مقارنة بين الاقتصاد في الريف والاقتصاد في المدينة الحضرية

اقرأ في هذا المقال


اهتم علماء الاجتماع والجغرافيا والاقتصاد في بيان مفهوم المجتمعات الريفية والخصائص المتعلقة بها والقضايا التي تتعلق بها وما يميزها عن المجتمعات الحضرية عبر الزمن.

مقارنة بين الاقتصاد في الريف والاقتصاد في المدينة الحضرية:

يُعد ابن خلدون أول من أشار إلى الاختلاف بين المجتمعين، المجتمع الريفي والمجتمع البدوي والذي تغلب عليه طابع البداوة على المجتمع الآخر والمجتمع الحضري، والعالم الفرنسي إميل دور كايم قام بتحديد العلاقات الاجتماعية في المجتمع الريفي بأنها علاقات متماسكة ومترابطة، من حيث التعامل بين الأفراد والعلاقات في المجتمع الحضري تكون ذات طابع عضوي وبسيط ويعتمد فيها على المنافع المتبادلة.
كما قام العالم الألماني فرديناند تونيز بالتمييز بين الاختلافات في المجتمع الريفي الذي يتسم بالطابع العائلي والمجتمع الحضري الذي يسود فيه الطابع الرسمي أو العقائدي، وبالتالي نجد أنّ المجتمع الريفي كان منذ زمن بعيد موضوع مقارنة مع المجتمع الحضري.
حيث أنّ هذه المقارنة لها قيمتها في مختلف الدراسات الاجتماعية والاقتصادية، التي ترتب عليها زيادة المعرفة المتعلقة بطبيعة وأسلوب الحياة الاجتماعية والاقتصادية لكل من هذين المجتمعين، من خلال توضيح الطريقة العامة عن المجتمع الريفي.
وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتعريف المجتمع الريفي تعريف إحصائي، يقوم على أساس أنّ المجتمع الريفي يقل عدد سكانه عن 2500 نسمة، أما إذا زاد حجم السكان عن ذلك العدد فهو مجتمع غير ريفي، بينما تعتمد بعض الدول الغربية تعريف آخر يقوم على أساس التقسيم الاقتصادي للمهن في الأعمال الاقتصادية، ويقوم التقسيم على ثلاثة أقسام هي الصناعة الأولية والصناعات التحويلية والمهنية الحرة.
وبناءً على ذلك تم اعتبار المجتمعات التي يعتمد سكانها في الغالب على الصناعات الأولية في حياتها هي المجتمعات الريفية، وبالرغم من أنّ هذا التعريف لا يستند إلى معيار عدد السكان إلا أنه يعتمد على نوع النشاط الاقتصادي الذي يتبعه المجتمع الريفي.
المجتمع الريفي يكون قليل السكان نسبياً وهناك العديد من البلدان الأفريقية والآسيوية التي تُعدّ من المجتمعات الريفية وهي المجتمعات التي يعمل سكانها في الزراعة وحدها، ومن التعريفات السابقة يمكن الوصول إلى مجموعة من الخصائص للمجتمع الريفي، حيث أنه مجتمع يرتبط أفراده بالعلاقات الاجتماعية والعائلية المتماسكة وهو مجتمع صغير الحجم يتميز بعدد قليل من السكان، والمجتمع الحضري يكون الاقتصاد هو أساساً يعتمد على النشاط الزراعي وتمتد جذوره ونشأته من المجتمع الريفي.
منذ زمن بعيد أدى اكتشاف الزراعة إلى تغيير نمط معيشة الإنسان، وانتقل من حياة الكهوف إلى حياة السكن عندما أصبح منتجاً للغذاء من الأرض التي يزرعها وبني مسكنه فيها، وبالتالي من نشاط القرية تكونت المجتمعات الريفية.
في وقت الاكتشافات الزراعية أدى ذلك إلى ظهور القرية، فأدى إلى اكتشاف التجارة والنشاط الاقتصادي مما أدى إلى ظهور المدينة الحضرية، حيث أدت بالتالي إلى زيادة الإنتاج والعمل على تبادل المنتجات.
ظهرت طبقة التجار و من تبعهم بعد ذلك من المحاسبين والصناعيين، وتشكلت المراكز التجارية ومن ثم تحولت إلى مدن حضرية أنشئت فيها الإدارة ومن ثمَّ المحاكم والجيش الذي يقوم بحماية المدن ورعايتها، وبالتالي تولدت المستوطنات والمناطق الحضرية التي تقوم على أساس وظيفي والأنشطة التجارية والصناعية والخدمية الاجتماعية المتكاملة المكونة للمجتمعات الحضرية والمدينة الحضرية.

العلاقات الإقليمية الريفية الحضرية:

قام العديد من العلماء بتحليل العلاقات الوظيفية التي ترتبط بين الريف والحضر في المدينة لا بد لها من يَخدمها وتعتمد عليه، حيث أنها لا تستطيع أن تعيش مكتفية بذاتها معتمدة على مواردها الحضرية فقط، ولا بد أنّ يقيمها الريف، وفي الجهة المقابلة أيضاً نجد أنّ في المدينة تقوم مجموعة من الوظائف والخدمات الأساسية المهمة بدلاً من الأرياف والواقع حولها، وتتجلى أهميتها من خلال اعتبارها مكان مركزي يعتمد عليه في نشاطهم الاقتصادي والاجتماعي.
حيث تمثل المدن نقطة الالتقاء والإنتاج والاستهلاك لكل من سكان الحضر والأرياف، وبالتالي نجد هناك تفاعل وثيق بين الريف والمدينة يتكون منها مجموعة من الأفعال وردود الأفعال المتبادلة التي تنتهي بوجود مركب إقليمي متميز ينعكس على الطرفين من خلال التخصص.
ولهذا لا يمكن أن نتصور ريف بلا مدينة أو مدينة بلا ريف، كما تنوعت العلاقات المكانية بين الريف والمدينة الحضرية من عصر إلى آخر، مما أدى إلى التطور الكبير في وسائل النقل والمواصلات مع اختلافهما والاختلاف والتباين في العديد من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والخدمية، التي تعتبر العوامل الديموغرافية من خلال الهجرة الدائرة بين الريف والمدن، من أهم القضايا المستمرة والتي لها إشكالية تأثيرية متبادلة بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري.

المصدر: علم الاجتماع الحضري،سعيد ناصف،2006علم الاجتماع الحضري،صابر عبدالباقي،2010مقدمة في دراسة علم الاجتماع،ابراهيم عثمان،2018


شارك المقالة: