مستويات التحليل لدراسة المجتمعات في علم الاجتماع:
من منظور سوسيولوجي، يمكن أن نتصور فئات متنوعة لدراسة المجتمعات، والتفسير السوسيولوجي يستند على العموم وبصورة غالباً هي ضمنية إلى العديد منها، إذ إن أحد المعاني التي يعطيها عالم الاجتماع لكلمة تفسير هو بالتحديد إعطاء كل مستوى مكانته، مما يعني أنه انطلاقاً من أحد هذه المستويات يجري تفسير ما يحدث ويلاحظ بالنسبة لمستوى آخر، فالتوافق الحالي المنبثق من هذا العلم هو التمييز بين ثلاثة مستويات هي الصغير والمتوسط والكبير.
تعود كل من هذه المستويات إلى ملاحظات معينة هي الممارسات الفردية على المستوى الصغير، والتنظيمات والمؤسسات وجماعات ذات استمرارية معينة على المستوى المتوسط، والمجتمعات يمكن تسميتها والأشخاص بأسمائهم، والمؤسسات بمبررها الاجتماعي، والمجتمعات ببلدانها، تترابط في كل مستوى، وبصورة تفضيلية ولكن ليست قطعية، صياغات مفهومية نظرية من الممكن أن تطرح من أجل فهم طبيعتها، ظواهر اجتماعية، على مستوى المجتمعات الكلية، وأنظمة التفاعل على المستوى المتوسط، وأفراد قصديّون على المستوى الصغير.
أبحاث الطبقات الاجتماعية:
بدأت تظهر أبحاث تضع الطبقات الاجتماعية من الناحية المفهومية على المستوى المتوسط، ولكن التضاد بين المستوى الصغير والمستوى الكبير يظل أساسياً في هذا المجال، وفي مسعى ناتج عن فردية طرائقية مثلاً، وهي مدرسة يشكل ريمون بوردون، أحد الممثلين لها والأكثر شهرة، والذي يضع لنفسه برنامجاً هو عدم التوقف عن البحث قبل أن يتمكن من إعادة بناء كل العناصر التي تسمح بنسب كل شيء إلى مستوى الأفعال الفردية الأولية أي المستوى الصغير، إن الطبقات لا يمكنها أن تكون أي شيء سوى فئة اصطلاحية خاصة بالباحث، فهو يختار أن يعني بهذا التعبير تجمعات أفراد واسعة نسبياً تتوافر فيها بعض الخصائص.
يظهر فوساير أن الطبقة تعني بالنسبة له شيئاً مختلفاً على المستوى الكبير، إن الطبقة الاجتماعية متواجودة كطبقة، إذا كان عدد الأفراد فيها بشكل كافي، لكي يتم جعلها مجردة غير شخصية، وبصورة ما أوتوماتيكية ومستقلة عن الخصوصيات الفردية لهؤلاء الذين يكونونها فإذا كان التقسيم الاجتماعي للعمل يخطط للتخصص، ومع ذلك يبقى عدد الأفراد الذين يخصصهم قليلاً، بحيث إن العلاقات الشخصية تتفوق على منطق العلاقات الاجتماعية اللاشخصية، فإن الطبقة التي يعلنون عنها لا يمكن تمييزها بعدن فإذا سرنا في هذا التحليل، ما ينتج عنه هو أنه لا يمكن الخلط أبداً بين الطبقة الاجتماعية وبين الجماعة الاجتماعية المكونة تجريبياً.
والطبقة بالنسبة إلى كل من الجماعات المحسوسة، هي تجريد يظهر أنه متعال على هذه الجماعات، ولكنه تجريد فعلي بقدر ما إن تحديدات وتعارضات الطبقة هي في الواقع فاعلة في المجتمع، من هذا المنظور لا يمكننا ولا يحق لنا اختزال الطبقات الاجتماعية بمجاميع من الأفراد، إن الطبقات موجودة ومستقلة عن الأفراد المحسوسين الذين من المحتمل أن ننسبهم إليها.