دخل أبو قتادة إلى الإسلام وهو صغير، كما أنّه شهد مع الرسول محمد -عليه السلام- أغلب الغزوات، روى أبو قتادة 170 حديث عن النبي محمد، كما أنّه روى عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، أمّا من روى عنه فهما ابناه عبد الله وثابت، كذلك مولاه نافع بن عباس وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله ومعبد بن كعب بن مالك، وغيرهم.
من هو أبو قتادة الأنصاري؟
أبو قتادة، هو الحارث بن ربعي بن رافع الأنصاري كبير من كبار أنصار وأصحاب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، كان أبو قتادة فارس من الفرسان البواسل في جند الرسول محمد، إذ لُقّب بفارس رسول الله وقد قام بالمشاركة في جميع الغزوات والسرايا في زمن الرسول محمد، كما أنّه حضر مع الإمام علي بن أبي طالب في معركة الجمل وصفين والنهروان، قام أبو قتادة بالرواية عن النبي محمد وجماعة آخرين من الصحابة.
اختلفت آراء المؤرخين في اسم أبو قتادة، البعض يقول أنّ اسمه النعمان والبعض الآخر يقول عمرو، أمّا نسب والده فهو ربعي بن بلدمة أو تلذمة بن خناس بن سنان بن عبيد بن عدي بن غُنْم بن كعب بن سلمة، والدته فهي كبشة بنت مطهر بن حرام بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، روي أنّ النبي محمد قد اعتبره خير فرسانه في غزوة الغابة، التي قَتل فيها أبو قتادة مسعدةً انتقاماً لمحرز بن نضلة.
شارك أبو قتادة في أغلب الغزوات والسرايا، إلّا أنّ غزوة بدر لم يكن عليها إجماع بأنّ أبا قتادة قد حضرها، يرى ابن الأثير إلى أنّه قام بملازمة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- في جميع غزواته ومنها غزوة بدر، كما روى الطبراني أنّ أبا قتادة كان يحرس النبي محمد في الليلة التي نشبت في غدها غزوة بدر، هناك إجماع على مشاركته النبي في غزوة أحد والغزوات التي تلتها.
حتى قيل أنّه أراد الهجوم على قريش عندما غضب لمِا أصاب النبي محمد من حزن كبير في غزوة أحد، ذلك بسبب تصرفات الأعداء وسلوكهم وتمثيلهم بشهداء الإسلام، إلا أنّ النبي منعه من ذلك ودعاه إلى التؤدة والحلم. مهمته الخاصة، جعل رسول الله أبا قتادة في السنة الثامنة للهجرة أميراً على سرية خضرة في شهر شعبان إلى ناحية غطفان، كذلك قام بإرساله بسرية إلى بطن إضم .
أبا قتادة في عهد الخلفاء الراشدين:
كان أبو قتادة بعد أن توفي رسول الله محمد في جيش خالد بن الوليد خلال الحادثة التي أدت إلى وفاة مالك بن نويرة قتلاً، عندما فهم ما قام خالد بن الوليد بارتكابه من اعتداء، قام بالذهاب إلى إلى أبي بكر الصديق وأقسم بألاّ يخرج ثانية للحرب والجهاد تحت راية خالد بن الوليد، فقد حظي موقفه هذا باهتمام في كتب الكلام للإماميّة مثل الشافي للشريف المرتضى.
كان لأبي قتادة دور مهم في فتح إيران في عهد عمر بن الخطاب، أما في عهد الإمام علي بن أبي طالب فقد كان أبو قتادة من الموالين للإمام علي -عليه السلام-، كذلك المدافعين عنه وعن إمامته، في عهده شارك معه في معركة الجمل وصفين، كان من جملة فرسانه المرافقين له في واقعة الجمل حين دخول الإمام البصرة، كما كان من قادة جنده في حربه مع الخوارج، كان يتولى قيادة الرجالة، كما ولِّي أميراً على مكة لفترة في عهد الإمام علي بن أبي طالب.
قال العديد من المؤرخون أنَّ معاوية بن أبي سفيان عندما وصل المدينة لقيه أبو قتادة، فقال معاوية: “تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار، فما منعكم؟ قالوا: لم يكن لنا دواب، فقال معاوية معرضاً بهم ومعيراً لهم أنّهم كانوا مزارعين: فأين النواضح وهو الإبل التي تُسقى بها الأراضي، فأجابه أبو قتادة: عقرناها في طلب أبيك يوم بدر، إنَّ رسول الله قال لنا: “إنّكم ستلقون بعدي أثرة”، قال معاوية: فما أمركم؟ قال: أمرنا أن نصبر. قال: فاصبروا”.
قيل أنّ أبا قتادة في يوم من الأيام كان يقوم بغسل رأسه، فقام بغسل شقّ واحد منه، ثمّ سمع صوت صهيل فرسه حرب، فعلم بقربها فخرج إلى النبي محمد ولم يقم بإكمال غسل شقّ رأسه الثاني، مضى مع النبي إلى قصده ويروي أبو قتادة أنّ النبي دعا له في يوم النزال، أن يبارك الله له في بشره وشعره، يقضي الله أن يجيب دعوة نبيّه، فمات أبو قتادة عن عمر السبعين وكأنّه ابن خمس عشرة سنةً.