الملوك الفراعنة أوسر كاف وخوفو

اقرأ في هذا المقال


ملوك الأسرة الخامسة للفراعنة:

تمكّن كهنة الشمس في السيطرة على الملك وانتهى ذلك الصراع بزوال الأسرة الرابعة وسار العرش إلى بيت حاكم آخر. وفي حقيقة الأمر لا تمدنا الآثار بمعلومات كافية عن هذا التغيير فنرى أنَّ (أوسر‏ كاف)، أول ملوك هذه الأسرة قد ترك منطقة أبو صير وذهب إلى منطقة سقارة واختار مكاناً قريباً من الهرم المدرج، ولكن مجموعته الهرمية وما عثر عليه من نقوش معبده لا تختلف عن أهرام ونقوش الأسرة الرابعة،‏ في شيء ذي أهمية.

ولسنا نعرف شيئاً عن أصل ‏ (أوسر كاف)،‏ أو صلته بكهنة الشمس وإنّ كان من المُحتمل أنه كان يتولى حكماً كبيراً في معبد الشمس وتمكن بمعونة الكهنة أنّ يسير إلى العرش ويتزوج (خنتكاوس)، ليصبح جلوسه على العرش شرعياً في نظر الشعب. وسواء أكان ذلك صحيحاً أو كان رجماً بالغيب فإنَّ الحقيقة التي لا يمكن التشكك فيها هو أنَّ (خنتكاوس)، كانت أما لملكين حكم كل منها عرش البلاد واحد بعد الآخر ‏ وهناك شبه إجماع بين المؤرخين على الرأي القائل بأنهما الملكان اللذان جاءا بعد (أوسر كاف) وهما (ساحورع)‏ و‏ (نفر إر كارع).

لم يكن سير الملك على هذه الصورة أمرأً فيه سهولة لا يترك أثراً بين المصريين، سببت تلك الحوادث هزة كُبرى لم يكن لمصر عهد بها من قبل. إذ كانت بداية لزعزعة سلطة الجالس على العرش ومن السهل علينا أنّ نتصور أنَّ تلك الحوادث جرت انقساماً في الآراء، وأنَّ كلا من الحزبين المُتنازعين أخذ يبذل كل ما في جهده لتأييد وجهة نظره والتغلب على حجج غيره.

وفي هذه الفترة النزاع روج كهنة الشمس بين الناس قصة طويلة وصلت إلينا في أحد قراطيس البردي التي كتبت في الدولة الوسطى، ألفوها ونسبوا حوادثها إلى عصر خوفو وجعلوها تتضمن أسماء بعض الملوك السابقين الذين لم يكن لهم الشعب احتراماً وتقديراً، مثل زوسر وسنفرو وخوفو، ليعطوها أهمية خاصة.

قصة الملك خوفو والسحرة:

تتلخص قصة خوفو والسحرة (أو بردية وستكار) في أنَّ الملك خوفو جمع يوماً من الأيام أولاده وطلب من كل منهم أنّ يقص عليه قصة عما يستطيع السحرة أنّ يأتوه من معجزات، وبدأ أولهم بقصة عن زوسر (لم يحفظ منها إلا كلمات من خاتمتها) وتلاه آخر بقصة من عهد الملك نبكا وثالث بقصة عن الملك سنفرو.

لم تكن تلك القصة إلا مقدمة أو تمهيد فقط لِمَا سيأتي بعد ذلك،‏ إذ يقول أحد أبناء خوفو لأبيه إنه يعيش في أيامه ساحر عظيم يستطيع أنّ يأتي بالمعجزات، فيرسله أبوه ليأتي من بلده ويقوم الساحر ببعض المعجزات أمام الملك ومنها إعادة الحياة لبعض الحيوانات بعد ذبحها وفصل رأسها عن جسدها. ثم يطلب خوفو من ذلك الساحر أمراً فيرد عليه بأنه لا يستطيع ولكن الذي يمكنه القيام بذلك هو أكبر أطفال ثلاثة في بطن زوجة لكاهن حملت بهن من الإله رع نفس وأنَّ الإله رع أخبرها بأنهم سيتولون عرش البلاد وأنَّ أكبرهم سيكون الكاهن الأعظم في مدينة (إيون)، أي هليويوليس.

وينزعج خوفو ولكن الساحر يطمئنه بأنَّ ذلك لن يكون قريباً وأنه لن يحدث في عهده، وأنَّ ابنه سيحكم من بعده ثم يحكم ابن ابنه، ثم يأتي بعد ذلك واحد منهم. وتستمر القصة فتذكر حمل زوجة الكاهن وما تلا ذلك من ظهور عجائب ومعجزات وكيف حضرت آلهات الولادة مولدهن إلى آخر القصة.

وليس من الممكن القول ما إذا كان النص الذي وصل وهو من عهد الدولة الوسطى، هو صورة منقولة عن النص القديم الذي وضع في عهد الأسرة الخامسة كدعاية سياسية لتلك الأسرة أم دخل عليه شيء من التغيير مع مرور الزمن، إذ لم يتم الشعور حتى الآن على أي أثر من عهد الأسرة الخامسة عليه رسم أو كتابة تشير إليها.

أما الأهداف الذي كان يرمي إليه واضع القصة فهو إقناع الناس بأنَّ استيلاء كهنة الشمس على عرش البلاد إنما كان شيئاً مُقدراً مُنذ عهد بعيد وأنَّ هؤلاء الذين جلسوا على العرش ولم يكن يجري فيهم الدم الإلهي الملكي إنما كانوا خيراً ممن سبقهم من الملوك، لأنهم كانوا أبناء الإله رع من صلبه.


شارك المقالة: