تبدلت الأساليب المستخدمة في التخطيط الحضري وإدارة الأنشطة الحضرية، وذلك بطريقة مختلفة تماماً عن الفترة الماضية، حيث أصبحت المشاكل الحضرية أكثر وضوحاً مما سبق، ولم تَعُد المدينة فقد قطعة من الأرض، يسكن عليها الناس وتقام عليها المساكن والمصانع والمتاجر وأماكن الترفيه.
الاقتصاد الحضري:
أصبحت المدينة تعرف في نظام حي يعيش فيها أناس دائم الحركة تتوفر فيها جميع أنواع مكونات الحياة الإنسانية والجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. ويهتم علماء الاقتصاد بالبحث في المشاكل الحضارية ومدى علاقتها بالاقتصاد المكاني حيث أصبح الاقتصاد الحضري يُشكّل جزء أساسي للكثير من الدراسات الأكاديمية في الحقول الجغرافية وعلم الاجتماع، وتخطيط المدن والتنمية المستدامة.
كما يمكن معالجة القضايا والمشاكل التي تتعلق بالمدن الاقتصادية الحضرية، وذلك من خلال علم الاقتصاد الإقليمي والحضري، وتُعَد المدن الحضرية عبارة عن أقاليم ومناطق إدارية ضمن القطر أو الدولة الواحدة وتتمتع بالخصوصية.
يمتاز الاقتصاد الحضري بمجموعة من القضايا والمشاكل المتعلقة في المدن والمناطق الحضرية، والتي نتجت عن سرعة النمو والتحضر، كما ركز علم الاقتصاد الحضري على العلاقات والأنشطة الاقتصادية التي تتأثر بمجموعة من الخصائص المكانية في المدينة الحضرية التي تؤثر فيها حجم المدينة وكثافتها السكانية وهيكلتها العمرانية ونمط استعمال الأراضي فيها.
وإنّ التغيرات في الخصائص التي تتعلق بالمكان والتي تتأثر بالنتائج السريعة والمستمرة،، فإن علم الاقتصاد الحضري يقوم على دراسة عوامل قوة الجذب والطرد للأنشطة الاقتصادية والسكان التي تعمل في دورها على النمو والانكماش في المناطق والمدن الحضرية.
الاقتصاد الحضري لا يهتم بتحليل فقط النظام المكاني الحضري يتعدى ذلك ليصل إلى المعرفة باتجاه التغيير والتنمية في المناطق الحضرية، ومن أهم القضايا التي تناولها علم الاقتصاد الحضري هو حجم المدينة الأمثل وعوامل تركز السكان في المدينة والأنشطة الاقتصادية في المدينة الحضارية وعوامل النمو والانكماش في المناطق الحضرية والمشاكل التي تترتب على العوامل في المناطق الحضرية، مثل مشكلة النقل والبيئة والسكان.
وبالتالي فإن علم الاقتصاد الحضري لا يتعامل مع المدينة الحضرية كونها مجموعة من المباني والطرق بل يتعامل معها على أنها خلايا حية تنمو وتنكمش وتزدهر وتندثر تتعافى وتمرض.
ما هو علم الاقتصاد الحضري؟
علم الاقتصاد الحضري: هو فرع مهم من فروع علم الاقتصاد الحديث، الذي يهتم بطريقة التوزيع الجغرافي للفعاليات والأنشطة الاقتصادية على المستوى القومي أو الإقليمي أو المحلي، ويعد المستوى المحلي هو الأهم والأكثر أهمية بين هذه المستويات؛ لما له من تأثيرات حضارية معاصرة، تتميز بتسارع النمو في معدلات التمدن والتحضر وتضخم المدن.
مفهوم الاقتصاد الحضري هو المسيطر على باقي الفروع، على الرغم من انتشار والاهتمام المتزايد في موضوع علم الاقتصاد الحضري، لكن إلى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق حول حدود نطاق علم الاقتصاد الحضري وذلك بسبب ثلاثة أسباب هي:
1- عدم إمكانية دراسة الاقتصاد الحضري تبعاً للمفهوم الاقتصادي المجرد؛ لأنه يمكن التركيز على الوجوه الاقتصادية فقط دون الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد التاريخية والسياسية والاجتماعية والتخطيطية للأنشطة الحضارية.
2- أغلب المدن تُشكّل جزء من نظام اقتصادي كبير، ولها دور هام في النشاطات الإقليمية وإنّ اغلب المدن الكبرى تؤثر على الاقتصاد القومي، ممَّا ينتج عنه أنه لا يمكن معالجة الكثير من المشاكل الحضرية بمعزل عن الظروف المحيطة.
3- عدم إمكانية ضبط الحدود المادية للاقتصادات الحضرية بشكل خاص التي ترتبط بالمحيط الإقليمي، وهناك العديد من المحاولات التي حاولت تعريف علم الاقتصاد الحضري، منها:
تعريف العالم “ماكينه“: والذي يرى أنّ الاقتصاد الحضري هو تطبيق التحليلات الاقتصادية من خلال معلومات متطورة لها علاقة بالمشاكل الحضرية.
العالم “هوف نورسي”: حيث قام بالتمييز بين الاقتصاد الإقليمي والاقتصاد الحضري واقتصاد القطاع العام الحضري، الأمر الذي بني عليه اعتبار الاقتصاد الحضري، وركز على الاهتمام في التحليلات المكانية والأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المدن.
وهي تعتبر محاولة نظامية لتطبيق المبادئ الاقتصادية من أجل حل المشكلات الحضرية بطريقة اقتصادية حضارية، والمبادئ الاقتصادية الحضرية، والتي تُعَد تطبيق لمجموعة من الاستنتاجات المنطقية التي تقوم على تفسير السلوك الإنساني الموجودين في المدينة الحضرية.
وبالتالي فإنَّ تعريف العالم “نورتي” كان غير مقنع وغير منطقي إلى حد ما، ولكن يعتبر أفضل التعاريف الموجودة وبالتالي فإن علم الاقتصاد الحضري هو علم غير كامل حيث تتميز بالوفرات الخارجية الواسعة الانتشار أي الكلف والمنافع التي لا تنعكس على أسعار السلع، مما يترتب عليه صعوبة تخطيط الموارد الاقتصادية بصورة كاملة.