معركة الجمل:
في محاولة لتجنب الاقتتال الداخلي، اختار علي بن أبي طالب الطريق الدبلوماسي لتسوية الأمر سلميا، اجتمع الطرفان وهم علي بن أبي طالب من جهة ومن جهة أُخرى طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، برفقة جيوشهما، في البصرة بالعراق، أصبحت المفاوضات غير مجدية حيث لم يكن أي من الجانبين على استعداد للتراجع عن مطالبهما، لكن ومع ذلك استمروا بالاتفاق السلمي، وانتظروا لليوم الذي بعده للتشاور بينهم.
في اليوم التالي قدم القعقاع بن عمرو ورأى عائشة بنت أبي طالب وقال لها ما حملك على هذا البلد؟ فقالت “أي بني الإصلاح بين الناس”، فسعى القعقاع بن عمرو من أجل إتمام الصلح ونجح بذلك وكف الفريقين عن قتال بعضهما والتشاور في أمر قتلة عثمان حيث عزم علي أن لا يرتحل أحد معه في اليوم التالي من قتلة عثمان.
بعد اتفاق علي وطلحة والزبير على إنهاء أمر قتلة عثمان، شعر قتلة عثمان بالخطر وقرروا أن ينشروا الفتنة لكي ينقذوا أنفسهم وبالفعل كانت هذه الليلة ليلة خير للمسلمين أجمع وكانت ليلة شر لقتلة عثمان، واجتمع قتلة عثمان قبل طلوع الفجر وكان عددهم حوال ال(2000)رجل، وقاموا بإعداد خطتهم الرذيلة، حيث قاموا بحمل سيوفهم وبدووا بقتال جماعة الزبير وطلحة ونشبت المعركة ونجحت خطة الخوارج التي خططوا لها.
كان الجانبين مجروحين ومهزومين من الداخل لأنّهم يقاتلون أخوتهم بالدين والإيمان، وكان كل شخص بالمعركة خائفًا بما سيحل به يوم القيامة بسبب قتاله لأخيه، بعد نهاية المعركة وفوز علي بن أبي طالب، اعتزل الناس وجلس لوحده وداخله محترق لأنه أراق دماء أخوته، كان علي يكرر قوله لابنه “يا حسن لو وددت لو قتلت قبل هذا بعشرين حجة أو سنة.
معركة صفين:
تحطم تحالف المعارضة بعد هزيمتهم بالقرب من البصرة، لكن معاوية ظل شوكة في طريق علي، استخدم الحاكم السوري بشكل فعال مشاعر الناس فيما يتعلق بوفاة عثمان، لتأمين عدد كبير من الأتباع، سار علي نحو سوريا لمواجهة معاوية، واشتبكت القوتان في موقع يسمى صفين (657 م).
استمر القتال لأيام، وبينما كانت جيوش الراشدين على وشك التغلب على أعدائهم، اقترح عمرو، الذي غير موقفه بعد مقتل عثمان، أن يأمر معاوية جنوده برفع صفحات القرآن على رماحهم، وهو ما فعلوه، وهو ما يرمز إلى ذلك، أنهم يرغبون في حل المسألة عن طريق التحكيم، أرسل كلا الجانبين ممثليهما للتحكيم، من الجانب الراشدي تم اختيار أبو موسى الأشعري بينما كان عمرو بن العاص يمثل جانب معاوية.
التقى الطرفان في دومة الجندل، في منتصف الطريق بين سوريا والعراق، تناقضت تفاصيل التحكيم، لكن الواضح أن مقتل عثمان كان غير عادل، ومن دهاء عمرو بن العاص أنّه أجبر أبو موسى الأشعري للتنديد بعلي من الخلافة، حيث اتفق الطرفان على عدم اختيار علي ومعاوية وبدأ التحكيم، وقال عمرو لأبي موسى “والله لا أتقدمك وأنت أكبر سنًا مني” قال أبو موسى الأشعري “أنا أخلع علي من الحكم كما أخلع خاتمي هذا” وقال عمرو بن العاص “وأنا أثبت معوية في الحكم كما أثبت خاتمي هذا بيدي”.
بعد حادثة التحكيم أصبح موقف معاوية أقوى بينما دبت الفتنة في صفوف علي بن أبي طالب وتمرد الخوارج ضد الخليفة علي بن أبي طالب وقتلوه غدرًا وهو يقوم بالصلاة بالمسلمين في مسجد الكوفة في الحادي والعشرين من رمضان من السنة الأربعون للهجرة.
لم يطلب معاوية الحكم من علي ولم يقل بأنّه أحق منه بالخلافة بل كان يركز على أمر القصاص لابن عمه الخليفة عثمان بن عفان، حيث كان يحمل قميص ابن عمه الملطخ بالدماء ويقول الخلافة ليست مقصدي بل مقصدي القصاص لخليفة عمر بن الخطاب ابن عمي عثمان بن عفان.
كانت خسائر الطرفين في المعركة كثيرة فقد قُتل طلحة بن عبيد الله فمنهم من قال قتل في ظهره ومنهم من قال قتل نحرًا وعندما رآه عليًا مقتولا أتى ليمسح التراب عنه وبقي علي يبكي بسبب هذه المجزرة التي حدثت فلم يقتصر الأمر على طلحة بن عبيد الله فقد قتل ابن عمة رسول الله الزبير بن العوام وعندما أتى قاتل الزبير لابن عم الرسول علي كان بباله أن يحظى بسيف الزبير أو بعض الغنيمة لأجل فعلته، ولكن علي بن أبي طالب قال “بشروا قاتل ابن صفية النار ولم يأذن له بالدخول إليه.