين نظر إليه همس قائلاً: “بهؤلاء أقاتل الجن والإنس وملائكة السماء”. إعداد جيوش الطرفين كانت كبيرة جداً، لكن جميع آراء المؤرخين اتفقت على تفوق جيش ألفونسو السادس في عدده وعدته، وكانت كل الظروف في صالحه.

قام الرهبان ورجال الدين المشاركة في الحرب ودعم الجيوش، حاول ألفونسو خديعة المسلمين، فكتب إليهم يوم الخميس يخبرهم ان تكون المعركة يوم الاثنين، لأنّ الجمعة هو يوم المسلمين والسبت يوم اليهود والأحد يوم النصارى، أدرك ابن عباد أنّ ذلك خدعة، فاتخذ المسلمون الحذر، وبات الجيش على أهبة الاستعداد، فلما كان صباح الجمعة بدأت المعركة، زحف الفونسو بجيشه نحو المسلمين، ودارت معركة حامية، ازدادت قوتها، وتحمل جنود الأندلس الصدمة الأولى.

أظهر ابن عباد بطولة رائعة لكنه جرح في أرض المعركة، واختل جيش المسلمين، واهتزت صفوفهم، وكادت تحيق به الهزيمة، وعندئذ دفع ابن تاشفين بجيوشه إلى أتون المعركة، ثم حمل بنفسه بالجيوش الاحتياطية إلى المعسكر القشتالي فهاجمه بشدة، ثم اتجه نحو مؤخرته فأثخن فيه وأشعل النار، وهو على فرسه يرغب في الاستشهاد في سبيل الله وإعلاء راية الإسلام.

ما أن حل الغروب حتى اضطر الملك القشتالي، وقد أصيب في المعركة، إلى الانسحاب حفاظاً على حياته وحياة ما تبقى من جنوده، وتم مطاردة الفارون في كل مكان حتى دخل الظلام، فأمر ابن تاشفين بالتوقف، لتكون بذلك استمرت المعركة يوماً واحداً فقط.

أسباب المعركة ونتائجها:

وقع حكام جميع الولايات والممالك والأديان تحت حكم ألفونسو السادس وأجبرهم بدفع الجزية له، وانتهت هذه الحالة بسقوط طليطلة على يده عام 1085 ميلادي، أي قبل عام واحد من وقوع معركة الزلاقة. فقام أهل الأندلس وأمرائها بإرسال سفارات ورسائل استنجاد للأمير يوسف بن تاشفين تطلب منه الغوث والنصرة وذلك بعد تردي أحوال الأندلس، حيث أصبحوا يعانون من الفقر والظلم الكبير، فاستجاب لهم الأمير بن تاشفين وعبر البحر بجيش المرابطين، لنصرة مسلمي الأندلس المستغيثين.

بعد أن دحر ابن تاشفين جيوش الفونسو السادس ، وكان بالإمكان أنّ يقوم بأكثر ممّا قام، ثم عادت الحياة إلى طبيعتها وكأن شيء لم يكن، بالرغم من أنه كان بإمكان جيوش المسلمين استغلال الانتصار الساحق في معركة الزلاقة ، وتوحيد أوروبا كلها تحت الدين الإسلامي.

ولكن رغبة ابن تاشفين التي استغربها معظم المؤرخين حالت دون ذلك، ممّا جعل ألفونسو السادس يعود أدراجه ويستجمع قواه، إنّ ما حدث فعلاً هو عودة المرابطين إلى أفريقيا، وعودة الأمراء إلى الأندلس وأعادوا الصراع في ما بينهم كمان كانت قبيل الحرب سبب في تفكك الأندلس.


شارك المقالة: