منظور الجرائم النسوي

اقرأ في هذا المقال


بالنسبة لكثير من الناس فإنّ الطريق إلى الجريمة معقد وهذه الصورة بالنسبة للنساء لا تختلف، وتميل النساء إلى أن يكون لديهن أنماط مشتركة مع الرجال ولكن هناك الآن ثروة من العوامل الخاصة بالنوع الاجتماعي الموثقة والمتعلقة بمشاركة المرأة في الجريمة وفي نظام العدالة الجنائية، فظهرت العديد من الدراسات النسوية التي ساعدت في فهم التورط النسوي الإجرامي.

ما هو منظور المسارات المرتبط بالجريمة النسوية

ساعدت الدراسات النسوية في تفصيل كيفية تجاهل دور المرأة في المجتمع تقليديًا داخل نظام العدالة الجنائية وساعدت في تقديم تفسيرات للإساءة من الإناث، وّيوثق البحث الحالي كيف أنّ تعقيد وسياق حياة الأنثى غالبًا ما يكونان السبب الجذري لتورطها في الإجرام وفي نظام العدالة الجنائية، باختصار تتمتع النساء بتاريخ أكبر بكثير من الصدمات والإدمان وصعوبات العلاقة وسوء المعاملة والتهميش الاقتصادي مقارنة بنظرائهن من الرجال، ويعرض نوع من منظور مسار الحياة يسمى منظور المسارات وحاليًا أفضل طريقة لفهم مشاركة المرأة في الإجرام وفي نظام العدالة الجنائية.

يؤكد منظور المسارات النسوية على الجريمة على المخاطر الفريدة التي تواجهها الفتيات والنساء كمساهمات في دخولهن أو تصعيد الجرائم الجانحة والجنائية، فحاول الباحثون فحص مسارات النساء للجريمة باستخدام المنهجيات الكمية والنوعية، وأخذ عينات من النساء المنخرطات في النظام القانوني الجنائي في بيئات متنوعة، والتوصل إلى نتائج حول مسارات الجرائم الجنائية والآليات المرتبطة بها وتصنيفات المجرمين الناتجة، ومع ذلك لا يوجد حتى الآن أي توضيح نهائي لمسارات النساء إلى الإساءة والنتائج الموجودة يصعب إلى حد ما التنقل فيها لأغراض عملية.

الجريمة النسوية وإساءة معاملة

تعاني الفتيات والنساء من معدلات الإيذاء والاعتداء (الجنسي والجسدي والعاطفي) بمستويات أعلى بكثير من نظرائهن من الرجال، وأظهرت أحدث دراسة استقصائية لسكان الإصلاحيات الوطنية (بما في ذلك النزلاء والمراقبين) على سبيل المثال أنّ أكثر من نصف السجينات في أي وقت مضى تعرضن للإيذاء الجسدي أو الجنسي مقارنة بأقل من 1 من كل 5 من النزلاء الذكور، وعلاوة على ذلك تحدث إساءة معاملة الإناث بمعدلات غير متناسبة قبل وبعد بلوغهن سن الرشد القانوني.

بعبارة أخرى من المرجح أن تتعرض الإناث لإساءة المعاملة سواء كانت فتيات أو نساء، وتدعم الأبحاث الحالية وجود صلة بين إيذاء الأطفال والبالغين وإجرام الإناث والنساء في نظام العدالة الجنائية لديهن مستويات أعلى من سوء المعاملة من عامة السكان الإناث، ويؤكد منظرو الصدمات أنّ الأحداث السابقة المسيئة غالبًا ما تكون تراكمية وتؤدي إلى صدمة نادرًا ما يتم علاجها بأي طريقة مهنية، وهكذا تتكيف المرأة مع الصدمة بطرق تعتبر إجرامية، لا سيما من خلال تعاطي المخدرات وغيرها من المواد والجرائم المصممة لدعم هذا الإدمان.

النساء أكثر عرضة من الرجال على المستوى الإجمالي للسجن أو تحت إشراف إصلاحي لجرائم المخدرات والممتلكات، فأظهرت دراسة استقصائية وطنية أخرى للأفراد المسجونين أنّه في عام 2006 حُكم على 28.7٪ من النساء بجريمة مخدرات وحُكم على 30.9٪ بجريمة ملكية مقارنة بالمعدلات المقابلة البالغة 18.9٪ و 20.1٪ للرجال، حيث إنّ تورط الجاني في تعاطي المخدرات والمواد الأخرى متعدد الأوجه وغالبًا ما تكون جرائم الملكية مرتبطة بالمخدرات.

يُظهر البحث الحالي أنّ عوامل مثل الصدمة وسوء المعاملة وأدوار المرأة الخاضعة في المجتمع والمشاكل الصحية وضعف الصورة الذاتية والكفاءة الذاتية وصعوبات العلاقات، وغالبًا ما ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتعاطي المخدرات وتتعلق بالإساءة للإناث، ويفترض منظرو الإدمان أنّه يمكننا بالفعل تقليل مستويات إساءات الإناث إذا عالجنا العوامل الخاصة بالجنس والتي تؤدي إلى الإدمان والجرائم المتعلقة بالمخدرات.

عوامل الخطر في الجريمة النسوية

ركز باحثون آخرون على الاختلافات في العلاقات الخاصة بالمرأة والتفاعل مع التنمية الفردية والاجتماعية، فبسبب عمليات التنشئة الاجتماعية التفاضلية تنضج الفتيات في مرحلة البلوغ بشكل مختلف عن الأولاد، ويفعلون ذلك بطرق تضعهم في أوضاع ضعيفة وغير مواتية نسبيًا، كما إنّ التاريخ السائد للإساءة للفتيات يجعلهن عرضة لمستويات منخفضة من تقدير الذات والتمكين وتقلص القدرة على إقامة علاقات ذات مغزى.

إنّ الدور الذي يلعبه النظام الأبوي في التنشئة الاجتماعية لتوقعات النساء ومسؤولياتهن مفيد لفهم الضغوط الخاصة بالجنس والتي تجعل الفتيات والنساء عرضة للجريمة وتعاطي المخدرات، وعلاوة على ذلك فمن المرجح أن تقوم النساء بتربية الأطفال المعالين بمفردهم أكثر من الرجال، وهذا إلى جانب الصعوبات التي يواجهونها في العلاقات يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث حلقة من الخلل الوظيفي.

تفسير منظور المسارات في التورط الإجرامي

يُعد منظور المسارات تفسيرًا نظريًا قويًا بشكل خاص لتورط الإناث في الجريمة، ويتخذ هذا المنظور النظري موقفًا أكثر شمولية تجاه تورط المرأة في الجريمة من خلال دمج جميع عوامل الخطر المرتبطة بالجنس والتي يُعتقد أنّها تساهم في إجرام الإناث، وعندما يتم وضع سياق المشاركة الاجتماعية للإناث بشكل مباشر في سياق المجتمع الأبوي فإنّ المجتمع الذي يحد من مشاركة الإناث بطرق ذات مغزى ويصف الإناث بالسيئات عندما لا يتبعن القواعد المتعلقة بالجنس وشفافية مشاكل حياتهن و التقاطع مع الجريمة ملحوظ.

يُعلمنا منظور مسارات الحياة أنّ الفتيات والنساء في نظام العدالة الجنائية يعانين من معدلات إيذاء أعلى من الفتيان والرجال في أسرهم الأصلية وداخل علاقاتهم الحميمة، ومن المرجح أكثر من الرجال أن يتعاطوا أنفسهم بمواد قانونية وغير قانونية، وأن يكون لديهم تاريخ عائلي مجزأ ويعانون من مشاكل صحية جسدية أو عقلية، وأن يكونوا أمهات غير متزوجات ولديهن أطفال قاصرون، ولديها مهارات مهنية محدودة وتاريخ عمل متقطع، وهذه العوامل بشكل فردي أو في كثير من الأحيان في وقت واحد تجتمع معًا بطرق تؤثر بشكل إيجابي على إساءات النساء وتورطهن في نظام العدالة الجنائية.

تزيد هذه العوامل من احتمالية ارتكاب المخالفة والتورط في العدالة الجنائية للنساء لا سيما النساء ذوات البشرة الملونة وذوات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، وتشكل التنشئة الاجتماعية للفتيات والنساء الفرص المتاحة (المتصورة أو غير ذلك) للنساء اللائي يجدن أنفسهن على هامش المجتمع، وغالبًا ما تقود هذه الاختيارات المحدودة الإناث أولاً كفتيات وبعد ذلك كنساء إلى التشرد وتعاطي المخدرات وجرائم البقاء والعلاقات غير الصحية والمسيئة في كثير من الأحيان والجرائم الجنائية الأكثر خطورة.

يعمل النوع الاجتماعي بطرق قوية جدًا ولكنها غالبًا ما تكون غير ملحوظة، فحياة الفتيات والنساء محدودة وتتشكل بفعل الظروف التي تقلل من قيمتهن مقارنة بنظرائهن من الرجال، وعلى الرغم من أننا أكثر وعياً ببعض هذه النتائج مثل انخفاض الأجر عن عمل مماثل إلّا أنّ الطريقة التي تدخل بها الفتيات والنساء في نظام العدالة الجنائية ظلت للأسف غير مرئية لفترة طويلة جدًا.

كما لوحظ أنّه لا يتم ادعاء أنّ الباحثين النسويين لا يرغبون في الإيحاء بأنّ التاريخ السائد للإساءة والمواقف الضعيفة داخل المجتمعات الأبوية يترك النساء دون أي شعور بالوكالة، بل بدلاً من ذلك فإن النقطة المهمة هي أنّ الإناث اللواتي يجدن أنفسهن ممثلات على أنّهن مجرمات وغيرهن من المشاركين في العدالة الجنائية أكثر عرضة من غيرهم في عموم السكان.


شارك المقالة: