مكونات الشخصية الإنسانية:
الشخصية الإنسانية والأسباب التي تؤثر في بنائها، لها مكانة مهمة جداً في البحوثات الأنثربولوجية الثقافية والنفسية، وذلك من أجل التعرف إلى أجزاء هذه الشخصية، وكيفية تعايشها وتفاعلها مع البيئة المحيطة وبما يتيح نمو الشخصية وتطورها، وللشخصية محددات وعناصر وسمات، تباينت الاتجاهات والنظريات في طرحها وتحلــيلها.
إذ تطورت حقائق طابع الفرد وهي تستطيع تفسير بنائها، فكانت في بدايتها تدور حول صفات الفرد أو الخصال التي تتعلق به على الدوام، ثم تغيرت البحوثات إلى محاولة لربط هذه الخصال مع بعضها البعض لتكون طرازاً أو نمطاً معيناً، إذ يرى (ايزينك) أن فهم الشخصية يكون بمعرفة الرابطة بين نمطين هما: المتوازن والانطوائي.
ثم توجهت هذه البحوثات إلى طريق التحليل النفسي التي حدثها فرويد، والتي ركزت على مداخل التعرف على الشخصية الثالثة الذات الدنيا والأنا والأنا العليا.
وقد عمل الإنسان منذ القدم بمحاولة فهم ذاته وصفات تخص الشخصية، الأفراد التي تتعامل معهم، وتوصل إلى العديد من الطرق والطرق العلمية، لمعرفة صفات هذه الشخصية ومدى تكونها، والتي تشكل سلوك الفرد الناتج عن التفاعلات والمكونات النفسية والاجتماعية والانفعالية، وكل ما هو موروث ومكتسب والتي تميز كل شخص عن غيره، ومن مكونات الشخصية:
أ- المكونات الجسمية: لها علاقة بالشكل العام للشخص مثل اللون والطول والوزن والصحة العامة، الأداء البدني، الأمراض الجسدية، والإعاقات وأعمال الحواس وأجهزة الجسم المتعددة والمتنوعة كالأجهزة العصبيةو الدورية والغدد.
ب- المكونات العقلية: ويعني بها مكونات العقل العليا، كالذكاء العام، الاستطاعة الخاصة كالاستطاعة العددية واللغوية.
ج- الأجزاء الاجتماعية: ويعني بها قدرة الشخص على بناء روابط مع كثير من الأفراد، أو تكوين علاقات مع جماعات. ويكون الشخص الاجتماعي يتميز بالانبساطية وحب الآخرين، ويتميز بالثقة بالنفس، ويكون شخص محبوب من قبل الجميع.
د- الأجزاء الانفعالية: وهي التي لها علاقة بالنشاط الانفعالي الذي ينتزع، كالقرب إلى الانطواء أو الانبساط، والتقرب للاستولاء أو الميل للخنوع.
هـ- الأجزاء البيئية: وهي التي تعني العوامل التي تتوقف على البيئة التي يسكن بها الفرد وهي من المكونات تتحدد بتفاعل العوامل الفسيولوجية والبيئية، ومما لا شك فيه أن التغير الذي يحدث لأحد هذه المكونات نتيجة العوامل الفسيولوجية والاجتماعية، يوثر بدوره في تكوين الشخصية، مما يؤكد عملية تفاعل تلك المكونات وتأثيرها ببعضها، مما يؤكد بدوره فكرة التكافل الديناميكية بينها.
إن شخصية الإنسان تنمو وتتقدم من نواحيها المختلفة والمتنوعة، داخل المجال الثقافي الذي تكونت فيه، وتعيش وتتفاعل معه حتى تتكامل وتكتسب الأشكال الفكرية، التي تسهل تعايش الشخص وارتباطه بميحطه الاجتماعي العام.
وليس هناك شك أن الثقافة مسؤولة عن القدر الأكبر من خصوصية أية شخصية وقد عملت جهود كثيرة من قبل العلماء والباحثين لدراسة شخصية الإنسان ومكوناتها، من سمات وخصائص وقيم، واتجاهات متضمنة في شخصية الإنسان الحديث.
ويرى لينتيون أن كل مجتمع يتضمن على الأقل شخصيتين؛ إحداهما أساسية والأخرى وظيفية، فالشخصية الأساسية مجردة، وتتمثل في كل ما هو عام ومشترك بين أفراد المجتمع، كأنماط السلوك وطرق الاستجابة والقيم المشتركة.
وهذه الشخصية هي التي تمنح القدرة للعلماء من معرفة كل مجتمع، وما يميزه عن غيره من المجتمعات أما الشخصية الوظيفية فترتبط بالوضع والدور، إنها شخصية مادية محسوسة ذات طابع متعدد، فالحياة الاجتماعية يمكن تشبيهها بخشبة المسرح تتناوب عليها الفرق المسرحية، لكن كل فرد يقوم بدوره لكن هذا الدور قابل للتغير.
أي أن الشخصية الوظيفية لها علاقة بدرجة تقدم المجتمع، وبتقسيم العمل داخله، ومهمتها الأساسية السهر على حسن سير الحياة الاجتماعية بشكل يسمح باستيعاب مختلف الوظائف والأدوار التي يقوم بها الأشخاص في الحياة الاجتماعية.
خصائص الشخصية الإنسانية:
وبالاعتماد على ما سبق، يمكن التحدث بأن الشخصية الإنسانية تتصف بالخصائص الآتية:
أ- النمو والتكامل: فالشخصية تنمو وتتقدم في وحدة متكاملة، وذلك بواسطة تآزر صفات هذه الشخصية ومهاراتها، وعملها بشكل مستمر ومتفاعل مع مواقف الحياة المختلفة، ولا سيما تفاعل الإنسان مع بيئته وأنماط التنشئة الاجتماعية المتنوعة التي يتعرض لها، وبالتالي استجابة هذه الشخصية بأجزائها الكاملة، في أثناء التعامل مع هذه المواقف المتنوعة.
ب- الهوية الشخصية: وتعني شعور الشخص بأنّه هو نفسه، وإن حدثت لـه اختلافات جسمية ونفسية، عبر مراحله المتعددة فمن طبيعة الإنسان أن يتغير ويتبدل من يوم إلى آخر، بحكم قانون التطور، والذي يضم نواحي الشخصية كافة، من بداية الحياة وحتى نهايتها. غير أ ن هويته الأساسية ثابتة.